«عصر ذهبي» للشراكة الاقتصادية بين الصين وبريطانيا

  • 10/19/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بينما تدخل الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وبريطانيا عقدها الثاني، يبدأ الرئيس الصيني شي جينبينج زيارة إلى بريطانيا يتوقع أن تركز على علاقات اقتصادية مثمرة مواتية لقيام "عصر ذهبي" بين البلدين. ومن المنتظر أن تؤدي تلك الزيارة التي تستمر لمدة أربعة أيام إلى دفع وتنشيط شراكات صينية- أوروبية عمرها 40 عاما في وقت يستهل فيه الجانبان رحلة جديدة على أساس توافق في السلام والنمو والإصلاح. وفي وقت تدخل فيه الإصلاحات الصينية عاماً حاسماً، وتضع الصين خلالها خطتها الخمسية الـ13، سيغتنم الزعيم الصيني هذه الزيارة كفرصة لمواصلة التأكيد على التنمية الصينية المستدامة والتصميم على سياسة الإصلاح والانفتاح. ويبدو أن هناك كثيرا من النقاط الإيجابية التي تجمع بين البلدين، فالصين الدولة العملاقة الغنية التي لديها تطلعات دولية كبيرة وبريطانيا المركز المالي الذي يطمح إلى الحصول على استثمارات الطرف الآخر. وبحسب "الفرنسية"، فإنه من المنتظر توقيع اتفاقات اقتصادية وثقافية، وسيكون شي جينبينج محاطا بوفد من الرسميين والماليين وأرباب العمل وقد يكون في عدادهم جاك ما مؤسس العملاق الصيني للتجارة الإلكترونية "علي بابا". وتعد زيارة جينبينج الأولى منذ عشر سنوات حيث يتوقع أن تكرس "عصرا ذهبيا من العلاقات" كما يؤكد مسؤولو البلدين بابتهاج، وقال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني "إن بلاده تشجع الاستثمار" مشيراً إلى أن الصين تستثمر بشكل أكبر في بريطانيا وفي البلدان الأوروبية الأخرى. وأضاف كاميرون في مقابلة للتلفزيون الصيني أنها "ستكون لحظة مهمة جدا للعلاقات البريطانية الصينية التي في حالة طيبة للغاية، شيء من عهد ذهبي في علاقتنا"، مشيراً إلى أن "التغيير الذي سنراه هو بوضوح الاستثمار في بنيتنا الأساسية والشركات الصينية التي توظف أشخاصا وتوفر وظائف، لكني أعتقد أن إمكانية الوصول إلى بلد من الأعضاء البارزين في الاتحاد الأوروبي وله اتصالات وأدوار كثيرة جدا أخرى في العالم ستكون مكسبا كبيرا للصين أيضا". وتسعى حكومة حزب المحافظين بزعامة كاميرون إلى إعادة التفاوض على شروط عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي وستدعو إلى استفتاء بحلول نهاية 2017 بشأن ما إذا كانت ستبقى أم تنسحب من الاتحاد. ويقول دبلوماسيون "إن بكين تشعر بقلق من تأثير خروج بريطانيا وهي مدافع قوي عن التجارة الحرة من الاتحاد الأوروبي ومن أي ضعف في كتلة تعتبرها قوة توازن عالمية مهمة أمام الولايات المتحدة". في المقابل، أكد ليو شياومينج السفير الصيني في لندن أن المملكة المتحدة بصدد أن تصبح رائدة في أوروبا وفي كل الغرب فيما يتعلق بالعلاقات مع بلاده. ورأى إيفان تسيليشتشيف أستاذ الاقتصاد المتخصص في شؤون آسيا أن ذلك يعود إلى أن المملكة المتحدة هي البلد الأوروبي الوحيد الذي يبدي إرادة سياسية حقيقية في جذب المال الصيني إلى مشاريع في البنى التحتية، وتثمن بشكل أوسع علاقاتها الاقتصادية مع بكين ربما أكثر من أي بلد متطور آخر. وتقوم صناديق سيادية وشركات تابعة للدولة ومجموعات كونسورسيوم خاصة صينية بشراء شركات بريطانية أو أراض وتؤسس شركات مختلطة مع شركاء محليين أو حتى تنطلق بمفردها في الجزيرة لتشكل رأس جسر لتنمية أوروبية لاحقة. ويشير مايكل جيسترين المحلل الاقتصادي لدى منظمة التعاون والتنمية في أوروبا إلى أن الصينيين مولوا بنحو 70 مليار دولار عمليات اندماج وشراء منذ 2008، مضيفاً أن "المملكة المتحدة هي الوجهة الرئيسية للاستثمارات الصينية منذ عشر سنوات باستثناء هونج كونج". وبعض عمليات الشراء كانت لافتة رمزيا مثل شراء شركة صنع سيارات التاكسي في لندن، وأهمها تحقق أيضا في البنى التحتية. وقد يستثمر الصينيون في هذا القطاع نحو 105 مليارات جنيه استرليني (141 مليار يورو) بين 2015 و2025 خاصة في مجال الطاقة والعقارات والنقل كما قالت داناي كيرياكوبولو من مركز الأبحاث الاقتصادية والتجارة في لندن، التي شاركت في إعداد تقرير حول الموضوع. فيما أوضحت كيرياكوبولو أن الاستثمار في البنى التحتية يقدم على أنه من الأولويات السياسية الرئيسة نظرا لعجز المملكة المتحدة الناجم عن نقص مزمن في الاستثمار، مضيفة أن "مناطق الشمال جذابة لأن الاحتياجات فيها صارخة والصينيون موجودون فيها أصلا، فهم يسهمون على سبيل المثال في تطوير مطار مانشستر الذي سيغادر منه الرئيس الصيني الجمعة بعد أن يزور نادي كرة القدم في مانشستر سيتي". وإشارة إلى الاحتياجات البريطانية فيما يتعلق بوسائل النقل، أطلق جورج أوزبرن وزير المالية البريطاني أخيرا من الصين ثاني مزود لبريطانيا استدراج عروض عملاق لأشغال تحضيرية لبناء خط سكك حديد للقطارات السريعة سيربط لندن بشمال إنجلترا. وقال أوزبرن "إن بريطانيا ترحب بمشاركة الصين في بناء برامجها النووية الجديدة"، مشيراً بشكل خاص إلى بناء وتشغيل برنامج هيكلي بوينت، حيث تريد بريطانيا أن تجعله منصة لتعاون رأس المال الصيني والتكنولوجيا الفرنسية والسوق البريطانية، وإذا تم تنفيذ ذلك، فستكون المرة الأولى التي تستثمر فيها الصين في صناعة نووية غربية. وقد يتم توقيع اتفاق مهم في المجال النووي إذا وافق الشركاء الصينيون في شركة الكهرباء الفرنسية العملاقة "آي ديه إف" على المشاركة في بناء محطة هينكلي بوينت سي في الجنوب الغربي. إلى ذلك، تعتزم بكين الاستفادة من الزيارة في تسجيل خطوات ثابتة في المركز المالي اللندني ما يشكل وسيلة مثالية لتحقيق طموحها في تدويل عملتها الرنمينبي، ومن بين الاتفاقات المحتملة على الصعيد المالي إطلاق أول إصدار للدين السيادي الصيني بالرنمينبي في لندن واتفاق مع بورصة لندن للمعادن حول المشروع الصيني لطريق "حرير جديدة" عبر آسيا. وتحركت الحكومة البريطانية بقوة لتعزيز العلاقات المالية مع بكين، وفي وقت سابق من العام الجاري خالفت الولايات المتحدة أوثق حلفائها بالتوقيع كعضو مؤسس لبنك الصين للاستثمار في البنية الأساسية. وأوضح كاميرون أن صادرات بريطانيا للصين زادات أربعة أمثالها خلال السنوات العشر الأخيرة، ونحى جانبا مخاوف من التباطؤ الحالي في النمو الاقتصادي الصيني، معرباً عن أمله في معالجة الصين القضايا المختلفة، "وأعتقد إن النمو سيستمر". ويعتقد تشو هونج من الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أن رحلة شي، التي يزور خلالها دولة أوروبية واحدة فقط، تعتبر أمرا نادرا للغاية في تاريخ العلاقات الصينية-الأوروبية، ويظهر هذا الأهمية التي توليها الصين لعلاقاتها ببريطانيا، التي تعد دولة رئيسية في قلب الاتحاد الأوروبي. ومنذ عام 2012، وتسعى لندن إلى أن تصبح مركزا رئيسيا في الغرب لتداول اليوان الصيني، وركزت ثلاث اتفاقيات من بين 53 اتفاقية تم التوصل إليها في الحوار المالي والاقتصادي الصيني-البريطاني في أيلول (سبتمبر) هذا العام على التعاون المالي الثنائي. وفي نيسان (أبريل) الماضي، شجعت بريطانيا شركاتها ومؤسساتها المالية سواء في الداخل أو في الصين على المشاركة في مشروع السكة الحديد البريطاني "إتش إس"2.

مشاركة :