الأولمبي السعودي.. قراءة هادئة

  • 8/13/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أسدل الستار على فعاليات "دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020"، وأطفأت الشعلة الأولمبية معلنة انتهاء المنافسات الأممية، شاهدنا منافسات مثيرة في ظروف غير اعتيادية، وشاهدنا بينها مشاركات فريقنا الأولمبي، والآن وبعد أن "ركد الرميّ" أجزم أننا خرجنا بالكثير من الدروس المستفادة. بداية يجب أن نقّر بأن مستوى لاعبينا في المنافسات التي خاضوها كان باهتاً لا يمثل نموذج المملكة النهضوي الصاعد وطموحاتها وإمكاناتها الكبيرة - اللهم باستثناء الأداء البديع الذي أظهره بطل الكاراتيه طارق حامدي الذي أبى أن نعود خاوين الوفاض. شاهدنا تألق لاعبين ينتمون لدول أقل حظًا وإمكانات، كما شاهدنا لاعبين ببنى جسدية أصغر ظفروا لبلدانهم ببضع وخمسين ميدالية، ولنا في دولتي الصين واليابان خير مثال. جرت العادة بعد انقضاء مناسبات رياضية على نحو مشابه بأن ترتفع الأصوات المطالبة بالإصلاح، ثم يلي ذلك ووعود من اللجان المعنية بمعالجة الوضع، ثم تتلاشي تلك الأصوات، قبل أن تبدأ النسخة الجديدة من هذه المناسبة دون نتائج أو تحسين يذكر. لكن هذه المرة يقابل شعور الخيبة مشاعر تفاؤل تفوقها في القدر، لأسباب أهمها أننا نسير اليوم وفقًا لرؤية رسمت لنا خارطة طريق متكاملة ترتقي بعقل وصحة وغذاء الإنسان السعودي ولا ترتضي له غير الأفضل، كما أعتقد أننا تعلمنا وبشكل جليّ أن لصب جُل اهتمامنا على رياضة كرة القدم -دون غيرها من الرياضات الأخرى- تكلفة كانت يجب أن تُدفع. وهنا حقًا علينا أن نقول إنه من غير الإنصاف تحميل نتيجة هذا الأداء الأولمبي المتواضع على لاعبينا المشاركين حديثي التجربة، وبنفس القدر لا يجدر بنا تحميل وزارة الرياضة الفتيّة أو وزيرها الشغوف كامل المسؤولية عن ذلك. ولكن لعلنا نتفق أنه لم يعد اليوم هناك مجال للمزيد من المشاركات الشرفيّة. في عوالم موازية، تبدأ مهمة إعداد اللاعب الأولمبي حتى قبل ولادته، وذلك بحرص الأم على تزويد جنينها بالغذاء الصحي المتوازن، لتستمر هذه الفترة بعد الولادة ولمدة تصل لعشرين عامًا قادمة. يتخلل هذه الفترة إشراك الطفل في رياضات مختلفة في النوادي المحلية وتلمّس ميوله ونقاط قوته والاستثمار فيها وإلحاقه ببرامج اكتشاف وتطوير الموهوبين. يأتي بعد ذلك العامل الأهم؛ وهو العامل النفسي. فإعداد اللاعب "نفسيًا" لمجابهة نظرائه الدوليين لا يقل أهمية عن الإعداد البدني. ولا شك أن لزيادة خلق فرص المشاركات الدولية -بغض النظر عن حجمها - أثر كبير في كسر حاجز الرهبة. كما أن تعيين أخصائيين نفسيين وتعظيم دورهم في مرحلة إعداد اللاعب الأولمبي أمر حيوي لا يمكن تجزئته. يقول تاكايوكي سوقو، الأستاذ في جامعة أوساكا لعلوم الصحة والرياضة: "إن أفضل الرياضيين يكونون متقاربين في مهاراتهم الفنية وقوتهم البدنية؛ ما يحدث فرقًا في النهاية هو الجانب العقلي". أما ميتشييو موري، المدرب النفسي لمبارزين يابانيين فتقول: "إن الدعم النفسي المتزايد للرياضيين يجب أن يكون قد لعب دورًا في أول ذهبية لليابان على الإطلاق في المبارزة هذا العام". وأقول كيف لا ونحن نعلم كيف يؤثر الضغط النفسي سلبًا على قدرة العضلات في استقلاب السكريات التي تغذي اللاعب، وهو ما أثبتته العلوم الرصينة ومنها البحث المنشور في المجلة العلمية للطب الرياضي واللياقة البدنية (J SPORT MED PHYS FIT). وإيمانًا منها بأهمية هذا الشأن، كانت اليابان قد افتتحت في عام 2001م "المعهد الياباني لعلوم الرياضة" والذي يخدم كمركز تدريب للفرق الوطنية بالإضافة إلى توفير مساحات اجتماعية مع كبار الرياضيين، وتنظيم جلسات وحلقات دراسية منتظمة مع خبراء "الإدارة العقلية" لتقديم المشورة والدعم النفسي اللازمين. ونتيجة لذلك ازداد عدد الميداليات المحققة بشكل مطرّد حتى حققت اليابان في نسخة هذا العام رقمًا قياسيًا جديدًا بلغ 58 ميدالية. لازال طريق الإصلاح طويل ولا يروم المجد ويبلغه إلا من ثابر وصبر وأعد العدة بدنيًا وعقليًا، المهم أننا بدأنا ولا يخالجني في ذلك شك. د.م. خالد آل رشود

مشاركة :