حسن السبـع .. روائي لم يخلع عباءة الشعر

  • 8/12/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عرفت الأستاذ والشاعر حسن إبراهيم أحمد السبع في الوسط الثقافي بالمنطقة الشرقية في وقت مبكر ، وتكررت لقاءاتنا في المناسبات الثقافية والمهرجانات في الرياض ، وكان وقتها يعمل مساعداً لمدير عام بريد المنطقة الشرقية بالدمام ، إضافة لعمله بجريدة اليوم .. وجدته ضمن ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالرياض ، فدعوته لزيارة مكتبة الملك فهد الوطنية والتسجيل معه ضمن آخرين في برنامج (التاريخ الشفهي للمملكة) فرحب ، وكانت الزيارة في 19/1/1426هـ ، وعلى مدى ثلاث ساعات بدأ باستعراض مراحل حياته : مولده وطفولته وبدايات تعليمه في سيهات ثم في الدمام ليدرس في المتوسطة التجارية 1380هـ / 1960م وبعد أن أنهى فيها سنتين دراسيتين انقطع عن الدراسة ، فعاد لها مرة أخرى فحصل على الكفاءة المتوسطة (نظام ثلاث سنوات) منازل ، ثم التوجيهي عام 1384هـ / 1964م . ألتحق بجامعة الملك سعود بالرياض فحصل على بكالوريس آداب (قسم تاريخ) عام 1392هـ / 1972م . سافر إلى فرنسا فحصل على دبلوم العلوم البريدية والمالية من فرنسا (المعهد العالي للكوادر الإدارية) تولوز عام 1396هـ / 1976م . وبعد ثلاث سنوات ابتعث إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحصل على الماجستير في الإدارة العامة من جامعة انديانا عام 1984م ، وكان وقتها يعمل في الخدمة البريدية منذ حصل على الشهادة الابتدائية على وظيفة كاتب ببريد مطار الظهران من عام 1379هـ / 1959م . وتدرج في عدة وظائف حتى أصبح مساعد مدير عام البريد بالمنطقة الشرقية حتى تقاعد عام 1416هـ / 2005م . وكان يشرف على الصفحة الثقافية بجريدة اليوم ، ويكتب الشعر والمقالة الأدبية والاجتماعية في وقت مبكر ، وقد نشر انتاجه في الصحف والمجلات المحلية والعربية ، شارك في عديد من المنتديات الثقافية والأمسيات الشعرية داخل وخارج المملكة . يعتبر أحد كتّاب جريدة (اليوم) ، وأحد أعضاء أسرة تحرير مجلة (النص الجديد) وعضو بمجلس إدارة النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية – الدمام - . يعتبر من أشهر الشعراء والكتّاب الساخرين ، وقد تناول أعماله كثير من النقاد ، واعتبروا ديوان الشعر الثالث الذي أصدره النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية عام 2003م (ركلات ترجيح) من الأدب الساخر . وأذكر أنه قد كتب مقالاً في جريدة اليوم بتاريخ 12 صفر 1426هـ / 21 مارس 2005م معلقاً على زيارته للمكتبة والتسجيل معه ، بعنوان : (التوثيق بعيداً عن التزويق) وذكر أنني قد قلت بعد التسجيل : أنه قد سجل مع أكثر من 300 شخص مات أغلبهم . فقال أنه لو عرف ذلك قبل التسجيل لرفض ، ولكنه سينتظر دوره على أي حال . ذكر أنه قد صدر له ثلاثة دواوين شعر ، ونص سردي : •زيتها وسهر القناديل – مطابع البكيرية . الرياض عام 1992م . •حديقة الزمن الآتي ، الكنوز الأدبية – بيروت عام 1999م . •ركلات ترجيح ، النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية عام 2003م . •ليالي الناطفي (نص سردي يجمع بين الفنتازيا والأدب والتاريخ) مخطوط . •صدر له رواية (ليالي عنان) 2015م ، ومجموعة مقالات (كل الطرق تؤدي إلى المزرعة) 2018م . •ترجم له في (موسوعة الشخصيات السعودية) لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر وبعد أن ذكرت بعض أعماله ذكرت (( .. وله بعض الرباعيات الضاحكة التي تختص بالنقد الاجتماعي اللاذع .. )) . •واختار له الدكتور عبدالله المعيقل قصيدتي (قمر) و(حنين) في (موسوعة الأدب العربي السعودي الحديث نصوص مختارة ودراسات) مجلد الشعر واعتبره من فترة التحديث ، قال في مطلع الأولى : يا نجم أشبيلية يا قواماً تخر على ضفتيه اللغة .. ضاع مني على الدرب قلبي أبحث الآن في نظرات اللواتي يراقبن صمتي عن عيون قمر .. إلخ من ديوان (زيتها وسهر القناديل) . ترجم له في (دليل الأدباء بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية) الأمانة العامة لمجلس التعاون وقد ذكر : (( .. المؤهل : حاصل على ماجستير في الإدارة العامة ، جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية ، 1984م . دبلوم علوم بريدية ومالية ، المعهد العالي للكوادر الإدارية ، تولوز ، فرنسا 1978م . وذكر أن من أعماله : بوصلة للحب والدهشة ، آفاق للطباعة والنشر ، الدمام 2006م . له كتب تحت الطبع ، وله مشاركات كتابية كثيرة في الصحف والمجلات نقدية واجتماعية .. )) . •ترجم له الناقد الدكتور عبدالله بن حامد المعيقل في (قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية) ط1 ج2 دارة الملك عبدالعزيز – قال عنه : (( شاعر وكاتب مقالة أدبية واجتماعية ... اختير عضواً بمجلس إدارة النادي الأدبي في المنطقة الشرقية في المدة 1427-1431هـ (2006-2010م) . وذكر من أعماله ما لم يذكر : توق الفراشة إلى النجمة (نثر) – الدمام ، مطبعة الكفاح ، 2009م وقال : حسن السبع هو أحد شعراء جيل الحداثة في المملكة العربية السعودية الذين أوصلوا القصيدة السعودية إلى مستوى متطور في التجريب والرؤية والبناء اللغوي ، وهو إنجاز أصبحت معه القصيدة وثيقة الصلة بالحياة الإنسانية ومشكلاتها وأزماتها . وصار الشعر يعبر عن موقف من قضايا الإنسان المشتركة ، وقضية المبدع والفرد عامة في هذا الكون ، مما جعل التجربة الشعرية أكثر انفتاحاً على العصر ، وأكثر احتفاءً بالأسئلة المصيرية الكبرى . ويحتفظ حسن السبع بتميز خاص به ضمن هذا الجيل ، ففي ديوانه الأول (زيتها وسهر القناديل 1992م) نستطيع أن نقف على تجربة تتصف بالبكارة وبالعمق ، وبالقدرة على صياغة الفكرة بعفوية وتلقائية ، من خلال معجم شعري بدا في متناول قارئ الشعر ، ولكنه أيضاً على درجة عالية من الفنية وثيمة الانتظار ما زالت تشكل جزءاً من تجربة الشاعر في ديوانه الثاني (حديقة الزمن الآتي 1997م) من خلال المفردة نفسها ، ومفردات أخرى مثل (السهر ، القناديل) ... أما ديوان (ركلات ترجيح) فهو عبارة عن نصوص شعرية قصيرة هزلية وضاحكة ، يتركز بعضها على قول شائع ، أو مثل يكون هو محور موضوع النص . وعموماً فتجربة السبع تجمع بين القصيدة القصيرة حيث تختزل الفكرة في سطور قليلة والطويلة التي تمتد الفكرة فيها على مساحة أطول دون أن نرى ترهلاً أو تكراراً . •وقد ترجم له الأستاذ سعيد أحمد الناجي في (معجم أعلام القطيف)، كما ترجم له الأستاذ سعود الفرج في (شعراء مبدعون من الجزيرة والخليج) وقالا عنه : (( .. يعد الأستاذ حسن السبع من الأدباء البارزين الذين تبوأوا مكانة مرموقة عرفت بالأصالة والقدرة الفنية والعطاء المتميز ، وقد استطاع هذا الكاتب أن يثري الساحة الأدبية بانتاجه المتواصل عبر الصحافة ... وهو أديب متمكن شغوف بالإبداع الأدبي المتمثل في القصيدة والمقالة المترجمة من اللغة الفرنسية لأعلام الأدباء الغرب ، إضافة إلى كونه ناقد واسع الإطلاع قوي العبارة سهل اللغة ، فأسلوبه سهل ممتنع يمتاز بالدعابة والفكاهة ، وصفه الأديب والكاتب المعروف الأستاذ محمد العلي بالشاعر الضاحك ، وهو كذلك ففي قصيدة (متاعب مهنة) كان يقول : دعني ألملم أوراقي وقرطاسي وأخبر الناس عن غلبي وإفلاسي وأنتقي من بحور الشعر قافية تخفف الآن من غلواء وسواسي ـــــــــــــ ـــــــــــــ تمضي السنون ووحدي قابع أبداً مكائن الفرز والأكياس جلاسي لا زرت روما ولا شاهدت أنقرة ولا تجولت في أحياء تكساس عوضت عنها بأكياس محملة مثل الجثام أناخت فوق أنفاسي جاءت من الهند تسعى نحو فارزها من راح يضرب أخماساً بأسداسِ زرق المظاريف قد قدت جوانبها قرطاسها خامة من غير قرطاسِ به من الفلفل المسحوق رائحةٌ تهدي السلام لسعال وعطّاس أبغي الفرار ولكن لا أفوز به كأنني واقع في كف نخّــــاس •وترجم له في (معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين) واختير له قصيدتا (رصيفها) و(انطفاءات اللون) . •وبعد وفاته – رحمه الله – أصدر الأستاذ حسين الجفال كتاب (تتلوىّ كاف التشبيه) دراسات في تجربة حسن السبع ، 2018م ، كتب المقدمة ، ودراسات نقدية لكل من الأكاديميين : فهد حسين ، وميساء الخواجا ، وسعد البازعي ، ومحمد حبيبي . يقول الناقد البحريني الدكتور فهد حسين عن روايته (ليالي عنان) أن الذهاب إلى الماضي في الرواية لم يكن هروباً من الحاضر إلا لكي يرى ما قد علق على جدار التاريخ من أحداث وقضايا كانت لا تزال باقية ، وكيفية النظر إليها ومدى حضورها الذي يؤثر في بنية التفكير والذهنية والتطلع . كما يخلص إلى أن الكاتب حسن السبع امتاز بكتابة سردية في الرواية تميل إلى الثقافة والمثاقفة ، وتفنن في استحضار عديد من النصوص والجمل والأقوال والأشعار العربية والأجنبية التي تدل على ثقافة واسعة ، وأنه استطاع العوم في بحر الرواية وفنياتها وتقنياتها ، ولكنه لم يخرج من دائرة الشعر وسطوته عليه ... إلخ . أما الناقدة الدكتور ميساء الخواجا فقد اعتبرت في دراستها التي تناولت فيها مجموعة (ركلات ترجيح) .. على أن الشاعر كان صاحب رؤية ووعي عميقين بطبيعة هذا الأدب وأهمية دوره ... وتؤكد على أن السبع كان يعي هذا الدور الانتقادي للأدب الساخر ، وأن الضحك يمكن أن يقدم ما لا يمكن أن يقدمه الأدب الجاد ، وأن يكون أكثر وصولاً إلى المتلقين .. إلخ . أما الناقد الدكتور سعد البازعي .. فقد بين كيف اتسع شعر السبع للرؤية الكوميدية الساخرة من جانب ، وللمواقف الإنسانية المأساوية من جانب آخر ، كما عرج على ما عرف عن السبع من ثقافة تراثية واسعة لأدب وشخصيات عصور الأدب العربي القديمة ، ثقافة يقل المعنيون بها ، لكنها أيضاً لم تقف عند حدود الشعر ، بل تعدتها إلى المقالات التي أثرى بها السبع الصحافة الثقافية ، وكذلك في الرواية التي نشرها (ليالي عنان). والدكتور الشاعر محمد حبيبي اختار جانباً مهماً من تجربة الشاعر السبع، هو جانب الصورة والخيال .. أولها مهارته في التشكيل البصري للصورة والذي جسد مهارته في تطويع الصورة كيفما يشاء للحالة أن تتشكل وترتسم، لعنصر واحد ، وبعدة أشكال تتفاوت فيها تضاؤلاً واتساعاً، ثم الملمح الآخر المتمثل في إخضاع الشاعر الصورة للتناغم مع الإيقاع الموسيقي الذي يعزز من تحكمه في الصورة وتطويعه لها ، أما الملمح الثالث فهو عنايته بقصائد تكتب الشخصيات والكتب والمدن فيما يشبه رسم البورتريه ، قصائد برع فيها في تصوير الشخصيات للحد الذي قد يجد فيها قارئه ملامح قد تتقاطع مع بعض شخصيات الحياة .. وقال الأستاذ الجفال في تقديمه : (( .. فلابد من البدء في تعميق تناول هذا الكاتب الشاعر ، والبحث بجدية في نصوصه وكتاباته ، واكتشافه مرة بعد أخرى، ذلك أن محاولة اكتشاف شاعر كالسبع تشبه متعة قراءة نص له، فأنت كقارئ ترى كيف تتكشف المعاني داخل النص ، وكيف تنجلي الدلالات فيه، وتتوضح ، ولذلك كان هذا الكتاب الذي بين يديك محاولة من مجموعة من الكتاب للدخول في نص قريب كأنه بين يديك ، وبعيد كأنه في متاهة الوهم .. )) .

مشاركة :