واصلت الحسينيات إحياءها لليلة الرابعة من محرم في ذكرى استشهاد سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام الحسين عليه السلام وأهله وصحبه، وتحولت المجالس الحسينية إلى موسم ثقافي واجتماعي وديني لروادها ، وفق ما نقلت صحيفة "الأنباء" الكويتية اليوم الإثنين (19 أكتوبر/ تشرين الأول 2015). وفي هذه المناسبة، قال الخطيب السيد عبدالرسول الحسيني، انه ومنذ أن وطأ الإنسان بقدميه تراب هذه الأرض وهو مزود بالأخلاق الفاضلة وعارف للأخلاق الفاسدة، ومأمور من قبل الله تعالى بالتحلي بكل الفضائل لكي يصل إلى غايته التي خلق من أجلها ألا وهي عبادة الله سبحانه وتعالى كما في قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). وأضاف الحسيني خلال محاضرته في حسينية السيدة رقية في الرميثية، أن مكارم الأخلاق أصبحت من لوازم الحياة الصحيحة على الأرض ومن ضروريات الأمم التي تنشد الرفعة والطهارة، فأخذت الشرائع السماوية كمال الإنسان غاية لها، وبدأ الأنبياء عليهم السلام بالإرشاد والتربية والتزكية لهذه النفوس الجامحة التي تميل بطبعها للراحة والدعة، وتوالى الأنبياء عليهم السلام على قيادة البشرية إلى الكمال حتى وصلت إلى خاتمها وسيد رسلها محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال كلمته الخالدة إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وكما ورد عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: حسن الخلق من أفضل القسم وأحسن الشيم. وتابع: الواقف على أخلاق الأئمة الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام يعرف السر وراء تعلق الناس بهم جيلا بعد جيل، ولأن الأخلاق إحسان للآخرين، وبيان للحق والخير والفضيلة، والنفس مجبولة على حب ذلك وبغض خلافه، كما قال الإمام جعفر الصادق ع طبعت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، ولم تكن أخلاق النبي وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام، إحسانا على من عاشروهم وتعاملوا معهم فحسب، بل إحسان على الخلق أجمع، حيث كانت سببا حجة للتعريف بالإمامة، وهي من أصول الدين، وبالإمام وهو عز المسلمين، وسببا حجة للتعريف بالدين، وما يريد الله تعالى منا من الأخلاق الفاضلة والصفات الطيبة، ولأننا نرغب في السعادة، ونخشى الشقاء، فلا بد لنا من التمسك بأهل بيت العصمة والطهارة، ومنهم الإمام الحسين (سلام الله عليه)، فهو مدار ما نرغب ونخشى، فتعالوا نقف متأملين خاشعين أمام الأخلاق الحسينية، ونمض معه في أخلاقه النبوية. من جانبه، ناشد الشيخ فاضل الدريع الأمة الإسلامية التمسك بالأحكام الإسلامية وتطبيقها على أرض الواقع، لافتا خلال محاضرته بحسينية الامام الحسين في سلوى، إلى أن سبب ضعف الأمة الإسلامية وتفككها وتشتتها هو الابتعاد عن تطبيق تلك الأحكام، مما أدى إلى انتشار الفتن والحقد والكراهية بين المسلمين. وأوضح الدريع أن الله عز وجل ارسل الرسل والانبياء والكتب السماوية من اجل التآلف والتكاتف والمحبة والمودة عن طريق الأمر بالاحكام التي جاءت في القرآن الكريم والنهي عما نهى عنه القرآن الكريم خاصة ان هذه الآيات صريحة وموجهة، وان هذه الأحكام تعمل على تقوية اللحمة الأسرية والاجتماعية وبالتالي تعود بالفائدة على الأمة الإسلامية بأن تعزز من لحمته وقوته، مشيرا إلى أن الله تعالى أمر بالعدل والمساواة والإحسان وايتاء ذي القربى ونهى عن الفحشاء والمنكر، وانه سبحانه عادل لا يظلم مثقال ذرة وأراد أن يعمم العدل والمساواة بين البشرية ابتداء من الاسرة والمجتمع، ولا شك في ان العدل يعني السواسية بين البشرية وعدم وجود تفرقة بين الجنس واللون واللسان، وتجلت قيمة العدل الإلهي في العبادات خاصة في الحج والوقوف بعرفة والعدل من فيوضات الإسلام. وذكر أن افضل الإحسان هو خير الإنسان لأهله وعشيرته وهو مكمل للعدل للتآلف بين أفراد المجتمع، وأما الأمر الثالث فهو ابناء ذوي القربى وصلة الرحم، فلهذا الأمر اثر عميق في حياه الإنسان لأنها يعمل على الترابط والمودة والمحبة ويؤدي إلى طول العمر، والجدير بالذكر أن خير الأمة كان يقوم بصلة الرحم، ونهى الخالق عن الفحشاء واللعن والسب لذا يتطلب من الإنسان أن يتحلى بالقول الطيب لتوثيق العلاقة مع الآخرين ثم النهي عن المنكر وهو الابتعاد لكل أمر قبيح ويجب على المؤمن انتهاج ذكر الله وصدق الأمانة. وفي الحسينية العباسية، ارتقى المنبر الشيخ د.فاضل المالكي والذي استهل محاضرته بقوله تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)، لافتا إلى أن الاستقرار تارة يراد منه الأمن والأمان وتارة اخرى يراد منه الأمن والسلام، مبينا أن الأمان عبارة عن الشعور بالطمأنينة والذي يعبر عنه بالسكينة في القرآن، أما الأمن فهو السلامة الجسدية، لافتا إلى أن الإسلام لم يحرص على الامن والسلام فقط انما حرص على إشاعة السكينة. وتابع المالكي: حرص الإسلام على إقامة الوحدة والاندماج بين الناس، ونبذ كل أنواع التفرقة والعنصرية، مشيرا إلى أن أمير المومنين الإمام علي عليه السلام كان يحرص دائما على زراعة الاندماج فيما بين الناس، ومن يقوم بإمامته ومن لا يقوم بإمامته، مؤكدا أن من اهم أسباب الشعور بالأمان هي الثقة المتبادلة بين الناس بعيدا عن أي شكل من اشكال التفرقة والعنصرية والطائفية، لافتا الى ان الإسلام اكد على مراعاة قاعدة الميزان، كما قال الإمام علي (ع) اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك. واستطرد: لا يجتمع الكذب والإيمان في قلب المؤمن، فالكذب ينزع الإيمان ويزيد من الحقد والطائفية، مبينا ان الإسلام حرم الخيانة بكل أنواعها وأشكالها واعتبر الغدر من ابشع الجرائم التي يرتكبها الانسان ضد الانسان، كما تشدد الإسلام في مسائل الحفاظ على العقود والعهود والامانات وحرص دائما على توجيه المؤمنين إلى ضرورة حفظ العهد والامانة وإرجاعها الى صاحبها، مشيرا إلى ان الشائعة كل كلام أو خبر يتداول على الألسنة يترتب عليه ادانة اخاك المسلم مهما كان الناقل، وشدد الدين الإسلامي أيضا على نوايا الناس وما يخفون في قلوبهم فلا يعلم السرائر إلا رب العباد، كما أن الإنسانية تفقد أمانها اذا فقدت إيمانها الواقعي.
مشاركة :