فن تربية الأبناء.. بقلم: العميد محمد بن دينه

  • 8/13/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم تعد تربية الأبناء ، ترفا أو عملا عاديا ، بل تحديا فرديا ومجتمعيا. وإذا كان تأسيس مشروع اقتصادي ، يحتاج العديد من الاستشارات ودراسات الجدوى في المجال التجاري والفني والاجتماعي، فما بالك ببناء شخصية الفرد وتأسيسها على القيم النبيلة التي يجب أن تشكل اللبنة الرئيسية ؟ ما بالك بتأسيس جيل كامل قادر على خوض المستقبل والتعامل مع تحدياته بكفاءة وثقة؟ نقول ذلك في الوقت الذي يقترب فيه موعد العام الدراسي الجديد...ففي ظل زيادة الأعباء والمسؤوليات التربوية، يجب أن ينهض الجميع بمسؤولياته، خصوصا في تحصين أبنائنا وأجيالنا القادمة وتهيئتهم نفسيا وذهنيا بأن وطننا العزيز (أرض الخلود) يحتضن الجميع على أرضه، وأن التسامح والتعايش ثوابت وركائز في المجتمع، لن تمحوها الأيام أو يضعفها الزمان، بل ستزداد قوة ومتانة ما دمنا جميعا مؤمنين بها وماضين على نهجها. الأمر الذي يقتضي أن يكون فتح الحوارات وتبادل الأفكار والخواطر مع أبنائنا ، بأسلوب متزن يتناسب مع مستواهم الفكري ولا يتضمن إملاء الآراء ووجهات النظر عليهم بل يساهم في أن يكون لهم وجهات نظر مستقلة بما يضمن عدم سلب شخصياتهم. إن نقطة البداية الصحيحة ، تتمثل في الاستماع لأبنائنا ، لأن التربية الصالحة ليست مجرد أوامر وتعليمات من دون تفهم احتياجات ورؤى الأبناء بل يجب تبادل الفكر والاستماع لوجهات النظر ومن ثم الانطلاق منها والبناء عليها. وإذا كان التحدي الحقيقي هو كيف نربي أبناءنا على الحب وتقبل الآخر، ونزرع فيهم الثقة التي تعزز الأمل في فجر جديد، فإن تربيتهم وتنشئتهم الصالحة، أمانة في أعناقنا، لذلك وجب علينا حمايتهم من أنفسنا أولا، وتصحيح المفاهيم لديهم. وبموازاة ذلك يجب تطهير ذاكرة أبنائنا من المواقف السلبية. فالطفل ذكي وحساس ، يتأثر بمحيطه أكثر من غيره، والخطورة أنه يختزل كل ما يشاهده أو ويسمعه ويتأثر به، كما ينبغي أن تمتد عملية التربية إلى مراجعة ألفاظنا وسلوكياتنا، بحيث يجد فينا أبناؤنا، ترجمة حقيقية لما نطالبهم به. باختصار: إذا أردنا أن نبني وطنا للجميع، علينا تربية أطفال يؤمنون بدورهم في بناء الوطن من خلال محبتهم للآخرين وتقبلهم لهم.... علموهم كيف يحبوا الآخرين حتى لو اختلفوا معهم. أما لو تركنا الحبل على الغارب فقد نصبح أمام خطر اجتماعي داهم. لذلك قال المتنبي: عَـلَى قَـدْرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ، وتَــأتِي عَـلَى قَـدْرِ الكِـرامِ المَكـارِمُ، وتَعظُـمُ فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها، وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ.

مشاركة :