تتواصل الاحتجاجات في معظم المناطق اللبنانية مع تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية وفقدان المواد الأساسية للعيش مع انقطاع شبه كامل للتيار الكهربائي، فيما لا تزال أزمة الحكومة على حالها رغم مضي أكثر من ثلاثة أسابيع على تكليف نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة لبنانية جديدة.وأمس نزل الشباب اللبناني إلى الشوارع بعد قرار رفع الدعم عن المحروقات وقطعوا الطرقات بالإطارات المشتعلة فيما يتسع الغضب الشعبي إن كان على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر الدعوات التي تنطلق إلى العصيان المدني الشامل لإسقاط منظومة الفساد. فيما سارعت قوات من الجيش بمداهمة محطات الوقود لإجبارها على العمل وأعلن الجيش عبر موقع «تويتر»: «باشرنا عمليات دهم محطات الوقود ومصادرة الكميات المخزنة من مادة البنزين».قطع الطرقاتوقطع المحتجون العديد من الطرقات وأشعلوا النيران بالإطارات في شوارع العاصمة بيروت، وفي طرابلس قطع المحتجون طريق المطار القديمة قرب مفرق فانتزي ريست وساحة النور ومستديرة البحصاص شمالاً وطريق المحمرة باتجاه العبدة في الشمال، وفي الجنوب قطع المحتجون الطريق قرب استهلاكية في مدينة صور كما قطع شبان من بلدة الصرفند الاوتوستراد باتجاه الجنوب وصادروا صهريجي مازوت، فيما قطع سائقو السيارات العمومية في منطقة الضنية الطريق الرئيسية في المنطقة التي تربطها بمدينة طرابلس عند مفرق بلدة عاصون، احتجاجا على ارتفاع أسعار المحروقات وعدم قدرتهم على شرائها، إضافة إلى إغلاق محطات المحروقات أبوابها وعدم بيعها الوقود لهم. وشهدت الطريق ازدحاما خانقا.فوضى مخيفةوكان المشهد على الأرض والطرقات وفي البيوت والمستشفيات والصيدليات والأفران مخيفا، بعد وقف الدعم عن المحروقات، ومع رفض رئاسة الجمهورية قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، استفحلت الأزمة وعادت طوابير السيرات لتمتد لكيلومترات أمام المحطات، في وقت شح المازوت وانقطع تماما من السوق، متسببا بتغذية كهربائية صفر وبتعثر عمل شركات الانترنت والإدارات الرسمية والمؤسسات الخاصة والقطاع الصحي، والأفران إضافة إلى أن قطع الطرقات أربك المشهد اللبناني العام وباتت البلاد في شبه فوضى.وقال أمين سر نقابة الأفران في بيروت وجبل لبنان ناصر سرور «اتصلت بوزير الاقتصاد وأبلغته أن عشرات الأفران أغلقت أبوابها وكان جوابه «انا ما خصني روحو شوفو وزارة الطاقة». وأعلن أن أفرانا كبرى ستتوقف عن توزيع الخبز بسبب غياب الطحين والمازوت».اتهامات متبادلةمن جهته اعتبر التيّار الوطني الحر الذي يتزعمه جبران باسيل أن أزمة رفع الدعم مفتعلة ولا يجب أن تؤثر على تأليف الحكومة كأولوية مطلقة، حيث إن التعاون الإيجابي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف كان سيؤدي إلى ولادتها سريعاً جداً، ويبدو واضحاً أن أحد أسباب الأزمة المفتعلة هو تأخير أو تعطيل ولادة الحكومة والتعكير على الجو الإيجابي والبنّاء القائم حولها.ورد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على جبران باسيل بالقول «أنا حاكم المصرف المركزي ولكن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حاكم البلد، وأنا لا أريد أن آخذ محله».وأضاف «ما من أحد يغطيني، وهناك مسؤولية تقع على عاتقنا لذا كنا نرغب بأن يكفي الاحتياطي الإلزامي الموجود لدينا طيلة الصيف ولكن رأينا هجوم على الاستيراد لا مثيل له ما أدى إلى خسارة أرقام كبيرة من الاحتياطي في وقت لم يصل الدعم إلى أحد بل على العكس».وأكد سلامة أن جميع المعنيين كانوا يعلمون بالقرار، أي الحكومة ورئاسة الجمهورية ومجلس النواب، وبالتالي القرار ليس كما يصوّر له، قائلاً: «أنا أعتبر أنه بدل القيام بهذه «المسرحية» اذهبوا إلى مجلس النواب وأقروا قانونا يمول الاستيراد من الاحتياطي الإلزامي».وأوضح «أننا كنا نبحث في الاجتماع كيف تؤخذ القرارات، واليوم يصور وكأنني اتخذت القرار منفردا في وقت هناك مجلس مركزي يقرر السياسيات، وأنا ملزم بالالتزام بها».
مشاركة :