* أدين بالفضل -بعد الله- لكل من أيَّد وسَاند مشواري المتواضع مع القلم، منذ الستينات (ميلاديًا) وحتّى اليوم، من بينهم سيدي الوالد -رحمه الله وأرضاه-، رغم «تحفظّه» الصامت خوفًا عليّ من سعير الكلمة وظلماتها! والمرحوم الأديب خالد محمد خليفة -رحمه الله- الذي طرق لي أكثر من باب في صحيفة (القصيم) بحكم موقعه الأدبي كاتبًا وروائيًا، إلى جانب بعض أساتذتي في الثانوية، ومثلهم زملاء المعرفة في ذلك الزمان. * * * * مارستُ الكتابةَ بدْءًا بصحيفة (القصيم) الحديثة ولادةً آنئذٍ، وكان لي شرف التجاور (صحفيًا) على أعمدتها مع أقلام أساتذتي عبدالكريم الجهيمان وسعد البواردي وسواهما. ثم حلَّت لحظةُ ميلادي الأدبي، حين منحني عميدُ الصحافة، آنئذٍ، الشيخ حمد الجاسر، -رحمه الله- مساحةٌ في صدر صحيفته (اليمامة) ولمرة واحدة، ما برحت حتى الآن أعيش نشوة الفرح بها! * * * * وكانت صحافةُ ذلك الزمان والمكان قليلةَ العَدَد، زهيدة العُدّة، بمقاييس اليوم، وكان يطغَى عليها أدبُ (المقال)، وكانت تصدر (أسبوعيةً). وبمعنى آخر، كانت صحافة ذلك الزمان لا تملك أدوات العرض (للخبر) نشرًا وتحليلاً، لكنها كانت تملك هامشًا غير هيِّن من حرية التعبير، وهذا لا ينفي أن بعضها لم يبرأ من سطوة (المساءلة) بسبب بعض مسَاجلات أدبية وشبه أدبية تبدأُ دافئةً قبل أن تغدُو (شرارًا)، وتنتهي (نارًا) قبل أن يتدخل أولوُ الحلّ والعقْدِ لإطفائها! * * * * بدأتْ عَلاقتي بـ(صاحبة الجلالة) وأنا على مقاعد الدراسة بحثًا عن ذاتي، ولا شيء سواها! كنتُ وأنا في صدر شبابي أعيشُ نوعًا من (الغربة) داخل أسوار ذاتي، بفعل إرهاصات لم يكن لي عليها أمرٌ ولا نهي! * * * * وقد وجدتُ في القراءة أولاً، ثم الكتابة لاحقًا (ملاذًا) أعتصمُ به، وأحاول من خلاله إعادةَ (التعرُّف) على ذاتي، وحين (فُتِنتُ) بالكتابة لاحقًا، لم أكن أطمع في شهرة ولا مال. كنتُ أبحث عن نفسي كي لا تصادرها مني سَطوةُ الزحام! * * * * كنت أشعر أن في صدري شيئًا يستحق البوحَ فبحتُ به، وما برحت أبوحُ منذ قرابة نصف قرن من الزمان. كان حبُّ الوطن هاجسي، فمارست (الصهيلَ) الخافتَ من أجله وما برحت! وكان عشق اللغة العربية هُوّيتي، فرحتُ أركضُ في دروب ذلك العشق وبيادره. * * * * باختصار: أدركت بعد حين أن الكتابة قضيتي ووسيلتي وغايتي تغريدًا بحبِّ الوطن، فسَلكتُ ذلك الدرب، وكنتُ وما برحتُ، أسيرَ ذلك الحب! والحمد لله من قبل ومن بعد!
مشاركة :