فيما وصفت لندن عودة طالبان للحكم في أفغانستان فشلا للمجتمع الدولي، معتبرة الوقت غير مناسب للاعتراف بها، سارعت بيكين وموسكو إلى بعث رسائل ودية لحكام كابول الجدد معربتان عن استعدادهما لإقامة علاقات طبيعية معهم. مقاتلو طالبان بعد سيطرتهم على القصر الرئاسي (15 أغسطس / آب 2021) اعتبر وزير الدفاع البريطاني بين والايس اليوم (الاثنين 16 أغسطس / آب 2021) وهو الذي سبق وأن انتقد علناً الأسبوع الماضي القرار الأميركي بالانسحاب من أفغانستان، عبر شبكة "بي.بي.سي" أن ما حصل "فشل للمجتمع الدولي الذي لم يفهم أن الأمور لا تُحلّ في ليلة وضحاها". لكنّه أكد أن الالتزام البريطاني في أفغانستان الذي كلّف 457 جندياً بريطانياً حياتهم خلال 20 عاماً من التدخل، "لم يذهب سدى". واعتبر والايس في حديث عبر قناة "سكاي نيوز" أنه "الآن ليس الوقت" المناسب للاعتراف بطالبان كحكومة أفغانية رسمية. وأشار إلى أن "هناك الكثير من الأمور التي يجب القيام بها قبل اتخاذ هذه القرارات" معتبراً أن أفعال متمردي طالبان "لا تتوافق مع وعودهم". وقبله، حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأحد الدول الغربية من الاعتراف بطالبان كحكومة جديدة في أفغانستان دون اتفاق مسبق. وقال جونسون عقب اجتماع لمجلس الأمن القومي الوزاري إنه من الواضح انه ستكون هناك قريبا حكومة جديدة فى كابول. وأضاف "غير أنه من الأهمية بمكان أن تعمل الدول الغربية معا لتوضيح لمن يقود افغانستان، سواء طالبان أو أي شخص آخر، أنها لا يمكن أن تصبح "أرضا خصبة للإرهاب" وأضاف جونسون أن الوضع في أفغانستان "صعب للغاية". الاتحاد الأوروبي هدد بعزل طالبان دوليا وسبق للاتحاد الأوروبي أن حذر حركة طالبان الخميس الماضي من أنها ستواجه عزلة دولية إذا استولت على السلطة من خلال العنف. وقال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بيان "إذا تم الاستيلاء على السلطة بالقوة وإعادة تأسيس إمارة إسلامية، فإن طالبان ستواجه عدم الاعتراف والعزلة ونقص الدعم الدولي واحتمال استمرار النزاع وعدم الاستقرار الذي طال أمده في أفغانستان ". وأضاف "يعتزم الاتحاد الأوروبي مواصلة شراكته ودعمه للشعب الأفغاني. لكن الدعم سيكون مشروطا بتسوية سلمية وشاملة، واحترام الحقوق الأساسية لجميع الأفغان، بمن فيهم النساء والشباب والأقليات". وشدد على أنه "من الضروري الحفاظ على المكاسب الكبيرة التي حققتها النساء والفتيات خلال العقدين الماضيين بما فيها الوصول إلى التعليم". ودعا البيان إلى "الوقف الفوري للعنف الدائر" وحض طالبان على استئناف محادثات السلام مع الحكومة في كابول. وأضاف "الاتحاد الأوروبي يدين الانتهاكات المتزايدة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، خصوصا في المناطق التي تسيطر عليها طالبان وفي المدن". بيان الاتحاد الأوروبي صدر قبيل أن تكتسح طالبان كامل التراب الأفغاني وقبل سقوط العاصمة كابول. برلين هددت بوقف مساعداتها المالية لأفغانستان من جهته، سبق لوزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن هدد الخميس الماضي من أن ألمانيا، أحد المانحين الرئيسيين لأفغانستان ، لن تدفع "فلسا واحدا" من مساعدات التنمية إذا سيطرت طالبان على البلاد. وقال الوزير ألألماني في مقابلة مع قناة "تسي.دي.اف" العامة "لن نعطي أفغانستان فلسًا واحدًا بعد الآن إذا سيطرت طالبان بالكامل على السلطة وطبقت الشريعة وإذا أقامت دولة خلافة". وشدد على أنّ أفغانستان "لا يمكن أن تستمر من دون مساعدات دولية". وتساهم ألمانيا بنحو 430 مليون يورو سنويًا، وهي من بين أكبر عشرة مانحين للمساعدات التنموية لأفغانستان. وشدد ماس على أن انسحاب القوات الدولية كان بمبادرة من الولايات المتحدة. وقال إن القرار "يعني أن جميع قوات حلف شمال الأطلسي اضطرت إلى مغادرة البلاد لأنه لا يمكن لأي دولة إرسال قوات إلى هناك" من دون حماية عسكرية أميركية. بكين تبدي استعدادها لإقامة "علاقات ودية" أبدت الصين التي تتقاسم حدوداً مع أفغانستان تمتدّ على 76 كلم، استعدادها اليوم (الاثنين 16 أغسطس / آب 2021) لإقامة "علاقات ودية" مع حركة طالبان، غداة سيطرة المتمردين على كابول. وأكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونيينغ أمام الصحافة أن بكين "تحترم حق الشعب الأفغاني في تقرير مصيره ومستقبله". وأضافت أن متمردي طالبان "عبروا مرات عدة عن أملهم في تطوير علاقات طيبة مع الصين". وأشارت المتحدثة إلى أن السفارة الصينية لدى كابول "تواصل العمل بشكل طبيعي". ودعت الصين التي أجلت مطلع تموز/ يوليو 210 من رعاياها من أفغانستان، السلطات الجديدة إلى ضمان أمن من ظلوا في البلاد. وفي الأسابيع الأخيرة، وصفت السلطات الصينية الانسحاب الأميركي من أفغانستان بأنه خطوة "غير مسؤولة". في مواجهة خطر حصول فوضى في أفغانستان، بدأت بكين اعتباراً من أيلول/ سبتمبر 2019 محادثات مع طالبان التي زار وفد منها الصين آنذاك. السفير الروسي في كابول سيلتقي قادة طالبان من جهته، أعلن موفد الكرملين إلى أفغانستان زامير كابولوف اليوم الاثنين أن السفير الروسي لدى كابول سيلتقي قادة من حركة طالبان غدا الثلاثاء، مشيراً إلى أن موسكو ستقرر ما إذا كانت ستعترف بالسلطات الأفغانية الجديدة بناء على أفعالها. وقال كابولوف لإذاعة "صدى موسكو" إن "السفير الروسي (ديمتري جيرنوف) على تواصل مع طالبان، وغداً سيلتقي منسقهم للشؤون الأمنية"، ليناقش معه المسائل المرتبطة بأمن السفارة الروسية في كابول بشكل خاص. وأوضح أن المتمردين "يؤمّنون أمن المحيط الخارجي للسفارة الروسية. غداً ستتمّ مناقشة التفاصيل على المدى الطوي". وأضاف أن "الاعتراف أم لا (بحكم طالبان) يعتمد على تصرفات النظام الجديد". وتابع "سنراقب عن كثب إلى أي مدى سيكون نهجهم لإدارة البلد مسؤولاً (...) وستستخلص السلطات الروسية من ذلك الاستنتاجات اللازمة". وسبق أن أعلنت روسيا الأحد أنها لا تعتزم إخلاء سفارتها في كابول، مؤكدةً أنها حصلت على "ضمانات" من جانب طالبان بشأن أمن بعثتها الدبلوماسية. وأقرّ كابولوف بأن السرعة التي سيطرت بها طالبان على البلاد كانت "مفاجئة" بالنسبة لروسيا. وصرّح "لقد بالغنا في تقدير القوات المسلحة في أفغانستان... لقد تخلت عن كل شيء منذ الطلقة الأولى". من جهته، قال السفير الروسي في كابول ديمتري جيرنوف لمحطة التلفزيون الروسية "روسيا 24" إن طالبان أعادت فرض "النظام" في العاصمة الأفغانية وتتكفل بأمن السفارة الروسية. وشدد على أنهم "أكدوا مرة أخرى أنه لن تُمس ولا حتى شعرة واحدة في رأس أي دبلوماسي روسي". ح.ز/ ع.ج.م (د.ب.أ / أ.ف.ب / رويترز)
مشاركة :