اعتبر مثقفون أن مشروع «مئة كتاب وكتاب»، الذي أطلقه مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة أبوظبي، إضافة نوعية إلى جهود دولة الإمارات الرامية إلى تعزيز المشهد الثقافي العربي والانطلاق به نحو العالمية، عبر إقامة جسر معرفي يقوم على إعداد قوائم موثوقة ومعتمدة للكتب العربية التي أثرت المعرفة الإنسانية، لسدّ ثغرة في صناعة النشر العربية، وتوفير مادة معرفية يحتاج إليها القارئ العربي، إلى جانب أبناء الثقافات واللغات الأخرى، من باحثين وناشرين ومترجمين ومؤرخين وقراء، ما يسهل عليهم الوصول إلى هذه الأعمال والتعرف إلى مضمونها، وذلك يفتح نافذة واسعة لكي يتعرف العالم إلى هذا الإنتاج الكبير ويتفاعل معه. وكان مركز أبوظبي للغة العربية عقد مؤخراً الاجتماع الأول عن بعد للجنة مشروع «مائة كتاب وكتاب»، حيث تم اختيار النقاد الرئيسيين المرشحين للعمل على المعايير وعلى المنهجية التي سيتم من خلالها اختيار الروايات العربية التي تمثل التحولات النوعية الكبرى في هذا الجنس الأدبي القادر على أن يمثل طبيعة العصر وما فيه من أبعاد معرفية وجمالية. وعزا الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية إطلاق المشروع إلى تعزيز ثقافة المختارات التي عرفها الأدب العربي في مختلف عصوره، مضيفاً أنه تم اختيار هذا العنوان للتأكيد أن القائمة قابلة للإضافة بناءً على مقترحات المراكز والهيئات والمؤسّسات والجهات المختصّة بالأدب العربيّ. وأوضح أن جهات عالمية عدة تسعى إلى الاقتراب من الثقافة العربية، لكنها كثيراً ما تصطدم بغياب أو نقص القوائم الموثوقة التي يمكن الركون إليها، فضلاً عن النقص الفادح بكثير من الأعمال العربية المهمة على شبكة الإنترنت. إلى ذلك، أكدت الناقدة والكاتبة الإماراتية عبير جمعة الحوسني أنّ القارئ دائم البحث عن المادة الموثوقة في صناعة النّشر، مشيرة إلى أن «مئة كتاب وكتاب» يخلق التفاعل مع الحضارات والثقافات الأخرى ويعرف الآخر بعمق المحتوى العربي الموثوق. وقالت الكاتبة إيمان الهاشمي إن اللغة تظل حية بجهود الناطقين بها الذين يجتهدون لإثرائها وإحيائها والمحافظة عليها، مضيفة أن هذه المبادرة الرائعة ينظر لها بنظرة احترام وتقدير وحب وسعادة وفخر بما تقدمه من احتفاء باللغة العربية والأدب العالمي. وأكد عادل ضرغام، رئيس قسم الدراسات الأدبية في كلية دار العلوم بجامعة الفيوم، أن المشروع «يمنحنا مدرجة لقياس التأثير أو الإسهام أو الإنجاز العربي في حدود الثقافة العربية أولاً، وفي حدود الثقافة العالمية ثانياً». من جانبه، قال الروائي علي أبو الريش إن هذا ليس غريباً على العاصمة التي ينبثق منها مركز أبوظبي للغة العربية ويضطلع بحركة تنويرية ملموسة يحتاجها المجتمع، مؤكداً أن المشروع وما يليه من مبادرات سيعيد إنتاج التاريخ المشهود للثقافة العربية، وسيعمل على تشجيع الكتّاب ليجودوا أعمالهم، ليصبح النتاج الأدبي متكئاً على جماليات الكيف وليس الكم. أما بديعة الهاشمي، أستاذ مساعد في قسم اللغة العربيّة وآدابها بجامعة الشارقة -تخصص الأدب والنقد، فقد أشارت إلى أن الأدب مرآة لكلّ زمان ومكان، وهو المرجع الأصدق والأغنى لمعرفة أحوال الناس وشؤونهم في أي عصر من العصور، كما أنه الأداة الأفضل لمعرفة الأنا واستكشاف الآخر، مضيفة أن وجود القوائم الموثوقة والمعتمدة للمؤلفات الفكرية والإبداعيّة العربية حاجة ملحّة في المرحلة الراهنة. وأكدت الأستاذة الجامعية والناقدة مريم الهاشمي أن مبادرة «مائة كتاب وكتاب» تصب في الهدف الذي يعزز متعة الإمساك بكتاب جيد وبث الإحساس الفريد من الدهشة والمعرفة للقراء والجمهور، فالقارئ هو المواظب على الحقيقة بل هو الممارس الحقيقي للحياة، فكم هي الحياة كئيبة ورتيبة إن كانت بعيدة عن معرفة العقول، والكتاب من أنجع الطرق للوصول إليها.
مشاركة :