كابول - قال شاهدان ومسؤول سابق في الشرطة الأفغانية لرويترز إن ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من عشرة آخرين بعد أن فتح مقاتلون من طالبان النار خلال احتجاجات ضد الحركة في مدينة جلال اباد بأفغانستان. وقال الشاهدان إن القتلى سقطوا عندما حاول سكان رفع العلم الوطني الأفغاني في ميدان بالمدينة الواقعة على بعد نحو 150 كيلومترا شرقي العاصمة كابول. ولم يتسن الاتصال بمتحدثين باسم طالبان للحصول على تعقيب. وبعد سيطرة طالبان على أفغانستان بات هناك قلق دولي كبير بشأن الوضع الأمني ومصير حقوق الإنسان في بلد أصبح تحت حكم الحركة. وعبرت دول من بينها بريطانيا عن قلقها ازاء التطورات في أفغانستان، لكنها قالت ان الوضع يبقى رهن تصرفات حركة طالبان التي أعطت تطمينات بشأن طريقة تسييرها للبلاد. كما قال شهود عيان لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) اليوم الأربعاء ، إن مئات الأشخاص يخيمون في المنطقة المحيطة بمطار كابول على أمل أن يتمكنوا من مغادرة أفغانستان بعد استيلاء طالبان على السلطة. وشوهد رجال ونساء وأطفال ينامون في الشوارع المجاورة للمطار. ودفعت شائعات كاذبة بأن كل من يصل إلى المطار سيتم إجلاؤه الكثير من الأفغان للتوجه إلى المنطقة. ولم يتضح اليوم الأربعاء ما إذا كان سوف يتم تشغيل وتسيير رحلات تجارية أو لا، ويعمل المطار الآن بشكل محدود فقط. وتسير العديد من الدول الغربية رحلات إجلاء لمواطنيها وموظفين محليين يمكن أن تستهدفهم طالبان. وتخطط ألمانيا لتسيير أربع رحلات إجلاء من أفغانستان إلى أوزبكستان اليوم الأربعاء وتمكنت من نقل 400 شخص إلى بر الأمان حتى الآن، بينما قامت فرنسا الآن بنقل معظم الأشخاص الذين لجأوا إلى مبنى السفارة الفرنسية هربا من طالبان. تجاوزت ألمانيا في أربع رحلات من أفغانستان إلى أوزبكستان يوم الانتفاضة وتمكنت حتى الآن من نقل 400 شخص إلى بر الأمان. وتعتزم إيطاليا إقامة جسر جوي، ومع من المقرر ان تهبط أولى طائراتها وعلى متنها 85 شخصا في مطار روما اليوم الأربعاء، بحسب وزارة الدفاع. وتتردد تقارير مفادها أن من المنتظر أن يتخذ الجيش الأميركي قرارا بفتح أو إغلاق بعض نقاط الوصول إلى المطار من أخذ الوضع في الاعتبار. بعدما أمضت عشرين عامًا خلالها هزيمة طالبان، تواجه القوى الغربية حالياً خياراً صعباً بين إقامة أو عدم إقامة علاقات مع الجماعة الأصولية التي باتت تحكم أفغانستان. يبدو أن المتمردين لقوا ترحيباً دولياً أكثر حرارةً مقارنة بفترة حكمهم التي اتسمت بالعنف (1996-2001)، إذ إن روسيا والصين وتركيا رحّبت بتصريحاتهم الأولى. فيما يفاوض الأميركيون حركة طالبان حول "الجدول الزمني" لعمليات الإجلاء، يؤكد البيت الأبيض أنه سينتظر في المقابل ليحكم على أفعالها خصوصاً بشأن احترام حقوق الإنسان قبل اتخاذ قرار حول طبيعة العلاقات مستقبلًا معها. وقال مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جايك سوليفان "سيكون على طالبان أن تظهر لبقية العالم من هي". وأضاف "التقييم ليس جيّداً، لكن سيكون من السابق لأوانه" القول من الآن ما سيكون الوضع في المستقبل. إلا أن واشنطن أبدت استعدادها لإبقاء وجودها الدبلوماسي في مطار كابول بعد الموعد النهائي للانسحاب العسكري المقرر في 31 أغسطس/آب، بشرط أن يكون الوضع "آمناً"، وفق المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس. وأقرّ وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بالأمر بشكل صريح الثلاثاء فقال "طالبان ربحت الحرب في أفغانستان. إذن، علينا ان نتحدث إليهم". في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن بلاده "لا تعتزم الاعتراف بحكومة طالبان". حذت المملكة المتحدة حذو الولايات المتحدة تماماً كما فعلت في قرار سحب قواتها من أفغانستان، فقد أكّد رئيس الوزراء بوريس جونسون أن بلاده ستحكم على نظام طالبان بناء "على أفعاله وليس على أقواله". وكان وزير الخارجية دومينيك راب قد أكد أن لندن "بطبيعة الحال" لن تعمل مع طالبان. لكنه اعتبر أن مع المفاوضات الجارية في قطر للتوصل إلى حكومة أكثر تمثيلاً للمجتمع الأفغاني، "نريد تقييم ما إذا كانت هناك إمكانية لتعديل نوع النظام الذي سنراه قائماً". وصرّح وزير الخارجية لقناة "سكاي نيوز"، "هم الآن في الحكم وعلينا التعامل مع هذا الواقع". وأقرّ بأن الفرص قليلة جداً لرؤية حكومة جامعة في أفغانستان. تنسيق القرار تتمتع القوى الغربية بقدرة تأثير أقلّ بكثير الآن بعدما باتت طالبان في الحكم بدلاً من أرض المعركة. لكن الولايات المتحدة لا تزال تمارس تأثيراً لا مثيل له على الجهات المانحة الدولية ويمكن أن تفرض عقوبات قاسية أو حتى شروطًا على المساعدات الضرورية لإعادة إعمار هذا البلد المدمّر جراء الحرب. تعتبر ليزا كورتيس المستشارة السابقة للبيت الأبيض المكلفة شؤون وسط وجنوب آسيا في عهد دونالد ترامب، أن على واشنطن استخدام اعتراف دبلوماسي محتمل بطالبان لتمارس عليها ضغوطًا وتفرض اتباع سلوك أفضل. وتقول هذه الخبيرة في مركز الأمن الأميركي الجديد "بما أنه سينبغي علينا توصيل مساعداتنا الإنسانية إلى هناك، سيجري التعامل معهم ربما على مستوى ما". وتضيف "لكن في ما يخص الاعتراف الدبلوماسي، فإن ذلك لا ينبغي أن يُمنح بدون مقابل". وحدها ثلاث دول هي باكستان والإمارات والسعودية كانت تعترف بنظام طالبان السابق، الذي فرض رؤيته المتشددة للشريعة الإسلامية. هذه المرة، استبق رئيس الوزراء البريطاني الأمر لمنع باكستان الداعمة التاريخية لحركة طالبان، من الاعتراف بحكومة جديدة، قائلاً لنظيره الباكستاني عمران خان إن مثل هذا الاعتراف ينبغي أن يُمنح "على أساس دولي، وليس بشكل أحادي". لا مسامحة سريعة عندما يتعلّق الأمر بعلاقات دبلوماسية، فإن الولايات المتحدة لا تسامح سريعاً. فقد استغرقت عقدين بعد سقوط سايغون لإقامة علاقات مع فيتنام الشيوعية. وانتظرت واشنطن 54 عاماً قبل إعادة فتح سفارة لها في كوبا. في المقابل، لم تستعد الولايات المتحدة قط العلاقات مع إيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979. عندما وافق الرئيس الأميركي الجمهوري السابق دونالد ترامب عام 2020 على اتفاق انسحاب تمّ لتوصل إليه مع طالبان، بدا وكأنه يشير إلى نقطة تفاهم محتملة مع المتمردين، هي معركتهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وقال "سيقتلون أشخاصاً سيئين جداً. سيواصلون هذه المعركة".
مشاركة :