للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف وطرائف وأشجان، تستحق أن تروى، "الرياض" تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف المُعلم المُتقاعد والمربّي الفاضل عبدالعزيز بن سعد الخراشي للحديث حول مكتبته التي تحتوي أكثر من (2.000) كتاب، بعضها ذات الطبعات القديمة بطبعة بولاق في مصر، وبعضاً من مخطوطات أجزاء القرآن الكريم بخط اليد، وكتاب التبصرة، كما تضم عدد (41) مجلد أصل من مجلة "الرسالة"، وعدد (746) مجلد أصل من مجلة "العربي"، وأعداداً نادرة من جريدة "حراء" السعودية، ومجلة "آخر ساعة" المصرية. والكثير من الكُتب المتنوعة والمجلات والصحف. روايـة «البؤساء» اشتريتها عام 1383هـ وحتى الآن لم أقرؤها في أيِّ مرحلة من العمر تعرَّفتَ على الكتاب؟ عندما كنت طالباً في معهد المعلمين الابتدائي عام 1958م، وكان عمري (16) عاماً، فقد كنت أترقب حصة الذهاب إلى مكتبة المعهد لقراءة بعض الكُتب والقصص والروايات مثل: «طرزان، تود والجارية، الزير سالم»، وأبحث عن بعض المجلات مثل: «سندباد، سمير، ميكي، علي بابا». هل تستطيع تحديد بعض بدايات تأسيس مكتبتك المنزليَّة؟ تأسست المكتبة بداية عام 1958م، عندما كنت طالباً في معهد المعلمين الابتدائي، وكنت مشرفاً في ذلك الوقت على إذاعة المعهد كل صباح، وفي آخر الأسبوع أذهب إلى حراج بن قاسم شمال جامع الإمام تركي وأجد ما أريده من الكُتب النادرة والقديمة.. وأول رواية اقتنيتها هي «البؤساء» لفيكتور هوجو طبعة قديمة اشتريتها عام 1383هـ. ماذا عن معارض الكُتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ كانت هذه المعارض تشكل رافداً قوياً في الحصول على الكُتب وأقوم بزيارتها أكثر من مرة وأشتري بعض الكُتب التي كنت أبحث عنها سابقاً.. هذه المعارض كان لها الأثر القوي لاقتناء الكُتب ولمُحبي القراءة وتأسيس المكتبات المنزلية، وكنت التقي ببعض الأدباء والمثقفين وأناقشهم وأسألهم عن عناوين الكُتب التي ينصحون بقراءتها. ما أبرز المنعطفات التي رافقت نموَّ مكتبتك الشَّخصيَّة؟ كان من أهم تلك المنعطفات وجود مدرسين في المعهد استفدنا منهم الكثير من العلوم والمعارف. إضافة إلى رحلاتي خارج المملكة، فمثلاً عام 1963م، كنت في رحلة إلى إيران وعثرت في إحدى المكتبات على طبعة نادرة بخمس لغات لرباعيات الخيام التي ترجمها إلى العربية أكثر من شاعر. وفي لبنان وجدت العدد الأول من مجلة «العربي» الكويتية وبدأت في شرائها ولا زلت حتى الآن، وقد صدر العدد الأول عام 1958م، وفي مصر حصلت على بعض الكُتب والمجلات كمجلة «الرسالة» لأحمد حسن الزيات (14) مجلداً طبعة أصلية، و»الشوقيات» (4) مجلدات لأمير الشعراء أحمد شوقي. وروايات نجيب محفوظ، ومؤلفات إحسان عبدالقدوس، ويوسف السباعي. هل تحتفظ في مكتبتك بمخطوطات؟ ليس لديّ ذلك الاهتمام بالمخطوطات، ولكن يوجد لديّ بعضاً من أجزاء القرآن الكريم بخط اليد، وكتاب التبصرة، وبعض الكُتب القديمة القريبة من المخطوطات. ماذا عن نصيب الكُتب القديمة والنَّادرة؟ لديّ بعضاً منها ذات الطبعات القديمة بطبعة بولاق في مصر وغيرها، كما يوجد بعض الكُتب النادرة التي لا توجد الآن في المكتبات. هل لديك شيءٌ من الصُّحف والمجلات القديمة أو شبه القديمة؟ نعم، هناك العديد من الصحف والمجلات القديمة مثلاً: جريدة «الأهرام» المصرية العدد الأول الصادر عام 1876م، صوت الحجاز عام 1351هـ، أم القرى، القصيم 1381هـ وبها مقال كتبته عام 1381هـ بعنوان: «ماذا كسبه شعب الجزائر»، قافلة الزيت 1378هـ، الرائد 1383هـ، حراء 1378هـ، أخبار الظهران، الإذاعة السعودية، اليمامة 1383هـ، قريش 1381هـ، الفيصل من العدد الأول، العرب، المجلة العربية من العدد الأول، مجلة العربي الكويتية من العدد الأول. ومن المجلات المصرية: المصور قديمة وقت الخديوي إسماعيل، مجلة الهلال جرجي زيدان، المختار، أبولو، الجيل، الكواكب، التحرير، الاثنين، آخر ساعة، صرخة العرب، البوليس، الصياد، الأحد، روز اليوسف. وكذلك يوجد لديّ مجلة الجمهور اللبنانية، وصوت البحرين. هل يوجد في مكتبتك كُتب مُهداة بتوقيع مؤلفيها؟ نعم، الكثير فمثلاً مؤلفات أ. حمد القاضي كلها لديّ بتوقيع أبو بدر، كذلك مؤلفات الشيخ الفاضل أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، ومؤلفات الأديب إسماعيل إبراهيم السماعيل، والأديب عبدالعزيز الخريف، وبعض الروايات العديدة. ما أطرف العناوين الموجودة في مكتبتك؟ أطرف ما لديّ كتاب «الكشكول» لبهاء الدين العاملي لا أمل قراءته، كذلك مجلة «الفكاهة»، وكتاب «مرداد» لميخائيل نعيمة. هل طرافة الكتاب أو طرافة موضوعه من معايير النفاسة؟ نعم، فبعض الكُتب الطريفة تشدّك بقراءتها أكثر من مرة، وذلك للموضوعات التي بها من المواضيع الشيّقة والمواقف الجميلة. ما أطرف المواقف التي حصلت لك في البحث عن الكُتب؟ أطرف موقف مربي هو عند بداية تأسيس المكتبة في الثمانينات الهجرية وجدت (12) مجلداً لمجلة الأطفال «سندباد» المصرية واشتريتها بمبلغ زهيد هو (40) ريالاً وبعد مدّة حصل لي ظرف مادي طارئ فبعتها بملغ (100) ريال وعندما بدأت معارض الكتاب لدينا في الرياض وجدتها عند إحدى دور النشر وقمت بشرائها بملغ (3.750) ريالاً. الموقف الآخر رواية «البؤساء» وهو كما ذكرت أول كتاب اشتريته عام 1383هـ والطرافة هنا أنني لم أقرأ شيئاً منها حتى الآن. بما أنك مُهتم بالكُتب ولديك مكتبة خاصة.. ما أبرز الكُتب التي تحرص على قراءتها؟ تشدّني الكُتب الأدبية، ودواوين الشعراء في العصر الجاهلي، كذلك دواوين الشعراء العراقيين مثل: الجواهري، والنجفي، والزهاوي، والسياب، والرصافي، والحبوني، وعبدالرزاق عبدالواحد، وبلند الحيدري، وأحمد مطر، ومظفر النواب، ولكن شاعري المفضل بعد المتنبي هو مهدي الجواهري. كذلك أقرأ لأحمد شوقي، وإبراهيم ناجي، ومحمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم. كذلك أحتفظ ببعض القصائد النادرة مثل: اليتيمة لدوقلة المبنجي نسبت إلى واحد وأربعين شاعراً، كذلك قصيدة أبو البقاء الرندي في ضياع الأندلس، وقصيدة مالك بن الريب وهو يرثي نفسه قبل وفاته، وابن زيدون في ولادة، وقصيدة ابن زريق البغدادي. هل يستفيد أبناؤك من مكتبتك؟ نعم، أبنائي وبعض الزملاء عندما يبحثون عن كتاب معين ولم يجدوه في المكتبات فيستعينون بما هو لديّ، وأكون سعيداً بذلك كل السعادة. ماذا تُفضل.. المكتبة الإلكترونية أم المكتبة الرقمية؟ وما السبب؟ الحقيقة أنني أميل مع الكتاب الورقي لسهولة القراءة، والتعليق على ما قرأته، أما الكتاب الإلكتروني في أجهزة الحاسب فأعتقد أنه ربما لا يتفق معي القراء وهذا -رأي شخصي- يحصل به أخطاء، وتنسب بعض الأشياء إلى الغير مثلاً: في «جوجل» وردت أبيات شِعرية تقول: إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه... إلخ، نسبت إلى شاعر سوداني اسمه إدريس جماع، وقد وجدتها في ديوان الشاعر المصري الديب كتبها عام 1939م قبل أن يولد إدريس جماع. ثم عثرت في كتاب «المناقب والمثالب» للخوارزمي المتوفى سنة 430 هـ تحقيق إبراهيم صالح نسبت لشاعر آخر اسمه اللبادي عاش في العصر العباسي في القرن الرابع وهنا أعتقد أن دقة الكتاب الورقي أفضل. هل مكتبتك متخصصة أم متنوعة؟ خليط من هذا وذاك وإن كان يغلب عليها الطابع الأدبي بحكم حبّي لكُتب الأدب والشّعر، كما يوجد قسم خاص بالأدب الشعبي. ما رسالتك التي توجهها لكل من يملك مكتبة خاصة؟ أحذره من أن يكون مطبخه أكبر من مكتبته، وأهنئ كل من لديه مكتبة خاصة في منزله، ولتكن فائدتها لصاحبها، ولمن هم حوله من الأصدقاء والأدباء والباحثين ليتزودوا بالمعرفة. كلمة أخيرة؟ شكراً لجريدة «الرياض»، شكراً لأخي أ. بكر هذال على إتاحة هذه الفرصة الأدبية لإلقاء الضوء على ما يخدم الثقافة، وللقراء الأعزاء أقول: سريعاً تمر سنوات الحياة.. مؤلمة نعيشها في هذا الزمن الصعب، سريعاً تأتي ثانية الموت.. وفي لحظات تتلاشى أنفاسنا.. تموت أحلامنا.. تنتهي آلامنا. لـ خارف الدنيا أساس الألم وطالب الدنيا كثير الندم فكن خلي البال من أمرها فكل ما فيها شقاء وهم عاشر من الناس كبار العقول وجانب الجهّال أهل الفضول واشرب نقيع السم من عاقل واسكب على الأرض دواء الجهول ويبقى الحرف.. والوفاء.. فكلنا أيها الأحبة في قبضة الزمن لكن المفرح دائماً وفي أحلك الظروف أنه لا زال للأحلام متسع.. كم أتمنى ألا تكون هذه الحروف هي آخر ما يذكرني بكم، فكلنا إخوة وقد جففت ملابسنا شمس واحدة، وربما يسأل أحد عن الآخر فلا يجد له أثراً. جانب من المكتبة مجلة «الخواطر» عام 1971م كتاب «ملوك العرب» أمين الريحاني «رباعيات الخيام» عام 2000م مجلة «الإذاعة السعودية» 1379هـ ديوان «الجواهري» مخطوط «المصحف الشريف» مجلة «اليمامة» العدد (5) عام 1955م جريدة «أم القرى» عام 1946م جريدة «حراء» عام 1959م مجلة «الرسالة» عام 1986م
مشاركة :