الدوسة (لبنان) - الوكالات: شيع لبنانيون أمس عدداً من ضحايا انفجار خزان الوقود الذي قتل مطلع الأسبوع الماضي نحو 30 شخصاً على الأقل كانوا يحاولون الحصول على القليل من البنزين وسط أزمة محروقات حادة يشهدها لبنان. وأسفر الانفجار فجر الأحد أيضاً عن إصابة نحو ثمانين شخصاً غالبيتهم بحروق جسيمة، أثناء تجمعهم حول خزان الوقود في بلدة التليل في منطقة عكار في شمال البلاد. وكان الجيش صادر الخزان في إطار حملة أطلقها لمصادرة البضائع المخزنة وتوزيعها على المواطنين الذين يخشون ارتفاعاً هائلاً في الأسعار بعد قرار للمصرف المركزي الأسبوع الماضي برفع الدعم عن المحروقات. وشيع أهالي المنطقة أمس عدة ضحايا، بينهم عسكريون. وجرى دفن آخرين الثلاثاء. ولا تزال مواعيد تشييع باقي الضحايا غير واضحة، كما لا يزال هناك مفقودون وكميات من الأشلاء تجري عليها الجهات المختصة فحوصات الحمض النووي. وفي قرية الدوسة، التي شيعت أربعة من أبنائها من عائلة واحدة، قال معين شريتح، والد ضحيتين في الـ16 والـ20 من العمر، لوكالة فرانس برس «ماتا من أجل البنزين، لو توفر البنزين لما ذهب ولداي لتعبئة البنزين من أجل الدراجة النارية عند الساعة الثانية فجراً». وأضاف «أسأل أي زعيم أو مسؤول أن يضع نفسه مكاني، أن يعتبر أن لديه ولدين رآهما أمامه جثتين متفحمتين». وخلال التشييع في القرية التي علقت فيها صور للقتلى، رشت نساء متشحات بالسواد بالأرز والورود جثامين الضحايا الأربعة، وبينهما اثنان لفا بالعلم اللبناني، كما أطلق شبان ملثمون النار في الهواء. وقال فواز شريتح شقيق الضحيتين الأخرين، وهما عسكريان، «ما حصل سببه الحرمان.. ليس هناك بنزين ولا مازوت ولا دواء ولا حتى خبز». وعلى وقع الانهيار الاقتصادي المستمر منذ عامين، وصنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، يشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات متفاقمة تنعكس بشكل كبير على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية. وتعد منطقة عكار الأكثر فقراً في لبنان، وطالما اشتكى أهلها من إهمال مؤسسات الدولة كافة وغياب الخدمات عنها. وفاقم الانهيار الاقتصادي الوضع المعيشي سوءاً في المنطقة، التي شهدت الثلاثاء انقطاعاً في الاتصالات والانترنت والكهرباء لعدم توفر مادة المازوت. خلال الأشهر الماضية، تراجعت تدريجياً قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية لكافة المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها إلى التقنين أيضاً ورفع سعر التعرفة. وجراء أزمة المحروقات المتفاقمة، دقت مستشفيات مراراً ناقوس الخطر خصوصاً أنها تعاني أساساً من نقص في الأدوية فضلاً عن هجرة طواقمها الطبية. وفاقم انفجار الأحد الضغط على المستشفيات المرهقة، ما تطلب إجلاء ضحايا عدة إلى دول أخرى. ووصلت بعد ظهر أمس طائرة تركية إلى بيروت لإجلاء المزيد من الجرحى، وفق الوكالة الوطنية للإعلام. وينتظر اللبنانيون يومياً في طوابير طويلة أمام محطات الوقود للحصول على البنزين، بينما أقفلت بعض المحطات أبوابها. ويلجأ كثيرون إلى شراء المحروقات من السوق السوداء. وشهدت زحمة الطوابير خلال الأشهر الماضية إشكالات وحتى إطلاق نار، ما أدى إلى سقوط قتلى. تفاقمت أزمة المحروقات أكثر مع إعلان مصرف لبنان منتصف الأسبوع الماضي رفع الدعم عن المحروقات، ما أحدث هلعاً بين الناس، إذ أن رفع الدعم عن الوقود يعني ارتفاع أسعارها بنسبة تفوق 300 في المائة كما يعني احتمال ارتفاع أسعار كافة المواد بشكل كبير.
مشاركة :