من اللحظة التي تختار فيها أن تتزوج أو تحب كاتبة، تتغير حياتك وتنقلب وردا وبساتين زهور، فحينما تقع في حب كاتبة ستكون بطلا لرواياتها، ملهمها في شعرها، ستخلد اسمك في كتبها، وقد وصف البعض هذه الحالة بعبارة "إذا أحببت كاتبة فلن تموت أبدا". هكذا تحدثوا عن الزوجة الكاتبة. "الاقتصادية" تتجول بين قصص الأديبات وأزواجهن، وسمات الزوجة الكاتبة، تلك المرأة التي تعتاد حرفها، وتستمع إلى شعرها حتى تنام، تحييك بالكلمات وتنقش اسمك في صخور التاريخ. ستتفهم أنك بشر يورد كتاب "اخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة" في حديثه عن الارتباط بالكاتبات والزواج بهن الكثير، وينقل مقالا لكاتب مجهول، يدعو صراحة إلى الارتباط بالكاتبة، حيث يقول في طياته "ابحث عن فتاة تحب الكتابة، ستكتشف أنها مرحة، أنها متعاطفة وحنونة لدرجة بالغة، ستحلم وتبتكر عوالم وأكوانا كاملة لأجلك.. الفتاة التي تحب الكتابة لا تتوقع الكمال منك، لأن قصصها غنية بالتحولات، وشخوصها متعددة الأوجه، بسبب عيوبها الكثيرة المثيرة للاهتمام، هي تفهم أن الكتاب الجيد لا يجب أن يكون مليئا بالشخوص المثاليين، إن الأشرار والأخطاء التراجيدية هي ملح الكتب، الفتاة التي تحب الكتابة ستتفهم أنك بشر، وأن أخطاءك واردة". وفي اختيارات مؤلفه الشاعر والمترجم اليمني محمد الضبع، يحدثنا عن مزايا الزوجة الكاتبة، فهي ستحكي لأطفالك قصصا بالغة الجمال والسحر، لأن هذا هو أجمل ما تملكه، لديها الخيال، ولديها الجرأة، وسيكون هذا كافيا، ستكون بطلها، وستكون مصدر وحيها، وما ستكتبه عنك سيكون أبديا، سيعيش أكثر منك، ستكتب لك قصائد حب، وستشاكسك بكتابتها، ستغريك بها، ستستخدم الكلمات لتدخل بها إلى عقلك. ويكمل في فكرته "هي شهرزادك، عندما تخاف من الظلام ستقودك من يدك، كلماتها تتحول إلى مصابيح، إلى أضواء ونجوم وشموع تقودك عبر أكثر أيامك ظلاما. ستكون هي الفتاة التي ستنقذك، ستسرقك بعيدا على متن منطادها الهوائي، وستكون مسحورا بها، هي مؤذية وهي لعوبة، لكنها هادئة، وعندما تضطر إلى قتل شخصية من شخصياتها المحبوبة في القصة، وعندما تبكي، أخبرها أن كل شيء سيكون على ما يرام". ارتبط بفتاة تحب الكتابة، فكما يقول الكاتب، يبرر ذلك بأن حبها سيكون كبيرا، وسيراه الجميع في قصائدها، في تأملاتها، وعندما تكون غاضبة سيخبرك قلمها بذلك. لن تموت أبدا ومن كتابنا الأول، إلى كتاب آخر مترجم إلى العربية، بعنوان "إذا وقعت في حب كاتبة"، لجانيس والد المعلمة والكاتبة الأمريكية وآخرين، وتحت عنوانه البراق الذي يحتضن بين دفتيه مقالات متنوعة عن عشق الكتاب والقراءة، ويقدم نصائح عن الكتابة الإبداعية مستوحاة من طقوس كبار الأدباء، تورد مقالا بعنوان "أشياء لتتذكرها إذا وقعت في حب كاتبة"، تقول جانيس فيه "ما أعظم متعة الارتباط بكاتبة، لكنه ليس أمرا سهلا لمعظم الناس، فالكاتبة لها طبيعتها الخاصة، تجتاحها رغبة في الكتابة اليومية، تجد الجمال في أشياء قد لا يلاحظها أحد، وقد تصيبها الدهشة من أمر عادي تراه كل يوم، وتفكر فيه عدة أيام، وقد تشعر بالغبطة لمجرد اكتشاف كلمة جديدة لاستخدامها في الكتابة". وتسرد في حديثها أن الكاتبة لا تستمع للنقد، لكنها بدلا من ذلك تستمع لصوتها الداخلي ليشجعها على تحقيق شغفها، فلا تحبطها بالنقد، كما أن القراءة جزء من الحياة مثل الكتابة تماما، لذا عليك أن تعتاد الكم الهائل من الكتب وتقدرها، فهي مصدر الشغف والإلهام، وأصدقاء الكاتبة الذين لا تتخلى عنهم. تفننت جانيس والد في الحديث عن سمات الزواج والارتباط بكاتبة، وترى أنه إذا أحببت كاتبا أو كاتبة، فلن يتغير أو تتغير، بل على العكس، فربما سيصابون بالإدمان على الإبداع، مضيفة أن "الكاتبة ستكتبك، فإذا أحببت كاتبا، فلن تموت أبدا". بكتابات رضوى عشقنا مريد "غريب أن أبقى محتفظة بالنظرة نفسها إلى شخص ما طوال 30 عاما، أن يمضي الزمن وتمر الأعوام، وتتبدل المشاهد وتبقى صورته كما قرت في نفسي في لقاءاتنا الأولى".. كلمات رضوى عاشور الأديبة المصرية عن زوجها الشاعر مريد البرغوثي، لم تكن مجرد كلمات عابرة، فقد أثبتت صدق نظرية الارتباط بكاتبة، وكانت نموذجا فريدا للكاتبة التي أبرزت لنا روعة مريد، وأضافت إلى محبتنا لمريد بساتين ورد. لأنها أحبت زوجها، كتبت عن بلاده فلسطين عبر روايتها "الطنطورية"، التي سردت فيها حكاية الشتات واللجوء الفلسطيني، وترجمت أيضا قصائد زوجها وابنها إلى الإنجليزية، في وقت لا يزال جمهور القراء يحتفظ فيه برسائلها وكلماتها إلى زوجها، ومنها رسالتها المعروفة لمريد "وأنا أقرأ لك أتخيلك وأنت تكتب، أرى وجهك، جلستك، حركة يديك، مكتبك.. فأشتاق أكثر". وثقت الراحلة رضوى عاشور اللقاء الأول بزوجها في قصة كانت تحب أن ترويها كلما سنحت الفرصة، حيث كانت تقول "إن أول لقاء بينهما كان على سلم جامعة القاهرة، حينما سمعت مريد يلقي الشعر بين أصدقائه، ليخترق بأحرفه المميزة قلبها، حتى إنها في ذلك الوقت كانت تكتب الشعر، فتركته بعدما سمعته، لأن الشعر أحق بأهله"، على حد تعبيرها، وبقيت قصة الراحلين شاهدة على حب دام أكثر من 50 عاما، لا ينسى. الملهم اللص فقدان الزوج، أو الإلهام الأول للكاتبة ليس بالأمر الهين، فمعنى ذلك أن نهرا متدفقا من الحب قد توقف عن الإلهام والإبداع، وبطل الرواية قد مات في منتصف الطريق، ولعل ذلك ما دعا آنا أخماتوفا الشاعرة الروسية إلى التوقف 18 عاما عن كتابة الشعر، بعد أن أعدم جوميلوف زوجها السابق بتهمة الاشتراك في مؤامرة معادية للسوفيات، فالتزمت الصمت فترة طويلة، إلى أن صدر ديوانها المنشود أخيرا. ومن الملهم المفقود، إلى الملهم اللص، حيث تخبرنا زيلدا فتزجيرالد الروائية الأمريكية بأن زوجها الروائي سكوت فتزجيرالد كان يسرق قصص زوجته وينشرها في الصحف والروايات باسمه، فقد كان يسخر من كتاباتها، ويمنعها من نشر قصصها، بل وأرغمها على دخول مصحة نفسية، وانتهى هذا الزواج الأدبي انهيارا مدويا. أما زوج فرجينيا وولف، فكان يرى أن كتاباتها هي أفضل ما عندها، واشترط على زوجته الأديبة شرطا ظريفا، وثقه كتاب "5 نساء رائدات من الغرب"، حينما توعدها قائلا "إذا توقفت عن الكتابة بعد الزواج، فثقي بأنني سأطلقك".
مشاركة :