كابول - الوكالات: خرج أفغان أمس في تظاهرات جابت الشوارع وهم يلوحون بالأعلام الوطنية لإحياء ذكرى الاستقلال، في تحدّ لطالبان التي استولت على السلطة قبل ايام ورفعت رايتها البيضاء الخاصة فوق الأبنية الحكومية. وشاهد مراسل وكالة فرانس برس مجموعة من النساء والرجال وهم يرفعون علم أفغانستان الأسود والأحمر والأخضر قرب وزير أكبر خان، إحدى ضواحي كابول، على الرغم من مرور شاحنة صغيرة تحمل مقاتلين من طالبان بجوارهم. أبطأت الشاحنة سيرها ورمق مقاتلو طالبان أفراد المجموعة بنظرات فضولية قبل ان يتابعوا طريقهم متجاهلين استعراض التحدي هذا. أعلنت أفغانستان استقلالها عام 1919 على يد الأمير أمان الله خان بعد الحرب البريطانية الأفغانية الثالثة، ومنذ ذلك الحين بدلت علمها الوطني أكثر من عشر مرات. علم أفغانستان الأخير بالألوان الثلاثة الأسود والأحمر والأخضر وفي وسطه الشعار الوطني للبلاد بالأبيض، اعتمد عام 2013. ويوم الأربعاء أطلق مقاتلو طالبان النار لتفريق عشرات المتظاهرين كانوا يلوحون بالعلم الوطني في جلال أباد قبل حلول ذكرى الاستقلال. كذلك وردت تقارير عدة غير مؤكدة عن إطلاق نار أمس في كونار، ونشرت على تويتر لقطات لسيارات ودراجات نارية تحمل أعلاما أفغانية وهي تعبر ضاحية اسد اباد في كابول. وانتشر ايضا على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لرجل تسلق عمودا في ساحة عبدالحق في كابول ورفع فوقه العلم الأفغاني بينما هتف حشد تجمع في المكان له. وأظهر منشور آخر عشرات المتظاهرين يحملون الأعلام الوطنية ويسيرون في أماكن أخرى من العاصمة الأفغانية. وتعتمد طالبان راية بيضاء تتوسطها الشهادتان، وقد باتت مألوفة منذ استيلاء الحركة بشكل خاطف في الفترة الأخيرة على البلاد في أعقاب تمرد استمر 20 عاما. وأمس أعلنت طالبان في بيان اعترافها باستقلال البلاد وهزيمة الامبراطورية البريطانية، وكذلك الاحتلال الروسي الذي دام عقدا وانتهى عام 1989. وأضاف البيان: «فخر كبير للأفغان أن بلادهم على وشك الاستقلال من الاحتلال الامريكي اليوم». في موسكو صرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس أن المقاومة ضد حركة طالبان تتركز في بانشير مع نائب الرئيس أمر الله صالح ونجل القائد الراحل أحمد شاه مسعود، داعيا إلى إجراء محادثات من أجل تشكيل «حكومة لها صفة تمثيلية» في أفغانستان. وقال لافروف في مؤتمر صحفي بالعاصمة الروسية إن «طالبان لا تسيطر على كل الأراضي الأفغانية. تصل معلومات عن الوضع في وادي بانشير» شمال شرق كابول «حيث تتمركز قوات المقاومة التابعة لنائب الرئيس أمر الله صالح وأحمد مسعود». ودعا لافروف مجددا إلى «حوار وطني يسمح بتشكيل حكومة لها صفة تمثيلية»، مؤكدا أن روسيا كانت تصر في الأساس على آلية من هذا النوع لإنهاء النزاع الأفغاني قبل سيطرة طالبان على كابول ومعظم أنحاء البلاد. ودعمت موسكو مبادرة في هذا الاتجاه قدمها الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي وأطلقت تصريحات مطمئنة وتنم عن انفتاح تجاه طالبان. من جهتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أمس إن طالبان «مستعدة للحوار»، مشيرة إلى أنها عبرت عن «استعدادها لمراعاة مصالح مواطنيها بما في ذلك حقوق المرأة». وأضافت أن روسيا ستنظم في الأيام المقبلة رحلات جوية للمواطنين الروس الراغبين في مغادرة أفغانستان، وإذا طُلب منها فهي مستعدة لإجلاء مواطنين أفغان في طائرات. من جهته، تعهد نائب الرئيس السابق أمر الله صالح عدم الخضوع لطالبان وتراجع إلى وادي بانشير. وظهر في صور على مواقع التواصل الاجتماعي الاثنين مع أحمد مسعود في هذه المنطقة وهما يرسيان أسس حركة مقاومة. وطالب أحمد مسعود نجل القائد أحمد شاه مسعود الذي اغتاله تنظيم القاعدة في 2001 في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأربعاء الماضي بدعم أمريكي بالأسلحة والذخائر للمليشيا التي يقودها في أفغانستان من أجل مقاومة طالبان التي استعادت السلطة في كابول. ولم تتمكن طالبان يوما من السيطرة على وادي بانشير الذي يصعب الوصول إليه. وبينما واصل المجتمع الدولي النظر بصدمة إلى الأحداث في أفغانستان، اقترحت الحكومة الإيطالية، التي تتولى حاليا رئاسة مجموعة العشرين، عقد قمة طارئة لأكبر 20 اقتصادا في العالم لمناقشة الوضع في أفغانستان.
مشاركة :