مقاومة وادي بانشير ضد طالبان مغامرة غير مؤكدة النتائج

  • 8/20/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

باريس - من شأن المقاومة المسلحة ضد حركة طالبان التي تنظم صفوفها في وادي بانشير حول شخصيتين أفغانيتين بارزتين هما نائب الرئيس السابق أمرالله صالح وأحمد مسعود نجل أحمد شاه مسعود، أحد رموز المقاومة الأفغانية ضد السوفييت وطالبان، أن تثير ضجة بالتأكيد، غير أن نتيجتها تبدو غير مؤكدة. وحض أحمد مسعود في مقالات نشرت في الأيام الأخيرة على المقاومة في وادي بانشير، مطالبا بدعم دولي ولاسيما أسلحة وذخائر من الولايات المتحدة. من جهته، تعهد أمر الله صالح بعدم الرضوخ لطالبان وانسحب إلى الوادي. وظهر القائدان معا على شبكات التواصل الاجتماعي في لقطات توحي بأنهما يضعان حجر الأساس لحركة مقاومة ضد الحركة المتطرفة التي باتت تسيطر على أفغانستان. مقاومة شفهية أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس أن طالبان لا تسيطر على وادي بانشير الواقع شمال شرق كابول، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن معارك تجري فيه. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس الأولى بانتيون سوربون، جيل دورونسورو المتخصص في أفغانستان والذي صدر له كتاب العام 2021 بعنوان "حكومة أفغانستان العابرة للحدود الوطنية - هزيمة متوقعة"، إن "المقاومة لا تزال شفهية في الوقت الحاضر لأن طالبان لم تحاول دخول بانشير". ولفت عبد السيد الخبير السياسي في جامعة لوند في السويد إلى أن طالبان "تحاصر بانشير من كل جانب". وأفادت المنظمة غير الحكومية الإيطالية "إيميرجنسي" الأربعاء عن استقبال "عدد متزايد من جرحى الحرب" في المستشفى الذي تديره في وادي بانشير. لكن فرنسيا يعرف المنطقة جدا وقاتل في بانشير إلى جانب القائد أحمد شاه مسعود في أواخر التسعينات أوضح أنه "ليس هناك معارك حاليا في بانشير، لكن بعض الاشتباكات وقعت ربما على طريق الوادي في سهل شمالي". وأكد بيل روجيو من مركز إف دي دي الأميركي للدراسات أن وادي بانشير خارج عن سيطرة طالبان "لكن الوضع في ولاية بروان المجاورة غير واضح، يبدو أن قوات صالح حاولت توسيع سيطرتها إليها انطلاقا من بانشير". ولفت دارونسورو إلى أن "طالبان بنوا انتصارهم على الحرب الخاطفة والاستسلام، وفي نهاية المطاف تمكنوا من الانتصار بدون الكثير من العنف"، مضيفا أن "هجوما مباشرا اليوم مع كل ما لبانشير من وزن رمزي، سيكون مخالفا لعزمهم على تطبيع صورتهم". تحالف غير متجانس المقاومة في بانشير بقيادة رجل يعيش في ظل أسطورة والده غير أنه لا يحظى مثله بكثير من الدعم على الأرض ومن الوزن السياسي، وشخصية محض سياسية تولت مركزا قياديا على مدى سنوات. وأوضح دورونسورو أن "العلاقات بين أحمد مسعود وأمرالله صالح معقدة بعض الشيء، ثمة عدم تناغم بينهما منذ البداية". ورأى الباحث أن "أحمد مسعود ليس له موقع رسمي في النظام، إنه شخص لا يحظى بدعم قوي في أفغانستان خارج بانشير". واعتبر على غرار المقاتل الفرنسي السابق المطلع على شؤون المنطقة أن ابن القائد مسعود الذي اغتاله تنظيم القاعدة عام 2001 يعيش في "خيال والده" و"أسطورته". وقال "إنه يشعر بأنه يحمل إرثا، يرتدي زي الشبل"، في إشارة إلى لقب والده "أسد بانشير". وأضاف "هو يقول لنفسه "إن كان يتحتم على أحد الانخراط في المقاومة، فلا بد أن أتولى أنا ذلك"". أما صالح، فهو بحسب عبدالسيد "يدّعي أنه رئيس أفغانستان الشرعي وفقا للدستور بعد فرار أشرف غني". مفاوضات مع طالبان تحدث الباحث الفرنسي عن الأهداف التي تسعى المقاومة إلى تحقيقها، متسائلا "أهي التفاوض مع طالبان أم أننا نتحدث عن مقاومة مسلحة حقيقية؟" وأشار المقاتل السابق إلى أن "مصالح سكان بانشير يدافع عنها سياسيا حاليا في كابول (رئيس الوزراء السابق) عبدالله عبدالله الذي يتفاوض مع طالبان، وأعمام مسعود الذين يتفاوضون في باكستان". ورأى من المحتمل أن "تكون هذه المقاومة وسيلة لممارسة ضغط على المفاوضات في كابول من أجل الدفاع عن مصالح سكان بانشير، وحتى يتصل عبدالله أو العائلة في وقت ما بمسعود للقول له "حسنا، يمكنك التوقف، توصلنا إلى اتفاق جيد"". في المقابل، اعتبر أن صالح يعتمد منطقا آخر لأنه "عدو شخصي لطالبان". لكن رغم ذلك، لا يستبعد جيل دورونسورو أن يسعى للتفاوض مع النظام الجديد "لأنه يتحدث عن عملية سلام يفترض أن تكون جامعة أكثر". أسلحة ودعم من الخارج شدد الباحث الفرنسي على أن مشروع المقاومة "في طريق مسدود" على الصعيد العسكري، مضيفا أن "كل ما يتحتم على طالبان القيام به هو إحكام الحصار على بانشير ويكون الأمر قضي. لا حاجة حتى لدخول الوادي فعليا". في المقابل، رأى المقاتل الفرنسي السابق أن مسعود "لديه شبان وآليات ومروحيات وذخائر، إنه يستعد منذ أشهر"، ولو أنه يشاطر الباحث تحليله فيقول "لديهم الوسائل للحفاظ على المظاهر" والتحصن في الوادي، لكن هذا كلّ شيء. يبقى السؤال مطروحا حول موقف جهات أجنبية قد تجد مصلحة في قيام مقاومة نشطة، سواء من منطلق تأييدهم لأسطورة شاه مسعود أو معارضتهم لقيام نظام إسلامي متطرف في المنطقة. كابول - طالب أحمد مسعود نجل القائد أحمد شاه مسعود الذي اغتاله تنظيم القاعدة في 2001 في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأربعاء الماضي بدعم أميركي بالأسلحة والذخائر للميليشيا التي يقودها في أفغانستان من أجل مقاومة طالبان التي استعادت السلطة في كابول. وقال أحمد مسعود "ما زال بإمكان أميركا أن تكون ترسانة كبيرة للديموقراطية" عبر دعم مقاتليه المجاهدين" الذين أصبحوا مستعدين مرة أخرى لمواجهة طالبان". وكان والده أحمد شاه مسعود من أبطال المقاومة ضد السوفيات وقاتل طالبان. وقد اعتبر بطلا قوميا بموجب مرسوم رئاسي في 2019 وإن كانت قوات "أسد بانشير" تركت ذكريات متضاربة لدى سكان كابول الذين علقوا مطلع تسعينات القرن الماضي في القتال بين المجاهدين المتنافسين. وكان أحمد مسعود الذي يقود حزبا سياسيا اسمه "جبهة المقاومة" نشر الإثنين عمودا في المجلة الفرنسية "لا ريغل دو جو" التي أسسها الكاتب برنار هنري ليفي، أكد فيه أنه يريد أن يجعل معركة والده "حربه". ودعا الأفغان إلى الانضمام إليه "في معقلنا في بانشير وهي آخر منطقة حرة في بلدنا المحتضر". وفي مقاله في صحيفة واشنطن بوست، قال أحمد مسعود أن جنود الجيش الأفغاني "الغاضبين من استسلام قادتهم" وكذلك بعض أعضاء القوات الخاصة الأفغانية، انتقلوا إلى بانشير. وتُظهر صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي نائب الرئيس السابق أمر الله صالح وأحمد مسعود معا في وادي بانشير، وهما يؤسسان كما يبدو تمردًا على النظام الجديد. وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس أن المقاومة ضد طالبان تتركز في بانشير مع صالح ومسعود، داعيا إلى إجراء محادثات من أجل تشكيل "حكومة تمثيلية" في أفغانستان. ولم تتمكن طالبان يوما من السيطرة على وادي بانشير الذي يصعب الوصول إليه. وقال أحمد مسعود "لكننا بحاجة إلى مزيد من الأسلحة والذخيرة ومزيد من المعدات"، مؤكدا أن طالبان تشكل تهديدا خارج البلاد أيضا. وتابع أن "أفغانستان ستصبح تحت سيطرة طالبان بدون شك، قاعدة للإرهاب الإسلامي الراديكالي وستُحاك مؤامرات ضد الديموقراطيات هنا مرة أخرى". ومنذ عودتها إلى السلطة الأحد بعد عشرين عاما على طردها من الحكم في 2001 من قبل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر، عرضت طالبان مخزونات من الأسلحة والمعدات التي تم الاستيلاء عليها من القوات الأفغانية معظمها جاء من الولايات المتحدة. ويعتقد أحمد مسعود أنه خلال هذه السنوات العشرين، كان الأميركيون والأفغان يتقاسمون "مُثلًا ونضالات". وطلب من واشنطن مواصلة دعم "قضية الحرية" وعدم التخلي عن أفغانستان لطالبان، مؤكدا "أنتم أملنا الأخير".

مشاركة :