كان الشيعة مهمشين الى حد ما في ظل حكم صدام حسين. ومنذ أن سقط النظام السابق في العام 2003، بات الشيعة يتحكمون بمفاصل السلطة في البلاد. وأصبح أداء الشعائر ممكناً. ويقول الوزني "نلنا الحرية. نعم توجد حريةً اليوم، لكن من يديرون النظام السياسي يضيعون وقتهم بالسرقة وهم غير مكترثين بمعاناة الشعب". بيتزا وهمبرغر في سوق الشيوخ في ذي قار جنوب كربلاء، دخلت الإيقاعات الحماسية الجديدة في صلب الشعارات التي تؤديها المواكب. ويكرّس كرّار عبد الأمير البالغ 31 عاماً والذي يعمل خادماً في العتبة العباسية إلى جانب عمله كصائغ مجوهرات، من جهته وقته كاملاً خلال شهر محرم للاهتمام بموكب كله من الشباب يسمّى "عشاق علي الأكبر"، في إشارة الى علي ابن الحسين الذي قتل معه يوم واقعة الطف. وينظم مسيرات ويوزّع طعام مجانيا على المشاركين. إلا أن الأطعمة التي يعدها مع فريقه لا علاقة لها بالأطباق التقليدية الخاصة بالمناسبة، وأبرزها الأرز واللحم. ويروي كرّار، بينما كان يحضّر لموكب عزاء وحوله عدد من الشباب الذين يعملون معه، "نقدّم ألفي قطعة بيتزا و500 قطعة همبرغر". ويضيف "غالبية الشباب متعبون، مصابون بالإحباط، فهم يدرسون في الجامعات لسنوات ثمّ يبقون من دون عمل". ويتابع "ربما لا يكون الدين أولوية لهم... لكن الروحية في عاشوراء تختلف". احتفالات بعاشوراء في كربلاء أ ف ب وتبلغ نسبة العاطلين من العمل في العراق اثنين من كل خمسة شباب. ويصف علي، الطالب في هندسة الاتصالات والبالغ من العمر 24 عاماً نفسه بأنه "غير متدين كثيراً". ويقول الشاب الذي شارك في تظاهرات تشرين الأول/أكتوبر 2019 التي خرجت ضد الفساد والنظام وسوء الإدارة، ويطمح بالسفر إلى الولايات المتحدة والعمل في شركة آبل، "الخدمة خلال شهر محرم أمر مهم جداً بالنسبة لي، تكريماً للإمام حسين وما يمثّله من قيم". ويشدّد بينما يعمل الى جانب كرّار على أن هذه الخدمة "باتت حاجة ملحة اليوم" وسط الظروف السياسية التي يمر بها العراق، مشيرا الى هناك اليوم "طريقة جديدة في التعبير عن الدين"، تتمثّل بـ"الانفتاح وعدم إرغام أحد على التدين". ورغم أن بعض الموروثات لا تزال راسخة، تتغيّر ممارسة العادات والتقاليد من جيل إلى آخر. ودخل عليها الإنترنت الذي أصبح منبراً أيضاً للكثير من الشباب للتعبير عن حزنهم في هذه المناسبة، وكذلك عن إحباطهم. ويرى الشيخ صالح محمد مهدي البالغ من العمر 40 عاماً والذي يكرّس غالبية وقته في العمل مع الشباب أن "الثوابت موجودة... لكن التعاطي يجب أن يختلف لأننا الآن في زمن مختلف تتخلله أجهزة إلكترونية متطورة. ولا بدّ للدين أن يتعاطى مع هذا التقدم والتطور وينظر إلى الشباب بنظرة أخرى".
مشاركة :