هل المسؤولون حقا فاسدون؟

  • 11/29/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

* أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 502 *** * حافزُ الجمعة: غيِّر طريقة تفكيرك للأصلح، فيتغير سلوكك للأصلح، وتتغير رؤيتك للأصلح.. ثم تتغير كل حياتك للأصلح. *** * تفاؤل منطقي: ستجد في هذه الدنيا أمرين يجعلانك لا ترى داعيا للقلق أبدا. الأول: أنك لا يجب مطلقا أن تشعر بالقلق إزاء وضع لا تستطيع تغييره. وإن كنت تستطيع تغييره فمن سوء التبصر وقلة الذكاء أن تقلق، لأنك تحتاج إلى مباشرة العمل للتغيير، والقلق سيكون عائقك الأكبر. الثاني: أن القلقَ أشد ضررا بمراتٍ من الأمر الذي كان سبب القلق، فكأن ذاك الأمر ضعيف، وأنت الذي قمت بمضاعفة قوته ليقلقك. لذا، ضعْ القلقَ في مكانه الصحيح: خارج حياتك! *** * العيادة الطبية النفسية: قرأت كما قرأ غيري عن حادث مؤلم، عن شاب قتل أخاه بشوكة الطعام في أحد مجمعات الرياض الكبيرة. ثم تواردت الأخبارُ أن الشابَ القاتل يعاني اضطرابا نفسيا، وكانت رحلة المجمع مع أخيه لتنفيَه عنه، وقدّر اللهُ فحصل ما حصل. المفارقة اللافتة أنه في الوقت نفسه كان يُقام في ذات المجمع أكبر مؤتمر سعودي يتنادى له الأطباءُ النفسيون. تسألني عن المفارقة أين هي؟ هي ليست في التزامن فقط، بل في ذاك المؤتمر الكبير، فرغم وجود أعداد كبيرة من الطبيبات والأطباء النفسيين، ورغم انتشار المعرفة في أمور الأمراض النفسية، إلا أنه يبقى بعيد الاستخدام في مجتمعاتنا. ما زالت زيارة العيادة النفسية أمراً موصوماً بالعار والخذلان وسوء السمعة، ويلجأ أفرادُ المجتمع لكل الطرق الخاطئة المبنية على تناقلات شعبية من الماضي وما زالت حاضرة بسطوع اليوم، وتبقى العيادات الطبية والنفسية، بأطبائها المتخصصين علميا، باهتةً. والطبيب النفسي لا يعالج فقط بالتحليل النفسي بل هو طبيب متكامل ينظر إلى النواحي الفسيولوجية والتفاعلات في الدماغ بأحدث ما وصل إليه العلم. وفي الغرب تكون زيارة الطبيب النفسي روتينا عاديا طبيعيا مثل من يذهب إلى عمله، أو يؤدي تمرينا. في أيام الرئيس كلينتون ذكر ثلاث مرات في خطاباته للأمة الأمريكية عن زيارته لطبيبه النفسي، ويمر الأمر عاديا بلا استغراب، لكن الرأيَ العام قام عليه في المرة الثالثة لما قال إنه يذهب إلى طبيبه وإنه في الصباح تناول حبة بروزاك.. لماذا قاموا عليه؟ ليس لأنه قال إنه يزور طبيبه النفسي، بل لأنه ذكر اسم الدواء، فاتهموه بأنه يروّج للشركة الصانعة له.. أرأيتم؟! *** * نزاهة المسؤولين والوزراء: تعالوا نتساءل ونتدارس هل الوزراءُ والمسؤولون فاسدون؟ طيب لو قال أحد نعم، أليس الوزراء هم منا وفينا، وكل وزير يُوضع يُتّهم بالفساد.. لو تأملنا في ذلك بمنطق واقعي لوجدنا أننا نقول عنا كلنا إننا فاسدون، أو إننا فاسدون تحت الانتظار حتى نصبح مسؤولين أو وزراء. وهذا الكلام لا يمكن -حاشاكم الله- أن يكون صحيحا. طيب إذن أين الفساد؟ إن أحسنا الاعتقاد بهم. القصة أكبر وأعمق وأرفع من ذلك، إنها البيئة المهمل فيها سن القوانين القوية في الفساد أو تطبيقها حقا، وربما النفخ فيها لتكبر، فكنا نرى في العقود السابقة من يتسلم منصبا عاليا وليس لديه شيء من متاع الدنيا، ثم بعد ترك المنصب نفاجأ بأنه ملك كل متاع الدنيا. والمصريون يقولون: المالُ السايب يعلم السرقة، ولم يعد أمراً صعبا عمليا الآن وتقنياً ومن جهة المصارف ووسائل الرصد المتقدمة أن يُتتبع الفسادُ والفاسدون. إذن هناك قصص أخرى، أهمها أن يكون الفسادُ مستشريا بقوة النفوذ، أي أن المسؤول يضطر للعمل الذي يؤدي إلى نعته بالفساد، لأن مَن أعلى منه أمره بذلك. هنا تنشأ إشكاليتان، إشكاليةٌ أخلاقية وهي هل يكون المسؤولُ المجبور من قوة أكبر منه مشاركا في العمل الخالي من المبدأ والأخلاق أم لا، بحكم أنه أُجبر على ذلك؟ وإشكالية إدارية لأن الفسادَ سيدور من آمرٍ لمأمورٍ ومن آمرٍ لمأمور في كل أوردة الكيان الإداري، وهذا سريع الانتشار. إن أسئلةً كبرى يجب أن نرفع عنها الحجابَ الذي أعمينا أنفسنا به عمداً، وإلا فلا يشكوَنّ أحد، كلنا مشاركون. *** * مجرد اقتراح حل: الحل السريع والناجع والذي سيوسع بشكلٍ دراماتيكي الإنجاز خصوصا في المشاريع الكبرى، كما سيحد بشكلٍ ملحوظ الفسادَ، هو أن تخرج الوزاراتُ والهيئاتُ الرسمية من جدرانها، وتتفاعل مع المجتمع المدني بأفراده المتخصصين، وأنا أكيدٌ أن هؤلاء المتخصصين سيتطوعون في تفعيل وتعميق وتطوير الأداءات المتخصصة للمشاريع المهمة بدون أي تكلفة أو ضرر. وعندما يندمج المجتمعان فلا يكون للفسادِ فسحة أن يندمج معهما.

مشاركة :