«يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي» اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، وتوفنا وأنت راض عنا ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين. يا ربنا ومولانا، وقد اخترت عبدا من عبادك إلى جوارك، اللهم فكن له نعم الجوار، اللهم أحسن وفادته، وأكرم نزله ولقه جزاء الصابرين الحامدين والأوابين الشاكرين. سامي علاء الدين الذي انتقل إلى رحمة الله بالأمس القريب كان رجلا فاضلا، إنسانا شامخا، علما في رأسه نار. يستضاء به في الظلمات ويستعان به في النوازل. كريما شهما، صبورا وقورا، جسورا مقداما في الحق. هكذا عرفته، وهكذا عرفه أصدقاؤه وزملاؤه - في القاهرة حيث جمعتنا كلية التجارة لمدة أربع سنوات مع زملاء آخرين - في الخطوط السعودية في جدة، في «لندن» حيث أمضينا فترة تدريبية في إدارة شؤون الطيران. عرفته أكثر في رحلات شبابية في فرنسا وبلجيكا، وهولندا، ركبنا القطارات، وامتطينا الطائرات، وخضنا البحار.. سلكنا شوارع وأزقة القاهرة ولندن، وباريس وبروكسل وأمستردام وجدة والطائف، جلنا في مدن مصر الإسكندرية، والمحلة الكبرى، المنصورة، وبور سعيد، دمياط والإسماعيلية والسويس، وطنطا ورأس البر. كنا ثلاثة جمعتنا الحياة الأكاديمية والوظيفة وقبلها جمعنا رباط المودة والحب والاحترام، سامي علاء الدين، محمد علي اشموني، ومدني علاقي إذا ذكر أحد هؤلاء في مجمع ذكر معه الآخران. ذكرياتنا معا مليئة بالتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والسياسة والإدارة ومليئة أيضا بالنوادر والطرائف. نقاش مستمر ووجهات نظر، وجدليات يزينها حماس الشباب والاعتداد بالرأي. لكن يشاء الله أن نفترق بعد مرحلة الشباب فينا من سلك التجارة وفينا من سلك العمل الجامعي، وفينا من سلك العمل المتعدد. ولكن يجمعنا التقاعد مرة أخرى ويعود بيننا التواصل بعد أن أصبحنا أجدادا، وكل منا يتلذذ ويستمتع بأبنائه وأحفاده يحيطون به إحاطة السوار بمعصم اليد، نجتر الذكريات ونضحك على أحداث ومواقف لم تكن لتذكر لولا تفاصيل أذكاها حماس الشباب آنذاك. * اليوم أذكرك يا صديق عمري سامي.. أذكرك بكل خلجة قلب وبكل زفرة نفس. أنت يا رفيق الدرب جزء من تاريخي وسيرتي جزء من ذكرياتي في القاهرة التي جمعتنا، كنت أنت الضوء الذي ينير لنا الطريق، وكان هذا دأبك مع كل من عرفك. * افتقدناك «يا أبا زياد» للأبد. لكن لعل الله الرحمن الرحيم أن يجمعنا بك وبمن يحبوك في دار النعيم. اللهم ارحم سامي برحمتك الواسعة، اللهم اجبر كسر زوجته الصبورة وأبنائه وابنته وأحفاده. * أما أنت «يا أم زياد» لإن كان سامي يطوقك بحنانه فإن الله الرؤوف الرحيم لن ينساك، وأبناؤك وأحفادك هم صور متعددة من سامي الأب والزوج البار. لكم العزاء يا أحبتي زياد ورياض، أنتم إن شاء الله ورثة أبيكم في خلقه وصفاء نفسه، ترك لكم والدكم كنزا من الحب فاستثمروه. إنا لله وإنا إليه راجعون.
مشاركة :