أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، جولة مباحثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي يقوم بزيارة عمل إلى موسكو. ومع تناول ملفات التعاون الثنائي وآليات تعزيز التنسيق في المسائل الإقليمية والدولية، بدا أن الاهتمام الأكبر خلال المحادثات على الوضع في سوريا، خصوصاً على خلفية تفاقم الموقف في جنوب البلاد، فضلاً عن ملف الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في إطار الاستعصاء الذي تواجهه جهود دفع المفاوضات بين الطرفين. وجاءت زيارة العمل التي يقوم بها الملك عبد الله إلى روسيا تلبية لدعوة روسية لحضور مراسم افتتاح منتدى «الجيش 2021» حيث تم تنظيم معرض ضخم للتقنيات العسكرية الحديثة. وبعد مراسم الافتتاح مباشرة عقد الزعيمان جلسة محادثات خلف أبواب مغلقة. وكان الكرملين مهداً للمحادثات بالإشارة إلى أن البحث سوف يتطرق إلى طيف واسع من الملفات ذات الاهتمام المشترك، ولفت إلى الأهمية الخاصة لجولة المباحثات خصوصاً أن هذا اللقاء الأول بين الزعيمين منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019، إذ تراجعت وتيرة اللقاءات الدورية المباشرة بينهما خلال العامين الماضيين بسبب ظروف تفشي وباء «كورونا». ولفتت مصادر متطابقة روسية وأردنية أمس، إلى أن الزيارة الحالية للعاهل الأردني تحظى بأهمية خاصة على خلفية تفاقم الموقف في الجنوب السوري، على مقربة من الحدود الأردنية، وهو الأمر الذي كان دفع عمان إلى اتخاذ قرار بإغلاق كامل حدوده مع سوريا في نهاية الشهر الماضي. ورأت مصادر روسية أن الأردن يبدي حرصاً على عودة سريعة للاستقرار في المنطقة واستئناف العمل باتفاق التهدئة في الجنوب السوري الذي كان تم التوصل إليه في 2018 بجهود مشتركة من جانب روسيا والأردن والولايات المتحدة وبحضور غير مباشر من جانب إسرائيل. وفي الإطار ذاته، بدا أن التركيز انصب أمس، على البعد الإنساني لتطورات الوضع في منطقة الجنوب السوري وفي سوريا بشكل عام، خصوصاً أن التطورات الأخيرة في درعا عرقلت قرارات أردنية سابقة بالسماح بمرور البضائع عبر الحدود بين البلدين. وقال دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط» إن روسيا «تتعامل حالياً مع الوضع السوري من بوابة الأزمة الإنسانية بالدرجة الأولى» وإن هذا «المدخل مشترك مع الأردن أيضاً، خصوصاً مع الحرص الأردني على تخفيف معاناة السوريين في كل مناطق البلاد وبالدرجة الأولى في منطقة الجنوب السوري بسبب الانعكاسات المباشرة للتطورات في هذه المنطقة على الأردن». وزاد أن الحديث بين الرئيس الروسي والعاهل الأردني يشكل في هذا السياق «استمراراً للجهود التي بذلتها القيادة الأردنية للمساعدة على تخفيف تداعيات الوضع الإنساني» في إشارة إلى أن الملك عبد الله الثاني كان طلب من الإدارة الأميركية خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، إطلاق استثناءات من القيود التي يفرضها قانون قيصر لأهداف إنسانية». وقال الدبلوماسي الروسي إن «موقف موسكو يتطابق مع الموقف الأردني في التعامل مع هذا الملف». في الوقت ذاته، لفت الدبلوماسي إلى «عدم واقعية» التسريبات التي تم تداولها أخيراً، حول أن أحد الملفات الأساسية المطروحة على جدول أعمال زيارة الملك عبد الله إلى موسكو هو مناقشة مسائل إمدادات الغاز المصري عبر الأراضي الأردنية والسورية إلى لبنان، فضلاً عن إمدادات الكهرباء من الأردن إلى لبنان عبر سوريا. وأوضح أن «هذه تخمينات غير واقعية ولا مكان لها من البحث بشكل جدي في المرحلة الراهنة». وقال الدبلوماسي إن «الأهم حالياً بالنسبة إلى الطرفين هو، فضلاً عن الجهود المبذولة لتخفيف الأزمة الإنسانية، فحص مجالات دفع آليات التسوية السياسية في سوريا ومناقشة إمكانات الأردن وروسيا للعب دور مشترك على هذا الصعيد».
مشاركة :