تشهد موسكو اليوم محادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعاهل الأردني عبد الله الثاني، الذي يصل روسيا في زيارة عمل تلبية لدعوة من الرئيس بوتين. وقال المكتب الصحافي للكرملين في بيان أمس إن المحادثات على أعلى مستوى بين البلدين ستشمل «بحث القضايا الملحة على جدول أعمال العلاقات الروسية - الأردنية، بما في ذلك آفاق تعزيز التعاون التجاري - الاقتصادي، وفي المجال الإنساني»، كما «من المتوقع منح اهتمام كبير للجوانب الرئيسية في الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع التركيز على الخطوات المشتركة في التصدي للإرهاب الدولي»، حسب بيان الكرملين. وكان الملك عبد الثاني قد أجرى آخر زيارة إلى روسيا خريف عام 2015، حينها بحث مع الرئيس الروسي في سوتشي قضايا التعاون الثنائي، فضلا عن عدد من القضايا الإقليمية مثل الأزمة السورية وتسوية النزاع العربي - الإسرائيلي. كما بحث الزعيمان هذه القضايا، مع تركيز على تسوية الأزمة السورية خلال اتصال منتصف يناير (كانون الثاني) 2016. وعلى الرغم من جدول أعمال العلاقات الثنائية الغني بين البلدين، يرى مراقبون أن الزيارة الحالية ستركز بصورة خاصة على مسألتين، الأولى تتعلق بالوضع في سوريا، والثانية الوضع في الأراضي الفلسطينية، لا سيما بعد إعلان ترمب نيته نقل السفارة الأميركية إلى القدس. وتلعب الأردن دورًا مميزًا في الأزمة السورية، وفق الرؤية الروسية، فهي ومع وجود اتصالات بينها وبين قوى المعارضة السورية جنوب البلاد، إلا أنها لم تقطع كل «حبال الود» مع دمشق، كما أنها مهتمة مثل روسيا في القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي، لا سيما وجوده الضعيف في جنوب سوريا على مقربة من الحدود الأردنية. من جانب آخر تحمل محادثات بوتين - عبد الله الثاني أهمية خاصة؛ نظرًا لمشاركة الأردن في التحالف الدولي ضد الإرهاب بزعامة الولايات المتحدة، والذي تأمل روسيا بإطلاق تعاون معه في الحرب ضد الإرهاب، ويرجح البعض في موسكو أن تلعب المملكة الهاشمية دورًا محددًا في هذا المجال، لإطلاق عمل مشترك ضد المجموعات الإرهابية في سوريا والعراق. وكانت موسكو وعمان قد توصلتا في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015 إلى اتفاق حول التنسيق العسكري في سوريا. حينها أعلن وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والأردني ناصر جودة، خلال مشاركتهما في محادثات فيينا حول الأزمة السورية، أعلنا عن توصل العسكريين من البلدين إلى اتفاق بشأن التنسيق بينهما، بما في ذلك تنسيق الطلعات التي تنفذها المقاتلات الأردنية والروسية في الأجواء السورية. وأوضح لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني، أن هذا التنسيق سيدار عبر آلية عمل سيتم استحداثها في عمان، لافتًا إلى أن موسكو وعمان واثقتان من ضرورة تكثيف الجهود في مكافحة تنظيم داعش بموازاة دفع العملية السياسية إلى الأمام. ويحمل التعاون الروسي - الأردني حول الأزمة السورية أهمية خاصة في هذه المرحلة، في ضوء الجهود الحثيثة الحالية لاستئناف جهود التسوية السورية في جنيف، بعد مفاوضات آستانة، التي شارك فيها ممثلون عن الجيش الحر في جنوب سوريا، الذين تربطهم علاقات، بشكل أو بآخر مع المملكة الهاشمية.
مشاركة :