الثقافة ليست حفلة، ولا قص شريط، ولا تغريدة، ليست ترفاً، وليست شيئاً زائداً على الحياة، هي أكبر مما نتصور، وأبعد مما نتوقع، ولا يمكن أن يستوعبها غير المثقف، إلا بعد أن يكون مثقفاً، هو عالم لا تعرفه إلا بعد أن تولد فيه، وتعيشه، وتحس به. مثل الجنين لا يعرف الدنيا، إلا بعد أن يبصرها بعد الولادة. وأشهر إجابة، هي ما تفضلت به الكويتية/ بثينة العيسى، في مقطع متداول على نطاق واسع، عندما أبانت أن أهمية الثقافة، لا تكمن في ذاتها، وإنما في الأثر البعيد الذي يتجلى فيه البشر، ولا تمكن في (تمظهراتها) في الشعر، ولا في المسرحية، ولا في الفيلم، ولا في الرواية، ولا في الكتاب، ولا في المؤتمر، ولا الأفلام، ولا في التشكيل، ولا في القصة القصيرة، ولا الفلسفة، ولا في الآثار، ولا في التراث، هذه كلها (مخرجات العملية الثقافية)، ولكن الأثر فيما تتركه هذه المخرجات على الفرد، عندما يكون قادراً على: - التفكير الإبداعي. - التفكير الناقد. - ربط العلاقات. - التعبير عن نفسه. - القدرة على التحليل، والخروج بنتائج. وتتساءل العيسى، ماذا يمكن أن يبقى في الإنسان، إذا كان خالي الوفاض من هذه المهارات؟ انتهى. فعلاً هي تساؤلات عميقة، ولا يمكن أن يطرحها سوى شخصية مثقفة تعرّضَ للكثير من التمظهرات الثقافية، فصار الإنسان قادراً على السؤال، والنظر للكون بمنظار آخر، يجعله يتقدم أكثر وأكثر عن نظيره غير المثقف. هذا الذي يصنع الفرق، بين ابن القرية وابن البادية بثقافتهما المحدودة، وبين ابن المدينة ذي الثقافة الواسعة، بين المجتمع النامي، والمجتمع المتقدم، من هنا تأتي أهمية الثقافة، وأنها ليست مجرد قص شريط لاحتفالية، تخفت بمجرد مغادرة المسؤول، ولا كتاب مدرسي يحفظه الطالب من أجل الاختبار.
مشاركة :