لا نظن أن طلبات رفع ميزانيات مؤسسات الثقافة والفنون مجد دائماً، وفي هذا الزمن تحديداً، لأن الميزانية المرتفعة يقابلها صرف مرتفع، وعندما لا يكون لهذا الصرف ضابط، يتحول إلى (هدر مالي)، بلا نتيجة ملموسة، ثم تعاود المؤسسة الثقافية طلب ميزانية أكبر، وهكذا. ولأن العاملين لا يفكرون في زمان مضى، أو ربما اعتادوا على ميزانية معينة، فإن حجم منتج الثقافة والفنون لم يتغيّر بتغيّر الزمان والمكان، لأنهم يصرفون وفقاً لميزانية ثابتة، فمن أين يمكن أن يأتيك أمل للتغير نحو الأفضل وهذه هي الحال. برنامج التحول الوطني وضع خارطة طريق نحو العمل وفقاً (للفكر الاقتصادي) وأكّد على (كفاءة الإنفاق) وليس تقليل الإنفاق فالفرق بينهما كبير، وما لم نعرف مصطلح (كفاءة الانفاق) لن تتغيّر الحالة، وسيبقى الوضع على ما هو عليه حتى يعرف الجميع الطريق نحو كفاءة الإنفاق. على سبيل المثال خطت وزارة الإسكان خطوات متقدّمة جداً في وضع مشروعات سكنية واستثمارية لها عائد مالي سنوي على مدار 25 سنة يقدّر بمئات الملايين دون أن تطلب دعماً مالياً من الحكومة، وهي فكرة بسيطة لكن أثرها كبير، حيث يدور رأس المال بين الوزارة والمجتمع ورجال الأعمال. هكذا يمكن أن تفعل المؤسسات المعنية بالثقافة والفنون، فمن خلال أفكار استثمارية بسيطة وسهلة يقوم بها قادة مؤهلون يمكن أن تزول مشكلة التمويل إلى الأبد، وألا تكون عالة على الدعم الحكومي بشكل لا تتحرك إلا بحجم الميزانية القليلة المعتمدة. ما الذي يعني أن تتوفر لدى مؤسسة إنتاج فني صغيرة أنظمة إضاءة وصوت احترافية؟ ما الذي يعني أن تعمل مؤسسة تجارية لها علاقة بالفنون برامج متميزة في صالات عروض تملكها؟ وما الذي يعني أن يحصل ألبوم غنائي لمطرب واحد أضعاف ما تحصل عليه مؤسسات الثقافة والفنون بمختلف مجالاتها؟ الذي يعني أي أن فكراً استثمارياً ناجحاً في مجال الثقافة والفنون يمكن أن يكون له عائد يستطيع من خلاله أن يحصل على احتياجاته الفنية بسهولة دون انتظار دعم حكومي، فيما المؤسسات الحكومية ما زالت رهينة ميزانية حولية لا تفي بالاحتياجات المطلوبة، ورهينة فكر إداري بحت لا يتحرك إلا حسب المعاملة الإدارية والمالية التي تأخذ وقتاً طويلاً حتى يتم الموافقة عليها. نؤكد باستمرار أن الوضع يحتاج إلى (صيغ مؤسساتية) جديدة تتماهى مع المرحلة وشطب كلمة غير ربحية من نظامها، لتعطي الفكر الاقتصادي أولوية خاصة، وإيجاد أطقم فنية قادرة على السير في هذا الطريق. مقالات أخرى للكاتب يكفي مناكفات المناصحة وهؤلاء المسؤول الذي يلهم الآخرين شكراً خطيب (حارتنا) كساد درامي
مشاركة :