لسنوات غير قليلة مضت رضينا بالهم، والهم هنا أعني به «الخطوط السعودية» وتعايشنا قصراً مع «قصورها» وتحلينا بالصبر الجميل وعملنا بمبدأ «الستر»، لكن موقع «سكاي تراكس» المتخصص بتصنيف الخطوط الجوية عالمياً أبى إلا أن «يكشف المستور» وأعلن أخيراً قائمة فرعية لأفضل الخطوط الجوية شرق أوسطياً، حيث حل «ناقلنا الوطني» سابعاً فيما نجحت الخطوط الإماراتية في الحصول على المركز الأول في قائمة أفضل 100 خطوط جوية في العالم 2013. «الخطوط السعودية» التي يحلو للبعض تشبيهها بالرجل المريض، لم يسبق أن تذمر المجتمع من أدائها كما يتذمرون منه اليوم، ما بين إلغاء حجوزات وتأخر رحلات يقابلها مصروفات «خيالية» ورواتب «مستفزة» تطيرها وسائل الإعلام عن «الخطوط السعودية»، والمحصلة تراجع من النوع الكبير في التصنيف العالمي جعلها تغرد ولكن خارج السرب العالمي. في فبراير الماضي طلبت الخطوط الجوية السعودية تدخل الدولة لدعم أسطولها بمبلغ 18 مليار ريال، وذلك بعد تقديمها تقارير درست خلالها أوضاع النقل الجوي، إذ أشارت التوقعات، حسب التقارير إلى وصول أعداد المسافرين على الخطوط السعودية إلى 19 مليون مسافر للرحلات الداخلية في 2018، مؤكدة أن هذا الرقم يعجز أسطول السعودية الحالي عن مواكبته. وبحسب ما نشرته صحيفة الوطن بتاريخ 23 فبراير 2013 أشار مصدر مطلع في حينها إلى أن المبلغ الذي ترغب الخطوط السعودية في دعمها به، يتمثل في شراء 35 طائرة بقيمة 12 مليار ريال، فيما يخصص باقي المبلغ والمقدر بـ6 مليارات ريال لتسديد قيمة إيجار وشراء طائرات ضمتها لأسطولها في السنوات الأخيرة، وهي مطالبة بسدادها في الفترة المقبلة. وذكر المصدر أن المبلغ سيسهم في رفع مستوى وكفاءة التشغيل وتحسين مستويات تحقيق إيرادات عملياتها بما ينعكس إيجابياً على المؤسسة، كما أن الناقل الوطني الوحيد طلب المبلغ المقدر بنحو 5 مليارات دولار من الحكومة لتمكينه من الوفاء بمتطلبات عملاء المؤسسة المناطة بها داخلياً ودولياً، وجعلها قادرة على منافسة شركات الطيران الأخرى. وقال المصدر إن الدراسة التي أجرتها الخطوط لوضع التشغيل الداخلي والإحصاءات السنوية المتوقعة، بينت ارتفاعاً في معدل التشغيل لنقل الركاب على الرحلات الدولية والداخلية خلال السنوات الماضية من 8.17 ملايين مسافر في 2006، إلى قرابة 12.5 مليون مسافر في 2011. وأضاف المصدر أن الدراسة كشفت ارتفاعاً متوقعاً في النقل الجوي الداخلي من 12.5 مليون مسافر خلال 2011، إلى ما يقارب 19 مليون مسافر خلال 2018. وفي مارس الماضي ناقش مجلس الشورى تقرير لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بشأن التقرير السنوي للمؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية، حيث طالبت اللجنة بإنشاء صندوق مستقل لمعالجة الخسائر التي تتكبدها الخطوط السعودية من جراء انخفاض أسعار التذاكر الداخلية، وكذلك التذاكر المخفضة، حتى يتسنى للمؤسسة الانتهاء من برنامجلخصخصة وفقاً للجدول الزمني المحدد. وتوفير التمويل اللازم لتمكين المؤسسة من تحديث أسطولها وتوفير طائرات إضافية لتلبية احتياجاتها المستقبلية في مجال النقل الجوي والدولي. وقد أشارت اللجنة بهذا الخصوص إلى أن الخطوط تحتاج إلى دعم الدولة لشراء 35 طائرة، تقدر تكلفتها بـ 12 مليار ريال. وكان الدكتور سعد مارق قد عارض التوصية وطالب بألا يتبنى مجلس الشورى التوصية الداعية إلى إنشاء صندوق لمعالجة خسائر الخطوط السعودية، مؤكدا أن التوصية لم تقم على قاعدة معلومات تفصيلية عن تلك الخسائر، لافتاً إلى أن أسعار التذاكر للرحلات الداخلية زادت بنسبة 200%. كل ما سبق حجة على «خطوطنا» لا عليها؛ وها هي تنتقل من ضعف إلى «خيبة أمل» دون أن تلبي طموح المواطن السعودي. هذه الخطوط التي تمتلك أسطولاً أساسياً من الطائرات وقواعد الصيانة وسواها أصبحت مضرب المثل في الاضطراب والتخبط في الرحلات الداخلية تحديداً، وعزف الكثيرون أو قل تعففوا عن نقدها على طريقة «الضرب في الميت حرام». الآن وبما تعنيه تلك الكلمة من آنية وأهمية بات على القائمين على الناقل الوطني إدراك أن وجود «الخطوط السعودية» في السوق في مهب الريح؛ لم تعد الخطوط وحيدةً في السوق، فعلى المستوى الداخلي يوجد الطيران الاقتصادي بسعره الرخيص، وبمواعيده التي يقل فيها التأجيل والإلغاء. وفيما يخص الرحلات الخارجية فهناك مؤسسات للطيران على مستوى من الجودة والمنافسة. الخلاصة أن ناقلنا الوطني بين خيارين؛ إما أن يبقى داخل المنافسة ويتعاطى مع العصر ومستجداته، ومع الزبائن ومتطلباتهم ومع قاعدة العرض والطلب بإيمان كامل بأن «الزبون» دائماً على حق، أو - وهو ما لا نتمناه- يترك المجال لغيره ليقدم خدمات تليق باسم الخطوط التي تحمل «اسم السعودية» وبمكانة المملكة. - مدير مكتب جريدة الجزيرة بالمنطقة الشرقية
مشاركة :