ما أحلى الرجوع إليها!

  • 9/1/2021
  • 00:17
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حراك أسري واجتماعي على نطاق واسع، بدأ منذ أسابيع استعدادًا للعودة للمدرسة، بعد انقطاع ثقيل مد خيمته المعتمة على حركة الطلبة والطالبات، الصباحية والمسائية، وافتقدوا بهجة الاستعداد للعام الدراسي الجديد، وإشباع نفوسهم البريئة بممارسة التسوق وشراء احتياجات المدرسة حسب المرحلة الدراسية، والخروج في مهمات أسرية لتنفيذ تلك الرغبات والاحتياجات كلاً حسب إمكانياته.كأن الشوق ران على قلوبهم الغضة فاندفعوا إلى المكتبات في انتظار مضنٍ للانطلاقة المهمة والعودة المرتقبة إلى ضجيج ساحة المدرسة والارتماء في أحضان الفصول، ورؤية زملائهم وربما التعرف على وجوه جديدة يكسوها القلق والتوجس لا تلبث أن تندمج وتنسجم في المجموع، وتلتحم بالجميع.ما أعظم الفرق بين الأمس واليوم، بين الصمت والضجيج، بين سكون الحركة ودفق الحياة! هاهو يعود العام الدراسي كما تعودناه، يفتح صدره وباب قلبه على مصراعيه، بعد أن أغلقهما عامًا ونصف العام، لاذ بالصمت والخوف والحيرة، إلا أن الحياة لابد أن تتدفق في مجراها، رغم كل ما قيل ويقال عن شراسة عدوى متحور كورونا، وعن الموجة والموجات القادمة حفظ الله الجميع منها.النوم المبكر واستقبال الصباح بالهمة والنشاط، توتر الأمهات، ضجيج الشوارع، وازدحام البوابات، نظام الطوابير، صوت جرس الحصة، وقت الفسحة، وما يعنيه بالنسبة للطلبة والطالبات، الانعتاق من الحصص واللهو مع الرفاق، تناول الأطعمة والمشروبات، حتى لو فقدوا متعة التزاحم على المقصف، الذي أتمنى أن يتحول إلى كافتيريا بها مقاعد وطاولات وتقدم للطلبة وجبات صحية وعصائر طازجة، بدلا من هذه الأطعمة المحفوظة والعصائر المعلبة المضرة بصحة الأجيال، المهم أن كل ما سبق هو الذي يحدث الفرق بين الدراسة الحضورية والدراسة عن بعد!كان الاجهاد كله يقع على الأسر، حتى أولئك الذين يدفعون مبالغ طائلة لتعليم خاص مختلف، كانوا هم أكثر المتضررين، لأن ضمن الرسوم أنشطة لا منهجية كالرياضة والسباحة والموسيقى والفنون، كلها ألغيت وتساوى الجميع أمام الرضوخ لمنطق كورونا أبادها الله إبادة تامة وخلص العالم من شراستها وفتكها بالبشر!رأيت الحزن على وجه حفيدتي في المرحلة الابتدائية وهي مقصاه كمن هم في مرحلتها الدراسية عن هذه العودة المبهجة إلى مقاعد الدراسة، بينما تشاهد من حولها يمارس الاستعداد للعودة إلى المدرسة، لكن للضرورة أحكام كما يقولون، الصحة هي محور كل تلك الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل ولاة الأمر، ومن معالي وزير الصحة الهمام، الذي نجح في تطويق الجائحة ولم يسمح لها بالانتشار السريع، رغم أعداد المصابين، وما حصدته كورونا من أرواح، إلا أننا نجونا بفضل الله مما حدث حولنا في العالم حتى أعظم وأكبر الدول من حيث الإمكانيات والتقدم في كل المجالات، حيث انهيار المنظومة الصحية وعجزها عن تقديم الرعاية الطبية للمرضى، والحد من الوفيات الناتجة من مضاعفات كورونا.بفضل الله ومنته وبفضل إدارة الأزمة بحرفية نجونا إلا قليلا، هذه هي النتيجة التي لابد أن نفخر بها ولابد من توضيح هذا المعنى للأطفال دون سن التطعيم بلقاح كورونا، الذين لم يسمح لهم بالدراسة الحضورية حفاظًا على صحتهم وصحة المجتمع بأكمله، بعد أن تأكد أن كورونا يمكن أن يصيب من أصيب به مرة أخرى ومن تم تحصينه باللقاح.ما أحلى الرجوع إليه، رأيتها تتراقص على وجوه الطلبة وأولياء أمورهم من الفئة المسموح لها بالحضور، رأيتها تضج في نظراتهم وابتساماتهم وفي همتهم واستعدادهم، فتذكرت أغنية نجاة الصغيرة، «أيظن»، كلمات نزار قباني، آخر مقطع من القصيدة التي تحولت إلى أغنية «كم قلت أني غير عائدة له... ورجعت ما أحلى الرجوع إليه»، حقًا ما أحلى الرجوع إلى الحياة بكل وهجها لكن بحذر حفظكم الله.

مشاركة :