لم يتخيل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو أبداً أن يجد نفسه «خياراً ثانياً» في أي خطة للتعاقدات، لكن كان هذا هو الحال بالضبط مع مانشستر سيتي، الذي كان يسعى في المقام الأول للتعاقد مع النجم الإنجليزي هاري كين، وبعدما فشل في ذلك فكر في ضم رونالدو. لقد كان حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز يمني النفس بالتعاقد مع كين من خلال دفع مقابل مادي مقبول لجميع الأطراف، لكن عندما فشل في إبرام هذه الصفقة، برز اسم رونالدو لكي ينقذ موسم الانتقالات الصيفية في ملعب الاتحاد. لكن هذه الصفقة فشلت أيضاً، وانتقل صاروخ ماديرا إلى ناديه القديم مانشستر يونايتد. وبالتالي، يتعين على المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، أن يبحث عن مهاجم جديد لتدعيم الخط الأمامي لفريقه. لقد شعر مانشستر سيتي بالانزعاج بعد الفشل في ضم هاري كين، لكن الشيء المؤكد هو أن النادي شعر بإحباط أكبر بعدما كان قريباً للغاية من ضم رونالدو، قبل أن تنقلب الأمور رأساً على عقب في الساعات الأخيرة ويعود النجم البرتغالي إلى «أولد ترافورد». ومن الواضح، أن مانشستر سيتي يعاني من نقص واضح في الخط الأمامي بعد رحيل الهداف التاريخي للنادي سيرجيو أغويرو، وهو الأمر الذي قد يقلل كثيراً من فرص النادي في المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. لقد عاد المهاجم البلجيكي العملاق روميلو لوكاكو إلى تشيلسي، ومن الواضح أنه كان آخر عنصر كان المدير الفني الألماني توماس توخيل يحتاجه في تشكيلته المدججة بالنجوم للمنافسة على البطولات والألقاب بكل قوة. كما عاد رونالدو إلى مانشستر يونايتد مرة أخرى. ورغم أن عالم كرة القدم اليوم لم يعد يعترف بالرومانسية والعواطف، فإن اتجاه المهاجم البرتغالي تغير تماماً بمجرد أن علم باهتمام مانشستر يونايتد بالحصول على خدماته. من المؤكد أن مانشستر سيتي يمكن أن ينافس أي فريق آخر من الناحية المالية، لكنه اكتشف أن الأموال لا يمكنها أن تشتري الحب والولاء. يعد رونالدو أحد أساطير مانشستر يونايتد عبر تاريخه، وفاز مع النادي بثلاثة ألقاب للدوري الإنجليزي الممتاز، ولقب لدوري أبطال أوروبا، ومن المؤكد أن يحن لأيام المجد التي عاشها في «أولد ترافورد»، ويأمل أن يساهم في عودة «الشياطين الحمر» إلى منصات التتويج من جديد. لقد صنع اللاعب البرتغالي اسمه وشعبيته في «أولد ترافورد»، وأبهر الجميع بمهاراته الفذة وركلاته الحرة المتقنة ليصبح أغلى لاعب في العالم عندما انتقل إلى ريال مدريد في عام 2009. وخلال مسيرته الكروية الحافلة، فاز رونالدو بخمسة ألقاب لدوري أبطال أوروبا، كما فاز بسبعة ألقاب للدوري، وببطولة كأس الأمم الأوروبية مع منتخب بلاده. ولا يبدو أن مستوى رونالدو يتراجع مع تقدمه في السن، والدليل على ذلك أنه سجل 45 هدفاً في 58 مباراة مع يوفنتوس ومنتخب البرتغال الموسم الماضي، وهو ما يجعله إضافة قوية لأي فريق في العالم. وبالنسبة لمانشستر سيتي، كان رونالدو سيملأ فجوة كبيرة في خط هجوم الفريق في الوقت الحالي، خاصة أنه يمكنه اللعب في أي مركز في الخط الأمامي، كما يمكنه التأقلم سريعاً مع طريقة اللعب التي يعتمد عليها غوارديولا. لقد فاز مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي دون مهاجم صريح، وبالتالي فقد أثبت أنه ليس بحاجة إلى قلب هجوم تقليدي لكي يحقق النجاح، لكن غوارديولا يعلم جيداً أنه يحتاج إلى التنوع في فريقه حتى يكون قادراً على المنافسة في أربع مسابقات مختلفة. لقد أظهرت هزيمة مانشستر سيتي أمام تشيلسي في نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي في بورتو أوجه القصور الموجودة في تشكيلة مانشستر سيتي، حيث صنع الفريق العديد من الفرص، لكنه فشل في تحويلها إلى أهداف. وعلاوة على ذلك، واجه الفريق مشكلة أخرى تتمثل في عدم قدرة الفريق على «قتل» الفريق المنافس كروياً بعد تقدمه في النتيجة، وهو الأمر الذي كان يسمح للمنافس بالعودة في نتيجة اللقاء، وهي المشكلة التي كان غوارديولا يسعى لإيجاد حلول لها هذا الصيف. وبينما لعب نجم مانشستر يونايتد برونو فرنانديز دوراً كبيراً في إقناع رونالدو بالعودة إلى «أولد ترافورد»، أمضى مواطنه برناردو سيلفا الأشهر الأخيرة، وهو يحاول بشتى الطرق الرحيل عن مانشستر سيتي. ولا يقتصر الأمر على معاناة غوارديولا من عدم امتلاك فريقه لمهاجم صريح قادر على إنهاء الفرص، لكنه يواجه مشكلة أخرى تتمثل في أن سيلفا، الذي يعد أحد اللاعبين القادرين على تغيير نتيجة أي مباراة، يرغب في الرحيل، وهو الأمر الذي يزيد من عدم الانسجام في خط هجوم الفريق. وخلال الصيف الماضي، بذل مانشستر سيتي جهداً كبيراً للتعاقد مع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، لكنه لم يتمكن من ذلك. إن عدم القدرة على التعاقد مع ميسي قد يبدو أمراً مؤسفاً، لكن الفشل في التعاقد أيضاً مع رونالدو يبدو أمراً محبطاً للغاية، وهو ما يذكرنا بفشل مانشستر سيتي في ضم النجم البرازيلي كاكا في عام 2009. من الواضح أن مانشستر سيتي يسعى لإبرام صفقات من العيار الثقيل في سوق الانتقالات، لكنه يفشل في حسم الأمور بسرعة وكفاءة. قد تكون الصفقة الوحيدة القوية التي أبرمها مانشستر سيتي خلال هذا الصيف هي التعاقد مع جاك غريليش مقابل 100 مليون جنيه إسترليني. لا يوجد أدنى شك في إمكانيات وقدرات نجم أستون فيلا السابق، لكن كان من المفترض أن يكون غريليش مجرد جزء من العديد من الدماء الجديدة التي يسعى غوارديولا لضخها في صفوف الفريق، نظراً لأن المدير الفني الإسباني لا يرغب في أن يكتفي الفريق بما حققه في بطولة الدوري خلال السنوات الأخيرة. ومن الواضح أنه لا توجد خطة بديلة بعد الفشل في التعاقد مع كين ورونالدو، وحتى النجم النرويجي الشاب إرلينغ هالاند لم يُنظر إليه في أي وقت على أنه مناسب لطريقة لعب مانشستر سيتي، في حين يرغب كيليان مبابي بشدة في الانتقال إلى ريال مدريد. وباستثناء ذلك، يبدو أنه لا توجد خيارات أخرى قادرة على تحسين وتطوير مانشستر سيتي. لقد كان بإمكان كين ورونالدو صناعة الفارق في أكبر وأهم المباريات، وهو الأمر الذي كان سيجعل غوارديولا لا يشعر بالقلق أو الخوف وهو يواجه أفضل الأندية الأوروبية. ومن دون هذه النوعية من اللاعبين وقلة الخيارات في الخط الأمامي، فإن رغبة غوارديولا في الفوز بدوري أبطال أوروبا قبل نهاية فترة ولايته في مانشستر سيتي، تبدو أقل احتمالاً في هذه المرحلة. لقد كان انتقال رونالدو إلى مانشستر سيتي صعباً بسبب تاريخه الرائع مع الغريم التقليدي مانشستر يونايتد. في الحقيقة، لم يكن رونالدو محبوباً من قبل جماهير مانشستر سيتي لأنها رأت النجم البرتغالي من قبل وهو يفعل كل ما في وسعه للفوز بديربي مانشستر من خلال قدراته المذهلة، لكن الشيء المؤكد هو أن رونالدو كان سيمثل إضافة هائلة لسيتي في المراحل النهائية من دوري أبطال أوروبا. لا يزال مانشستر سيتي فريقاً مذهلاً وقادراً على المنافسة على كل البطولات والألقاب الكبرى هذا الموسم، لكن غوارديولا سوف يكتشف في المباريات الكبرى أنه خسر كثيراً بالفشل في التعاقد مع هاري كين أو كريستيانو رونالدو.
مشاركة :