ورشة لـ «ألف عنوان وعنوان»

  • 9/2/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كانت تجربة مختلفة، وربما رائدة في مجال الكتابة الإبداعية، إذ قدّمت ورشة للكتابة الإبداعية للقصة القصيرة، خلال الفترة من 22 إلى 26 أغسطس، مع مبادرة ألف عنوان وعنوان، التي انطلقت من شارقة الثقافة بقيادة وتوجيه سمو الشيخة بدور القاسمي. وقدمت الكثير من ورش الكتابة الإبداعية، في مختلف الأقطار العربية، لأن الأصل في عمل ورشة الكتابة، ألا يتجاوز العدد عشرة مشاركين، وذلك لضمان ورشة كتابة إبداعية تفاعلية بين الأستاذ المحاضر وجميع المشاركين، ولكي يتمكّن المحاضر في الفترة الأخيرة من الورشة من مراجعة ومناقشة ورقة كل مشارك. وهذا ما دار في النقاش يوم بدأت المراسلات بيني وبين الزملاء في المبادرة، وتوافقنا على مشاركة عشرين، على أساس أن تكون الدورة حضورياً، لكن إجراءات ومخاوف "كورونا" أجبرتني على تقديم الورشة افتراضياً عبر منصة "زووم- Zoom"، وكم كانت مفاجأتي كبيرة يوم بدأت الورشة بوجود ما يزيد على المئة مشارك، من مختلف الأقطار العربية والعالم. إن تقديم ورشة كتابة لهذا العدد الكبير باهتمامات كتابية مختلفة كان يتطلب بالضرورة الإصغاء لأفكارهم ومناقشة قناعاتهم بأهمية وجدوى الكتابة الإبداعية، وأخيراً شرح وتقديم عناصر الكتابة الإبداعية للقصة القصيرة، والتوقف عند كل عنصر، لبيان أهميته واتصاله بالعناصر الأخرى. لقد أصبحت الورش التدريبية، في شتى علوم الحياة، شأناً يومياً، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على مدى التعقيد والتخصص الذي أصاب المشهد الإنساني اليومي، ومدى حاجة ورغبة الإنسان لفهم ما يدور حوله، ومحاولة المشاركة والإجادة فيه. من هنا درجتُ على القول: "إن الكتابة الإبداعية، بقدر ما تخص الأجناس الأدبية، فإنها تخص الحياة. فبعدد البشر الذين يشغلون فضاء العالم ببوحهم بأفكارهم وقناعاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بقدر حاجة كل فرد للتعبير عن نفسه بشكل صحيح وبشكل جاذب وبشكل عصري. لذا تأتي الكتابة الإبداعية اليوم بوصفها أحد أهم مواد التدريس في جامعات ومعاهد أوروبا وأميركا، مع ملاحظة وجود ملمح أساسي يجمع بين من يدرِّس هذه المادة، وهو أن يكون كاتباً متمرِّساً في الجنس الأدبي أو المهارة الفنية التي يقدمها. فالقصّاص أقدر على تدريس ورشة كتابة القصة متى كان مؤهلاً أكاديمياً لذلك، وكذا الروائي لجنس الرواية، والمسرحي للمسرح، والشاعر للشعر، وعازف البيانو لورشة تعليم البيانو، وكذا الفنان التشكيلي والسينمائي وكاتب السيناريو. لقد حرص منظمو الورشة على أن يكون المشارك من طلبة الجامعات والمعاهد، أو أن يكون على صلة بالكتابة الإبداعية، سواء عبر إصدار كتاب، أو لديه مخطوط لكتاب يرغب في نشره، وذلك لضمان سقف عالٍ لحوارات ونقاشات الورشة. وكان أحد أهم الأسئلة التي طُرحت في الورشة، هو كيفية نقل المشهد الحياتي ليكون مشهداً فنياً. إن المشهد الحياتي إذ ينعقد بشكله الواقعي البسيط والمعروف، فإنه أعقد ما يكون لحظة نقله ليكون مشهداً فنياً، فانتقال المشهد الواقعي إلى الفن لابدّ أن يمر عبر بوابة الكتابة، وبوابة الكاتب بتمتعه بموهبة الكتابة، وإتقانه لعناصر الكتابة الإبداعية، وأخيراً فإن المشهد الفني يتخلّق بخيال ولغة ووعي الكاتب، وهذا ما يجعل منه مختلفاً من كاتب لآخر. إن ظن البعض بقدرة دورات الكتابة الإبداعية على تخريج كتّاب، ظنٌّ لا أساس له على أرض الواقع. فورش الكتابة الإبداعية تقدم المعرفة الأولية لأساسيات الكتابة، وتكون مفيدة لمن يمتلك موهبة، وله كتابات يأمل أن يجوّدها بمعرفة علمية، تمهيداً لنشرها، لذا تأخذ ورش الكتابة البعد في الزمن كأن تكون ثلاثة أشهر أو ستة أشهر كما سبق لي أن قدّمتها مع "مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة"، وكانت النتيجة كتابة ونشر ثلاث روايات كويتيات لكتّاب شباب هم: موضي الطويل، وعبدالله الجيران، وجميلة جمعة. لمبادرة ألف عنوان وعنوان التقدير على الجهد الكريم الذي ينهضون به خدمة للإبداع والثقافة العربية.

مشاركة :