محفوظة العامرية: رائحة العود عشق وهوية

  • 10/23/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بدأت العُمانية محفوظة العامرية سلم البخور من الصفر، وتولت كل شيء بنفسها من الصناعة إلى التجارة إلى التسويق والتوزيع حتى حققت شهرة متميزة. دفعها عشق العطور العربية إلى تحويل الهواية إلى تجارة، وشكلت بنفسها خلطة جديدة من المسك والعنبر والزعفران، وافتتحت محلين في بركاء، ونظراً لزيادة الطلب على منتجاتها، أنشأت مصنع العامرية للبخور، وتحلم أن تصبح سفيرة البخور العماني في كل أنحاء العالم. ولدت محفوظة العامرية في بركاء في عام 1962، لأسرة تتكون من 10 أشقاء (6 أولاد و4 بنات)، وكانت والدتها تصنع البخور العمانية وتبيعها للمعارف والأصدقاء بشكل محدود، وحين بلغ عمرها 5 سنوات، سافرت مع أسرتها إلى الإمارات ثم عادت إلى السلطنة في عام 1970، والتحقت بمدرسة الزهراء في مسقط وسكنت حي سداب، وكان المشوار شاقاً إلى المدرسة لأن الطريق لم يكن ممهداً في تلك الفترة. وفي عام 1972 عادت محفوظة إلى بركاء حيث التحقت بمدرسة الأمل الابتدائية، وعندما بلغت ال 16 عاماً تزوجت من العائلة بحكم التقاليد، وأنجبت بنتين، بثينة وغالبة، ثم انقطعت عن الدراسة الإعدادية بسبب الزواج وللتفرغ لرعاية أسرتها. وبعد 12 عاماً، استكملت تعليمها مرة أخرى وحصلت على الثانوية العامة منزلياً، وفي عام 1986 بدأت تفكر جدياً في شغل وقت فراغها بالعمل في تجارة البخور. عشقت محفوظة العامرية البخور مبكراً، وكانت البداية مع العطور العربية التي تعرفت إليها عندما كانت صغيرة وكانت تعتبرها مجرد هواية لا أكثر، ثم بدأت تفرق بين روائح العطور وتميز عبق كل عطر عن الآخر، وتطورت الهواية تدريجياً إلى ابتكار أنواع جديدة من العطور بإعادة خلطها مرة أخرى وفق نسب محددة، واستغرقت المسألة سنوات طوال حتى استطاعت إجادة الهواية تماماً، وأخذت تنتظر الفرصة المناسبة لتحويل الهواية إلى حرفة وتجارة، وكانت تتابع كل عطر عربي قديم أو جديد وتعقد المقارنة بينها، ثم بدأت ابتكار أنواع جديدة بتغيير نسب العطور بعد مزجها ببعضها بعضا. وفى إحدى زياراتها إلى الهند مع والدها، ذهبت إلى مدينة مومباي، وتجولت في شارع محمد على، ففوجئت بكميات وأنواع لا حصر لها من العطور، فأصيبت بحالة انبهار حقيقية. تقول: العطور عشقي الأساسي، ووجدت معظم أصناف العطور وعلى رأسها العنبر والورد والعود والزعفران والزباد والمسك بنوعيه الأسود والغزال، فاشتريت أصنافاً لا حصر لها من العطور وفى ذهني استخدامها فى صناعة البخور العماني فيما بعد. كانت العامرية تشتري العطور كمواد خام وتعيد خلطها ومزجها لصناعة عطور جديدة تضيفها إلى البخور العمانية بخلطة معينة فتجعل لها مذاقاً خاصاً وسحراً نادراً لا يتكرر. عن سر خلطتها تؤكد، قائلة: هذه من بنات أفكاري وتعبت وأنفقت الكثير للوصول إلى سر خلطة البخور العمانية الخاصة بي. وأدخلت مواد جديدة تضفي على البخور العماني طعماً مميزاً وتجعل رائحته تستمر أطول مدة زمنية ممكنة، وبعدها نقلت خبرتي من الهواية إلى الاحتراف، وتوليت بنفسي كل شيء من التصنيع إلى التعبئة إلى التسويق والتوزيع والبيع، والحمد لله افتتحت محلين لتجارة البخور في بركاء. بدأت محفوظة العامرية أولاً، ببيع البخور لبعض الأصدقاء والمعارف على سبيل التجربة والاستكشاف ولما وجدت قبولاً، اتسع نشاطها تدريجياً إلى بقية المدن والولايات المجاورة وكان التركيز كبيراً على مسقط، ثم شاركت في بعض المعارض واتسع نشاطها، حتى أصبح لها العديد من الزبائن داخل السلطنة وخارجها، وبلغت تكاليف أول محل نحو 20 ألف ريال عماني وحقق هذا المبلغ عوائد 70 ألف ريال في السنة الأولى، ثم اتسع نشاطها تدريجياً وافتتحت محلها الثاني في عام 2002 في موقع متميز نسبياً فى بركاء عن المحل الأول، ونظراً لشهرتها في صناعة وتجارة البخور أصبح لمحفوظة العديد من الزبائن العمانيين خصوصاً فى مسقط وصحار والباطنة والداخلية والشرقية إلى جانب بعض الزبائن الخليجيين والعرب. ترى أن البخور العماني جزء من المورث الحضاري للسلطنة وهويتها، لذا يجب إحياؤه وتطويره للتسويق للسلطنة في الأسواق الخليجية والعربية والعالمية، وتلك مسؤولية صناع البخور العمانيين الذين يعملون بالمهنة، فيجب عليهم الاهتمام بالجودة كثيراً في صناعة البخور، ولا ينبغي التركيز على المكسب بصناعة كميات كبيرة من البخور، بل يجب التركيز على الكيف لا الكم والنوع والمضمون وليس الشكل الخارجي، وبعدها سوف يأتي المكسب، لأن الجودة هي الطريق الأول للنجاح وتسويق المنتج. وتعتمد صناعة البخور العماني الأصيل على المواد الخام الطبيعية، ولكن البعض لا يركز عليها ويركز على المواد المصنعة لتحقيق مكسب أكبر، وتوضح محفوظة العامرية أن بعض الوافدين أضروا بالصناعة في السابق بالتركيز على الكم أكثر من الكيف ولم يحافظوا على الخلطة العمانية، ولكن بعد تعمين المهنة تطورت صناعة البخور والعود كثيراً عن ذي قبل، وتحلم محفوظة بتوسع تجارتها وتؤكد: حلمي الكبير أن يصل البخور العماني إلى كل الأسواق وأن أصبح سفيرة البخور العماني في كل أرجاء العالم. سر الخلطة البخور صناعة رائجة في سلطنة عمان، ومنتشر داخل بيوتها. ويستخدم العمانيون والعمانيات البخور طوال أيام الأسبوع وفي المناسبات والأعياد الدينية والأفراح، وفي هذا الإطار توضح محفوظة العامرية أن أجود أنواع البخور تلك المصنوعة من العود والظفران والصندل، أي من المواد الخام الطبيعية، وهناك فارق كبير بين البخور العماني والخليجي والهندي، فالبخور العماني هو الأصل وله شهرة واسعة داخل السلطنة وخارجها، ولا تقل شهرته عن الحلوى العمانية، وعموماً كل دولة لها بصمتها الخاصة في صناعة العود، ولكن البخور العماني يتميز بالإبداع والثقافة والهوية ولا يعادله أي بخور آخر، وللمحافظة على سر الصنعة والخلطة تصنع العامرية البخور بنفسها ولديها تركيبة العود الخاصة بها، وللحفاظ على الملكية الفكرية وحقوقها التجارية سجلت ابتكارها في صناعة العود كماركة مسجلة، ونظراً لخبرتها الطويلة في صناعة العود تستعين بها بعض الهيئات والمراكز التعليمية لتقديم محاضرات حول التميز في صناعة العود لبعض الطلبة هنا وهناك، وللاستفادة من رواج منتجاتها من البخور ولزيادة الطلب عليها، أنشأت مصنع العامرية لصناعة البخور العماني.

مشاركة :