تولي الصين أهمية كبيرة للإسراع في إبرام اتفاق تجارة واسع النطاق في آسيا خشية أن تسبقها دول منافسة إلى أسواق التصدير بعد إبرام اتفاق الشراكة عبر الهادي، الذي تدعمه الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي. وتعتزم كل من اليابان والصين وكوريا الجنوبية، عقد اجتماع لوزراء التجارة فيها في سيئول، في 30 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري لبحث سبل تعزيز تحرير التجارة. وبحسب "الألمانية"، فإنه من المقرر أن يشارك "موتو هاياشي" وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني، في الاجتماع الذي يعد الأول من نوعه منذ أكثر من ثلاث سنوات. وتعزز اليابان جهودها للتوصل إلى مزيد من اتفاقيات التجارة الحرة بعد اتفاق واسع النطاق توصلت إليه في وقت سابق من الشهر الجاري مع 11 دولة أخرى بشأن إنشاء منطقة للتجارة الحرة في المحيط الهادي، لتغطي 40 في المائة من الاقتصاد العالمي. وتعد بكين الداعم الرئيس لاتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة الذي يقترح تشكيل منطقة تجارة حرة ليصبح أكبر تكتل من نوعه في العالم حيث يضم 3.4 مليار نسمة. ويقدر البنك المركزي الصيني أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيفقد فرصة تعزيز الناتج المحلي الإجمالي 2.2 في المائة إذ لم ينضم إلى اتفاق الشراكة عبر المحيط وذلك بحسب ماجون الاقتصادي البارز في البنك الذي نشر تعليقا في صحيفة شنغهاي سكيورتيز نيوز الرسمية الجمعة الماضي. وكانت عشر دول من أعضاء رابطة جنوب شرق آسيا أول من طرح فكرة الشراكة الإقليمية غير أن الصين اضطلعت بدور بارز في دعم الاتفاق المقترح. وبينما كان ينظر إلى الشراكة الإقليمية كبديل للخطط التجارية التي تقودها الولايات المتحدة فإن هذه النظرة تتطور، وأوضح كيم يونج جوي رئيس دراسات التجارة الإقليمية في المعهد الكوري للسياسات الاقتصادية الدولية في سيئول أن الصين قد تبحث في نهاية المطاف توجيه المحادثات الخاصة بالشراكة الإقليمية نحو اتفاق أوسع يضم الشراكة عبر الهادي لتشكيل منطقة تجارة حرة لآسيا والمحيط الهادي وهي فكرة كانت أول من طرحتها رابطة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي "آبك". وتم إبرام اتفاقية الشراكة عبر الهادي بعد محادثات ماراثونية بين الولايات المتحدة و11 دولة على جانبي الهادي وتهدف إلى تحرير 40 في المائة من الاقتصاد العالمي. ومن جانبه، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية اليابانية أن اتفاق الشراكة عبر الهادي سيسرع بخطى اتفاق الشراكة الإقليمية وقد يكون له بعض التأثير في الارتقاء بمستوى ما ستسفر عنه المفاوضات. وقال مسؤول كوري جنوبي مطلع على المفاوضات، "إن 16 دولة مشاركة في اتفاق الشراكة الإقليمية ستطرح مقترحاتها لفتح الأسواق حين تجتمع في بوسان في كوريا الجنوبية اليوم بهدف بذل قصارى جهدها نحو التوصل إلى اتفاق بنهاية العام". وحث رئيس الوزراء الصيني دول شمال شرق آسيا على زيادة التعاون في مواجهة الرياح الاقتصادية العالمية المعاكسة، في الوقت الذي اتفقت فيه الصين واليابان وكوريا الجنوبية، على بدء مفاوضات بشأن إبرام اتفاقية ثلاثية للتجارة الحرة بسرعة. وهذه الدول الثلاث دول تجارية رئيسة، أسهمت معا بنحو 19.6 في المائة من تجارة العالم، و18.5 في المائة من صادراته في عام 2010 - حسبما أشارت دراسة جدوى للاتفاقية التجارية المقترحة نشرتها الحكومات أواخر العام الماضي. ويثير انعدام الثقة على المستوى السياسي والحواجز التجارية وسياسات الاستثمار المتباينة انقساما أيضا بين هذه الدول التي تسعى إلى تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي لزيادة نصيبها في السوق وزيادة قدرتها على التنافسية. وتعد الصين منطقة شمال شرق آسيا أكثر المناطق النابضة بالنشاط الاقتصادي في العالم، وأن إبرام اتفاقية للتجارة الحرة سيطلق القوة الاقتصادية للمنطقة وسيمنحها تعزيزا قويا للتكامل الاقتصادي في شرق آسيا. وتعتزم الحكومات الثلاث أيضا مواجهة المخاوف الاقتصادية وفتور الطلب من الاقتصاديات المتقدمة، من خلال إبرام اتفاقيتها الخاصة للتجارة الحرة؛ وهي فكرة قيد البحث منذ أكثر من عشر سنوات. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لكل من اليابان وكوريا الجنوبية، وقد ترفع اتفاقية التجارة الحرة إجمالي الناتج المحلي الصيني بما يصل إلى 2.2 في المائة، وإجمالي الناتج المحلي الياباني 0.5 في المائة والكوري 3.1 في المائة. وقد مهد الانتهاء من دراسة الجدوى في 2011 ومعاهدة الاستثمار الثلاثية، الطريق أمام بدء محادثات معاهدة التجارة الحرة، لكن هذا لا يمثل سوى أول خطوة إلى الأمام في رحلة المفاوضات الطويلة.
مشاركة :