تناول السّكر.. حلال أم حرام؟

  • 9/2/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

هل يعد تناول السّكّر المستورد، أو ما كان يطلق عليه «السكر الرومي» حلالاً أم حراما؟. لم تكن هذه نكتة بالأمس كما قد يظن البعض اليوم، وإنما كانت موضوعًا جدليًّا أثار خلافًا بين العلماء لسنوات، حيث رأى كثيرون أن هذا السكر الذي يصنّع في بلاد غير المسلمين وتخالطه الحمرة أحيانًا، مشوب بالدم (بالاستناد إلى لونه الأحمر)، ما يجعله محرمًا بالنسبة للمسلمين. ولا تقتصر فتوى الحلال والحرام في تناول هذا السكر عليه تحديدًا، وإنما تنجر إلى كثير من الأشياء المصنوعة في بلاد غير المسلمين بصفة عامة، ولعل الحاجة إلى تبيان مثل هذا الأمر قد زادت في سنوات الهجرة الأخيرة لكثير من المسلمين إلى بلاد الغرب، وهو ما استند إليه محمد رحماني، لتبرير اختياره موضوع رسالته لنيل الماستر في الدراسات الإسلامية، والتي نوقشت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية لجامعة محمد الأول في المغرب العام الماضي، وتناولت ـ تحت عنوان «تغيير المنكر فيمن زعم حرمة السكر» ـ موضوع تحريم أو تحليل تناول السكر الرومي المستورد المشكوك في خلطه بالدم أثناء صنعه مركزًا على فتوى للعلامة الشفشاوني أبي الربيع سليمان بن محمد الحوات بهذا الشأن. وتبين فتوى الحوات اليوم المنهج المتبع في دراسة النوازل، وفيه ما يشابه مسألة السكر المستورد من الخارج والتي تعد من الأمور المعاصرة التي تشمل الأطعمة والأشربة فيما يشابه مسألة السكر مما انتشر بيـن الناس. تغيير في الملامح بعد سنوات عديدة من اعتماد المغرب صناعة السكر المحلي في قوالب، بدأت تلك الصناعة تتراجع في عهد العلويين بشكل مضطرد حتى اضطر لاستيراده من الخارج، دون أن يفقه المغاربة حينئذ كيف يصنّع، حيث ذهب كثيرون إلى أنه يشاب بشيء من الدم في أول أطوار صنعه، وهو ما تذكره فتوى الحوات التي تقول «فإن بعض المسلمين ممن سافروا لبلد النصارى أخبروا أنهم يجعلون الدم في السكر عند طبخه للتصفية، ثم يبالغ بالعمل فيه طبخًا وتصفية إلى أن يصير في نهاية من البيضا والصلابة مفرغًا في القوالب، فكثر الكلام بين الطلبة في حكمه لنجاسة الدم الذي خالطه». بيان الفتوى تؤكد فتوى الحوات على أنه «الذي يظهر بل يتعين في هذا الخبر أنه غلط نشأن من توهم أن الحمرة التي في السكر أول طبخه هي حمرة من دم يخالطه حينئذ، وليس الأمر كذلك، بل ذلك الأحمر الذي توهم أنه الدم إنما هو عين السكر في أول أطوار طبخه، فإنه إذ ذاك يكون أحمر، وحمرته أصل له، وربما عاد شيء من أثرها بعد استقصاء أعماله إذا قابلته النار أو أصابته رطوبة باردة، هذا هو الواقع الذي ما زلنا نتلقاه عن الرائي والسامع». وتركز الفتوى على أنه قد يصدف أن يكون هناك حالة خاصة لمادة ما يشوبها محرم، لكنها تكمل «قد يكون ذلك في بلد خاص أو في زمان خاص أو لغرض خاص، والنادر لا حكم له شرعًا، وأيضًا على كل حال لا يفيد ذلك إلا الشك وهو لا يعتبر في طرح الطعام، وقد سئل مالك رضي الله عنه عن جبن الروم الذي يوجد في بيوتهم وقد قيل إنهم يجعلون عليه أنفحة الخنزير فقال «ما أحب أن أحرم حلال وأنا أن يكرهه رجل في خاصة نفسه فلا أرى في ذلك بأسا». وتختم الفتوى بالقول «إن صنائع الكفار ولو مجوسًا كلها تحمل على الطهارة لأنهم يتوقون فيها بعض التوقي لئلا يجتنبهم الناس فتكسد صنعتهم هذا فيما صنعوه لغيرهم، وكذا الحكم فيما صنعوه لأنفسهم وأهليهم، وهب أن تنجيس النصارى للسكر قد ثبت الثبوت المعتبر بل تواتر فيما مضى وغبر، فلا يحرم أكله ولا يمنع بيعه. وسبق قول مالك فيما نسجه اليهود أنه لا بأس به ولم يزل عمل الناس على ذلك». أصل المسألة أصل المسألة إشكال طرحه المسلمون المسافرون لبلاد النصارى حول تناول السكر المصنوع هناك بعد شكهم أنه يخلط معه الدم والنجاسة، لكن العلامة الحوات بين أن الحمرة التي توهمها بعضهم دمًّا ليست سوى جوهر السكر ولبه، ولأن السكر لا غنى للناس عنه فإن تحريمه يحتاج لمطلق التأكيد لا مجرد الشك والريبة، باعتبار أن الطعام لا يطرح بالشك، ناقلا عن مالك تحرزه في تحريم الجبن الرومي، وأن صنائع الكفار مما عمت به البلوى ويلزم من تحريمه جلب مشقة لعمم الأمة، وخلص إلى أنه لا تناول السكر حتى لو صح الخبر في خلطه بالدم لثلاث اعتبارات، هي أنه يدخل فيما عمت به البلوى، ولاستحالته إلى صلاح فيصير طاهرًا بعد أن كان نجسًا كالمسك وما يصبغ بالدم والبول، ولكثرة ما يقع فيه من الأعمال طبخًا وتنقية وتكرارًا. التقعر والتدقيق خلص الحوات إلى أن التدقيق والتقعر في أمور الطهارة والنجاسة في دقائق الأشياء من قبيل الوسوسة ومخالفة السنة النبوية وهدي السلف الصالح والضلال الفقهي الذي لا يورث سوى مشقة وزيادة تكلفة على الناس. ومن هنا فإن كثيرًا ممن في المهجر يمكنهم الاتكاء على هذه الفتوى التي أعملت علم الفقه وأصوله في الإيضاح وبيان الأحكام للتعامل مع عدد من المسائل التي تصادفهم في مهجرهم. مبررات عدم تحريم السكر - مخالطته دم أو نجاسة. - يدخل تحريمه فيما عمت به البلوى. - استحالته إلى صلاح فيصير طاهرًا. - كثرة ما يقع فيه من الأعمال طبخًا وتنقية وتكرارًا. - توهم من قالوا إنه يخالطه الدم، وهو في الحقيقة غير ذلك. - الشك لا يعتبر في تحريم الطعام. - صناعة الكفار تحمل على الطهارة لأنهم يتوقون فيها حتى لا يتجنبهم الناس. - السكر لا غنى للناس عنه وتحريمه يحتاج لمطلق التأكيد لا مجرد الشك والريبة.

مشاركة :