كانت المحبة والبساطة والألفة والطيبة في ذلك الزمن الجميل الذي نتفق اليوم على تسميته بزمن (الطيبين) وكأن هناك من جاء ليكدر علينا واقعنا هذا ليستغل الطيبة التي هي ميزتنا ويخترق مجتمعنا ويقلبه رأس على عقب بوهم (الصحوة) تلك الصحوة التي جعلونا بها نتخاصم مع كل ما هو فطري وجميل لهذه الحياة فكانت النتائج هي ما كان في واقعنا من التشدد والغلو والتطرف.. ولأن من اوهمونا بصحوتهم لا يؤمنون بالاختلاف حتى انهم لا يريدون أحدا يختلف عنهم ويعادون كل من يخالفهم.. يرون خصوصيتهم في تلك القيم التي يعتبرونها تميزهم ولكنهم لا يتميزون بها. يجزمون بأن من حقهم أن يفهمهم الكل مع أنهم لا يفهمون حتى انفسهم.. يرددون أن تاريخهم مجيد وحاضرهم تليد.. غير أن ذلك التاريخ هو ما يجعلهم يختلفون حوله.. ويتخاصمون في تأويله ولم يتعلموا منه حتى كان هو المشكلة في ترسيخ ثقافتهم الطائفية ونعراتهم القبلية وممارستهم العنصرية.. فشغلهم ذلك التاريخ عن أنفسهم وجعلهم يتحركون في دائرة مغلقة.. الدين واضح وجلي ولكن وعيهم منغلق وممارساتهم ضبابية.. لا يفكرون كيف ستكون النتيجة ولا يهتمون بالمستقبل بتاتا.. حتى وإن شطح بهم التفكير وتحركت عقولهم يغلبهم سوء الظن.. فيتقوقعون على ذواتهم ويسدون كل الابواب!! الله سبحانه وتعالى قال إنه خلقنا في هذه الدنيا شعوبا وقبائل لنتعارف أي نتمازج ونتبادل المعارف والخبرات ونتنافس على المعرفة والعطاء وكل يستفيد من الآخر وجعل الكرامة للاتقياء.. غير أن هناك من يحجم بل يبتعد ويبعد ويشكك ويحذر من التواصل مع من يشترك معه في الأساسيات الجوهرية لما نؤمن به جميعا فكيف بهم مع الآخر!! اهتموا بالنقل بدون تمحيص وحاربوا العقل بلا تعقل.. الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم تدبروا، وتفكروا، واعتبروا. ولكنهم يتآمرون في التدبير ولا يفكرون إلا بالمؤامرة ولا يستفيدون من عبر التاريخ.. أولوا كل حقيقة وشككوا في كل بينة وهمشوا ما فيه عطاء وتنمية.. هم فقط يأخذون ولا يقدمون إلا كل ما فيه تشويه واساءة لديننا ومجتمعنا.. ولأننا نتحسر كثيرا على زمان الطيبين.. ونؤمن بأن كل زمان بأهله. والطيبة التي نقول إنها فقدت لم تكن الا من فعل من كانوا يعرفون دينهم ويتقيدون برحمته وسموه وسماحته وبطهارته ونقائه ويعلمون بأن حبيبنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم جاء متمما لمكارم الاخلاق التي جعلت كل ما يكون طيبا.. كم نحن بحاجة أن نعي ديننا كما كان الطيبون في زمانهم يعرفونه. عندها سيعود الزمان!!!
مشاركة :