اكد سفير المملكة المغربية لدى مملكة البحرين مصطفى بنخيي السعي نحو تعزيز المظلة القانونية التي تؤطر التعاون بين البحرين والمغرب باتفاقيات تخص قطاعات استراتيجية مهمة، من شأنها أن تعزز مستوى العلاقات الاقتصادية الثنائية، لترتقي الى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين. وقال السفير في مقابلة لـ«الأيام» إن مستوى العلاقات الاقتصادية الثنائية بين البلدين لا يرقى إلى مستوى العلاقات السياسية، ما يجعل هناك حاجة الى تعزيز أطر التعاون الذي يتضمن حاليا نحو 61 اتفاقية؛ من أجل الوصول نحو علاقات اقتصادية متميزة في الشأن التجاري والاستثماري الذي يحتاج للمزيد من العمل. وأشار الى ان حجم المبادلات التجارية بين البلدين كان قد وصل في العام 2019 الى نحو 121 مليون دولار، ما يجعل المغرب الشريك رقم 29 على مستوى العالم، إذ تتركز صادرات المغرب الى البحرين على المركبات والخضار والفواكه ومواد البناء. وفي المقابل، تستورد المغرب من البحرين بقيمة 110 ملايين دولار الألمنيوم والوقود المعدني والحديد والصلب، فيما الاستثمارات المغربية في البحرين تقتصر على إسهامات 439 شركة، دون تسجيل أي وجود لوكالات تجارية أو فروع لشركات مغربية، لافتا الى أن التعاون في مجالات الطاقة المتجددة هو أحد المجالات الاستراتيجية التي يتم العمل على تعزيز التعاون فيها، لا سيما ان المغرب -التي تستهدف التخلص نهائيا من الاعتماد على الطاقة الأحفورية بحلول العام 2050- لديها تجربة ريادية في هذا القطاع. وكشف السفير المغربي عن تفاصيل مشروع أطلقه جلالة ملك المغرب لتصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19 ولقاحات أخرى بكلفة مالية تقدر بـ500 مليون دولار، لإنتاج 5 ملايين جرعة من اللقاح شهريا كمرحلة أولى، وذلك بالتعاون مع المجموعة الصيدلية الوطنية للصين «سينوفارم»، ما يمكّن المغرب من تحقيق السيادة الصحية، ولتكون بذلك مصدرا للقارة الأفريقية من اللقاحات. وفيما يلي نص المقابلة: ] كيف ترون العلاقات الثنائية المغربية - البحرينية؟ - لا شك أن العلاقات المغربية - البحرينية متميزة جدا. كانت دوما قوية ومتماسكة، وتثبت في كل مرة وحين أنها لم تزدد إلا قوة وتماسكا، إنها علاقة محصنة بالرعاية الشخصية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وأخيه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الحريصين على تطويرها عبر التوجيه بفتح التعاون بين البلدين على القطاعات الواعدة والارتقاء بها إلى شراكة استراتيجية تكاملية. ومن منطلق هذه التوجيهات السامية، تتضاعف الجهود لإعطاء العلاقات الاقتصادية مضمونا أقوى، عبر التركيز على خلق بيئة تعاون قادرة على إحداث الفارق، تشمل قطاعات نافعة، وتعمل وفق منظومة حديثة ترتكز على اتفاقيات عملية وآليات متخصصة وأسلوب عمل مرن، وتعتمد على قطاع عام ميسر ومساعد، وتكون أكثر جاذبية للقطاع الخاص وبما يجعله أكثر جرأة وانخراطا. وفي هذا الإطار، يجري العمل على استكشاف مساحات جديدة للتعاون الثنائي عبر الانفتاح على قطاعات استراتيجية محددة تحظى بالأولوية في البلدين، وتعطي دفعة قوية لعلاقاتهما الاقتصادية، وتحسن مركز كل منهما بالنسبة للآخر في سلم ترتيب شراكاتهما الدولية. وعلى هذا الأساس، من المنتظر أن تتعزز المظلة القانونية التي تؤطر التعاون بين البلدن الشقيقين باتفاقيات جديدة نوعية تخص قطاعات استراتيجية مهمة من شأنها أن ترفع كما وكيفا مستوى العلاقات الاقتصادية الثنائية الذي لا يرقى حاليا إلى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين، فهذه المظلة القانونية تتكون حاليا من 61 اتفاقية، وتؤطر لعلاقات تتميز في شقها الاقتصادي بمبادلات تجارية واستثمارية تحتاج إلى مزيد من العمل لرفع حجمها. ] ماذا عن حجم التبادل التجاري بين البلدين؟ - المبادلات التجارية وصل حجمها سنة 2019 إلى 121 مليون دولار، لتجعل من المغرب الشريك التجاري العالمي رقم 29 للبحرين التي تستورد منه 11 مليون دولار، بما يشمل المركبات والخضراوات والفواكه والسيراميك ومواد البناء، والملابس والسكريات والأجبان، فيما تصدر البحرين الى المغرب بقيمة 110 ملايين دولار بما يشمل الألمنيوم والوقود المعدني والحديد والصلب وسيارات جيب وأواني المطبخ والبلاستيك ومواد التجميل. أما الاستثمارات فتتوزع إلى استثمارات بحرينية بالمغرب في قطاعات العقار والسياحة والمصارف، وتقودها مؤسسات بحرينية أهمها بيت التمويل الخليجي وشركة النسيج، ومجموعة البركة، واستثمارات مغربية في البحرين تقتصر على إسهامات في 439 شركة، دون تسجيل أي وجود لوكالات تجارية أو فروع لشركات مغربية. ] ماذا عن التعاون بين البلدين في مجال الطاقة المتجددة، لا سيما أن المغرب بات لديها تجربة رائدة في هذا المجال؟ - لا شك ان مجال الطاقات المتجددة هو من ضمن القطاعات الاستراتيجية التي يتم التركيز عليها حاليا في المساحات الجديدة للتعاون بين المغرب والبحرين، عبر العمل على استكشافها وإدماجها ضمن قائمة مجالات التعاون ذات الأولوية بناء على الاستراتيجية الطموحة التي أرستها البحرين في هذا الميدان، والتي بدأت تستقطب اهتمام فاعلين إقليميين ودوليين مهمين، ومن منطلق التجربة الرائدة التي اكتسبها المغرب في هذا المجال على مدار اكثر من 11 سنة. وهنا، أود التأكيد على ان موضوع الطاقة بالنسبة للمغرب قضية سياسية وسيادية واستراتيجية، فهو يعتمد على النفط المستورد بنسبة 94%، ويؤدي فاتورة إنفاق على الطاقة يناهز مبلغها 10 مليارات دولار سنويا. وعلى هذا الأساس عمد منذ سنة 2009 إلى إرساء استراتيجية في مجال الطاقات المتجددة تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف؛ الأول يتعلق بتحقيق الأمن الطاقي والسيادة الطاقية، والثاني يخص الالتزام بأهداف المجتمع الدولي بشأن التصدي للتغيرات المناخية، أما الثالث فالتحول إلى مركز إقليمي hub في مجال الطاقة بفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي الذي يمنحه إمكانية الربط الكهربائي والغازي بين أوروبا والمغرب العربي وأفريقيا عبر توفير البنى التحتية الضرورية. ولتنفيذ هذه الاستراتيجية الطموحة التي تتوخى إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة بنسبة 42% العام 2020 و52% عام 2030 والتخلص نهائيا من الطاقة الأحفورية بحلول عام 2050، أقدم المغرب سنة 2010 على إنشاء الوكالة المغربية للطاقات المتجددة «مازن MASEN»، وهي شركة خاصة تمولها الدولة في تركيبة فريدة تجعلها تستفيد من مرونة القطاع الخاص ومن ضمانات الدولة فيما يتعلق بالتمويلات، وقرر تحرير قطاع الكهرباء وبما يمنح للشركات المغربية من القطاعين العام والخاص الحق في استعمال الطاقات المتجددة لإنتاج احتياجاتها من الكهرباء وتسويق الفائض محليا أو إلى الخارج. لقد سارت الأمور على أحسن ما يرام في البداية وفاقت نسبة إنتاج الكهرباء من الطاقة 35%، لكنها لم تستمر على نفس المنوال سنة 2020، إذ لم يبلغ الإنتاج المستوى المستهدف، أي 42%، ما حدا بصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يتابع بانتظام هذا الورش الاستراتيجي، إلى ترؤس جلسة عمل بالرباط بتاريخ 22 أكتوبر 2020 خصصت لاستراتيجية الطاقات المتجددة، سجل خلالها جلالته بعض التأخير الذي يعرفه هذا المشروع الواسع، ولفت إلى ضرورة العمل على استكمال هذا الورش في الآجال المحددة، وفق أفضل الظروف ومن خلال التحلي بالصرامة المطلوبة. وبناء على هذه التوجيهات الملكية السامية، تعمل جميع المؤسسات المغربية المعنية على تدارك التأخير الحاصل وبلوغ نسبة إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة المستهدفة عام 2030، أي 52%، وتحدي عاملي الكلفة الذي لا يزال مرتفعا، وسرعة تطور التكنولوجيا المستعملة التي تفضي إلى تقادم التقنيات بشكل سريع وبما يؤثر على المشاريع القائمة. وإذا كان المنتدى الاقتصادي العالمي صنف المغرب في أبريل الماضي في المرتبة الثالثة عربيا والسادسة والستين عالميا، فإن الجهود المتواصلة التي تقوم بها المؤسسات المغربية المعنية ويتابعها صاحب الجلالة شخصيا من شأنها أن ترفع مستوى أداء المغرب فيما يتعلق بالتحول الفعال في مجال الطاقات المتجددة، وموقعه الريادي على المستويين الإقليمي والقاري، وترتقي به إلى درجة متقدمة على المستوى العالمي. ] ماذا عن الشراكة الاستراتيجية المغربية - الخليجية؟ - المغرب بإرادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس متمسك بقوة بهذه الشراكة الاستراتيجية، وحريص على صونها ومواصلة العمل، وفق توجيهات جلالته السامية، للارتقاء بها إلى شراكة نموذجية وتكاملية متعددة الأبعاد، من شأنها أن تقوي مضمون العلاقات بين الطرفين، وتخلق لهما مزيدا من فرص الاستفادة المتبادلة وتحقيق المنفعة المشتركة وتعزيز دورهما فاعلين وازنين ومؤثرين إقليميا وقاريا ودوليا. فالمغرب يعتبر أن هذه الشراكة ليست وليدة مصالح ظرفية أو حسابات عابرة، وإنما هي درجة سامية من علاقة راسخة تستمد قوتها من الإيمان الصادق بوحدة المصير وتطابق وجهات، ونتاج مسار مثمر من التعاون الثنائي بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي وفقا إرادة مشتركة. فعند إرساء هذه الشراكة الاستراتيجية، تم تبني مقاربة موضوعية وواقعية ترتكز على مبدئي التوازي والتدرج في تطوير مجمل أبعادها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والبشرية والثقافية والروحية والأمنية، وعلى مبدئي الدعم والتضامن في تعزيز روحها التكاملية والاندماجية. لقد شكلت القمة المغربية الخليجية الأولى، التي استضافتها المملكة العربية السعودية الشقيقة بالعاصمة الرياض يوم الأربعاء 20 أبريل 2016، حدثا فارقا في مسار هذه الشراكة، وفرصة ثمينة سانحة للتحدث بكل شفافية ومسؤولية عن واقع ملموس وتحديات بارزة، وللتعبير بكل وضوح وطموح عن سبل التعامل الأمثل مع الحاضر والمستقبل. ففي كلمته السامية بالمناسبة، أوضح صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن ساعة الصدق والحقيقة دقت، فوصف المرحلة بالفاصلة بين «ماذا نريد» و«كيف يريد الآخرون أن نكون»، وتحدث عن هذه الشراكة الاستراتيجية، فقال إنها بلغت درجة من النضج وتتطلب تطوير إطارها المؤسسي وآلياتها العملية. وعملا بذلك، قدم المغرب العناصر الأولية لمشروع تصور لتطوير الإطار المؤسسي وآليات عمل الشراكة الاستراتيجية خلال اجتماع «اللجنة المشتركة لكبار المسؤولين في وزارات الخارجية» بين دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المغربية عبر الاتصال المرئي بتاريخ 25 يناير 2021، والذي ترأسته مملكة البحرين الشقيقة عن جانب لمجلس التعاون. وبهذه المناسبة، أود أن أهنئ مملكة البحرين على العمل الدؤوب والمتميز الذي تقوم به بثبات ومسؤولية بموجب رئاستها الدورية لمجلس التعاون الخليجي، وأعبر لها عن شكر المملكة المغربية على ما تقدمه لها من دعم من داخل هذا المجلس وفي كل المنتديات الإقليمية والدولية بتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة. وأود التأكيد على أن الشراكة المغربية الخليجية صامدة لأن أسسها صلبة ومتينة، وآفاقها واسعة وواعدة، وطرفيها تجمعهما روابط أخوة عميقة، وعلاقات تعاون وتضامن قوية، وقيم ومبادئ مشتركة، وتوجهات بناءة. ] تشكل جائحة كورونا كوفيد-19 تحديًا غير مسبوق لمختلف دول العالم، كيف تتعامل المغرب اليوم مع هذا التحدي؟ لقد تم إرساء استراتيجية شاملة ومتكاملة تركز على صحة المواطن المغربي، وتقوم على مبدأ الاستباقية في خطة العمل المتعلقة بمحوريها الأساسين المتمثلين في الجانب الصحي والجانب الاقتصادي والاجتماعي. وعلى هذا الأساس تم إحداث صندوق خاص بتدبير الجائحة لغاية تأهيل الوسائل والآليات الصحية، ودعم الاقتصاد الوطني في مواجهة الصدمة التي خلفتها الجائحة، ومعالجة الآثار الاجتماعية المترتبة عنها. كما تم اللجوء إلى التمويل الخارجي لتعويض تراجع الاستثمارات المباشرة الخارجية والتحويلات، وكذا تيسير الوصول إلى التمويل وتأجيل سداد القروض. وقد أبانت هذه التجربة العصيبة عن قدرة الاستجابة لدى جميع الفاعلين العموميين والخواص والأفراد، ومدى تطور الثقافة الرقمية بالمغرب واستعماله الأمثل لأدواتها في تعميم المعلومة والتدابير وتأمين استمرارية التعليم وسير نشاط المؤسسات، ومدى تشبته بمبدأ التضامن حينما سير رحلات جوية إلى 15 بلدا أفريقيا ليمدها بالأدوية والمستلزمات والأدوات الطبية والوقائية، والأبرز هو أن المغرب استطاع أن يحول هذه الظرفية الوبائية إلى فرصة فأطلق ورشين طموحين كبيرين؛ الأول يتعلق بمشروع تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية على فترة 5 سنوات بكلفة سنوية قدرها 5، 7 مليار دولار منها 2، 6 مليار دولار من ميزانية الدولة، ترأس إطلاقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في ابريل الماضي، ويهدف إلى تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال عامي 2021 و2022، وتعميم التعويضات العائلية خلال عامي 2023 و2024، وتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد العام 2025، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل العام 2025، أما الثاني فيتعلق بمشروع تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لفيروس كوفيد 19 ولقاحات أخرى بكلفة مالية أولية تبلغ 500 مليون دولار لإنتاج 5 ملايين جرعة شهريا في مرحة أولى، ويهدف إلى تمكين المغرب من تطوير قدرات صناعية وبيوتكنولوجية شاملة ومندمجة لتصنيع اللقاحات محليا لفائدة المغرب وإفريقيا وبما يحقق له السيادة الصحية والأمن الصحي ويجعله مصدرا له للقارة، هذا المشروع أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمدينة فاس في 5 يوليو 2021، حينما ترأس مراسم التوقيع على مذكرة تعاون بشأن اللقاح المضاد لكوفيد-19 بين الدولة المغربية والمجموعة الصيدلية الوطنية للصين «سينوفارم»، ومذكرة تفاهم حول إعداد قدرات تصنيع اللقاحات بالمغرب بين الدولة المغربية وشركة «ريسيفارم»، وقد وضع رهن إشارة الدولة المغربية منشآت التعبئة المعقمة لشركة «سوطيما» المغربية المتخصصة في صناعة الأدوية بين الدولة المغربية وشركة «سوطيما». ] ماذا عن الوضع الوبائي الحالي في المغرب؟ - اليوم هناك نحو أكثر من 18 مليون شخصا تلقوا الجرعة الاولى من التلقيح، كما بلغت إجمالي حالات الإصابة بالفيروس نحو 800 ألف اصابة حالة، وبلغت نسبة التعافي 92%، وعدد حالات الوفاة أكثر 12 ألف وفاة.
مشاركة :