أكد خبراء اقتصاديون ومستثمرون أن الحملة التصحيحية أعطت مؤشرا عن حجم الفرص الكبيرة والذهبية المتاحة بقطاع التجزئة، والذي ظلت محتكرة لعقود طويلة من قبل العمالة الأجنبية، مما غيب ثقافة العمل الحر عن ذهنية الكثير من الشباب، كما أن تلك الحملات أبرزت الدور الحالي والمفترض للجهات الداعمة والممولة للعمل الحر ومدى تفاعلها مع هذا الوضع الجديد. وشددوا فى حديث لـ”المدينة” على ضرورة مبادرة الشباب للدخول للسوق وتجاوز الذهنية غير الإنتاجية، التي فرضتها ثقافة الاتجاه للوظيفة من جهة والتستر التجاري لعقود طويلة، مشيرين إلى ضرورة تسهيل العقبات البيروقراطية غير الضرورية في اشتراطات الحصول على القروض وضماناتها وتسهيل الإجراءات وتسريعها من كل الجهات الحكومية والأهلية الراعية ليقطف الشباب ثمرة هذه الحركة التصحيحية بالانخراط بالعمل الحر في ظل الفرص الذهبية القائمة محذرين من أن بقاء هذه الفرص سيكون مؤقتا وعدم استغلالها سيعيد السوق للتستر التجاري من جديد. وأوضح الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أن أساس العمل التجاري يرتكز على مبادرة الشباب، وأن أهم ما يحتاجه الشباب هو التمويل، الذي يأتي من صناديق الدعم أو الجهات الحكومية أو من القطاع المصرفي، وهناك تمويل من هذه الجهات ولكنه تمويل معقد، مشيرا إلى أن الفترة التصحيحية استطاع أن تخلق فرصًا وظيفية في القطاع الخاص أفضل من سياسة خلق الوظائف. وبين البوعينين أن هناك ثلاثة أنواع للدعم للمشروعات والإقراض أولها الدعم الكلي وهو: أن يتم احتضان المشروع منذ بدايته وحتى يرى النور في السوق، والنوع الثاني الدعم الجزئي: ويعطي التوجيه والمتابعة والنوع الثالث من الدعم هو الدعم الشكلي: والذي تمارسه بعض الجهات ومنها على سبيل المثال الغرف التجارية. وألمح إلى أن الدعم المقدم من الصناديق الحكومية أصبح معقدا وصعبا للغاية والتمويل بشكل عام يواجه صعوبة حقيقية في السوق السعودي، مضيفا أن هناك صندوقا بالشراكة بين وزارة المالية والبنوك اسمه (كفالة) يقوم على أن الشاب لديه مشروع تجاري أو صناعي وهذا القرض مضمون من قبل وزارة المالية، لكن البنوك تضع عراقيل كبيرة أمام الراغبين من الشباب. وأكد البوعينين على أهمها توفير الدعم المادي الذي يفترض أن يصدر من ثلاث جهات هي الغرفة التجارية الصناعية ومؤسسة التدريب التقني التى اصبح لديها 16000 عاطل حاليا واخيرا القطاع المصرفي . وبين البوعينين أن احد اسباب غياب ثقافة المبادرة لدى الشباب يتمثل في غياب ثقافة الإنتاج فالشاب السعودي تعود على الوظيفة وهي غير منتجة خاصة وظائف القطاع العام في أغلبها بخلاف بعض الشركات المنتجة كسابك والشركات، التي يعمل الشباب في مصانعها. ولفت أن السبب الرئيسي في غياب ثقافة الإنتاج يأتي من وزارة التربية والتعليم، والتي تخرج لنا شباب يفتقرون إلى الثقافة الإنتاجية، مبينا أن موازين اللعبة اختلفت من ناحية التنافسية في السوق لصالح السعودي فأسواق اللحوم وأسواق الخضار وأسواق السمك لاتحتاج لرأس مال كبير فقط تحتاج للمبادرة من الشباب بدخولها بعد أن انتفت المنافسة غير العادلة مع غير السعوديين بالسوق ملمحا أن الفرص لاتبقى للأبد فعدم استغلالها سيجعل من عودتها تحت غطاء التستر للعمالة الأجنبية وارد والعملية التصحيحية تعتمد على جزءيين الجزء الأول هو مهمة حكومية والجزء الثاني يعتمد على المواطن بالمبادرة إلى هذه الفرص. وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودي الخبير الاقتصادي عصام خليفة، إن قرارات التصحيح التي اتخذتها الدولة والبرامج المتنوعة لوزارة العمل تهدف إلى تصحيح الاختلال في سوق العمل في المملكة، حيث لا تتعدى نسبة السعوديين في الوقت الحاضر حاجز 15% في القطاع الخاص، مشيرا إلى أن الآثار الاقتصادية في الأجلين المتوسط والطويل من المتوقع أن تكون إيجابية، حيث ستفتح باب الاستثمار للشباب السعودي بعد إغلاق الكثير من المحال التجارية في سوق التجزئة، التي كانت محتكرة لدى العمالة الوافدة، بالإضافة إلى أنها ستساهم إلى حدٍ بعيد في الحد من التستر التجاري.. مؤكدا على ضرورة أن يقوم الشباب السعودي من الجنسين باستغلال هذه الفرص الكبيرة من دخول السوق بالعمل الحر، خاصة الشباب الذين يعانون من مشكلة البطالة. وتحدث أستاذ قسم الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز، أسامة إبراهيم الفلالي، أن المهن في السوق السعودي نوعان: مهن لايقبل عليها السعوديون لاعتبارات ثقافية واجتماعية ومهن تجارية: كانت تحت التستر التجاري وكثير منها تدر ذهبا كما يقول وهي محلات التجزئة ويرى أن الفرصة مواتية جدا لدخول العمل من قبل الشباب بشرط تسهيل بعض الإجراءات البيروقراطية غيرالضرورية في عملية دعم المشروعات واشتراطات الضمانات للقروض ومتى ماتضافرت الجهود مع استمرار هذه الحملة سيكون هناك اتجاه حقيقي وكبير من الشباب للعمل الحر وستتغير ثقافة أن يكونوا موظفين فقط ليكونوا رياديين في إنشاء أعمالهم الخاصة فالسوق كما يقول كبير جدا والفرص ذهبية. فيما أكد أحد الشباب السعودي البائعين في (كشك صغير) بجنوب مدينة جدة قال أحمد نايف أن التفتيش كشف حالة السوق والفرص التي كانت محتكرة للعمالة الأجنبية فالمحلات التجارية لايتم تأجيرها إلى على جنسيات معينة ويسوق مثلا لذلك أن هناك أحد العمال في السوق من الجنسية البنغالية مستأجر مايربو عن سبعة محلات من صاحب السوق بإيجار يبلغ 15000 ألف ريال عن كل محل ومن ثم عاد وأجرها هو على عمالة بنقالية وهندية وباكستانية بمبالغ تراوحت بين 25000 إلى 30000 الف ريال، لكل محل وأصبح مستثمرا بحد ذاته بهذه الطريقة. وعن رغبته في الحصول على تمويل قال إنه سبق أن تقدم لجهات الراعية، ولكن كان شرط وجود الكفيل الغارم عائقا له ومازال في طور محاولاته خاصة مع مايراه من فرص، كما يقول فهو قد عرف السوق عن كثب وعرف مدى مايدره من عوائد مالية تغنيه عن البحث عن وضيفه. وتقول الشابة إيمان السليماني الموظفة بالقطاع الخاص، والتي تتحين الفرصة لفتح محل تجاري أن الصورة لم تتضح حتى الآن وأن نجاح التصحيح سيجعل هناك فرصا واعدة للشباب لاستثمار طاقاتهم في أعمال حرة تخصهم وتخص مجال دراستهم وقدراتهم بدل أن يكونوا موضفين لدى الغير فالفرص كثير وجدا والدليل حجم، الذين خرجوا من السوق وحجم المتبقي وحجم المحلات التي أقفلت أبوابها. وعن الدعم من الجهات الراعية تقول إيمان إن الجهات الداعمة والشباب كانوا في محيط كبير من العمالة المحتكرة وكان النجاح يحتاج لجهودات تفوق قدرة الكثير من الشباب خاصة من يدخل السوق كتجربة أولى مما يعجل بخروجه حتى وإن تمتع بالدعم المالي والمؤازرة من قبل الجهات الراعية. وعن ضرورة التفاعل من قبل الجهات الراعية قالت: إن توجه الشباب الكبير وحاجة السوق ربما ستجعل التفاعل أكبر بحكم وضع السوق وما يحتاجه وتوفر الفرص ونسب النجاح العالية.
مشاركة :