رفوف المتاجر الفارغة تثير الشكوك في نجاح استراتيجية جونسون للخروج من الاتحاد الأوروبي

  • 9/7/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

منذ سنوات كان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قياديا في حزب المحافظين الحاكم وعلى رأس المنادين بضرورة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقاد الحملة الدعائية لهذا الهدف والتي تكللت بالنجاح بالفعل عندما صوتت الأغلبية في بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء العام الذي أجري في حزيران/يونيو 2016. وشهدت بريطانيا أحداثا عديدة منذ ذلك الوقت، وتعاقب على الحكم فيها أكثر من رئيس وزراء حتى تولى جونسون رئاسة الحكومة خلفا لتريزا ماي التي كانت قد فشلت في الوصول إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن تنفيذ قرار الخروج. ويقول الكاتب البريطاني جو ماييس في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إن تردد جونسون في اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي لتخفيف أزمة سلاسل الإمداد والتوريد الحالية، والذي أدى إلى خلو أرفف المتاجر البريطانية من البضائع،هو ما الذي سلط الضوء على أولوية حكومته وهي "الخروج من الاتحاد الأوروبي أولا". فبالنسبة لرئيس الوزراء الذي قاد حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي متعهدا "باستعادة السيطرة" على حدود بريطانيا وحماية وظائف العمال البريطانيين، يعتبر اللجوء إلى العمالة الرخيصة في الاتحاد الأوروبي لسد النقص في سائقي الشاحنات ببريطانيا، خطوة ملغومة سياسيا. ويقول جوليان جيسوب المحلل الاقتصادي في معهد الشؤون الاقتصادية، وهو مركز أبحاث يتبنى مبادئ السوق الحرة إن إقدام جونسون على هذه الخطوة سيكون اعترافا من جانبه بمزايا الوجود في الاتحاد الأوروبي. ويضيف جيسوب المدافع عن الخروج من الاتحاد الأوروبي "هم لا يريدون الاعتراف بأن حرية حركة العمال (عبر الحدود في أوروبا) تحقق بعض الفائدة لبريطانيا... فهذا الأمر قد يبدو وكأنه فقدان للثقة في الخروج من الاتحاد الأوروبي". ولكن نقص الإمدادات، الناجم جزئيا عن الخروج من الاتحاد الأوروبي، تسبب في فوضى كبيرة للمستهلكين في بريطانيا. واضطرت مجموعة ناندوز جروب إلى إغلاق بعض منافذ بيع الوجبات السريعة في ظل نقص الدواجن، في حين خلت مخازن سلسلة ماكدونالدز في بريطانيا من مشروب الميلك شيك. ويقول تيم بيل أستاذ السياسات في كلية كوين ماري بجامعة لندن "الخروج من الاتحاد الأوروبي يسبب دائما مأزقا بالنسبة لفلسفة حزب المحافظين بين الالتزام بحرية الأسواق والتمسك بالسيادة الوطنية". والسؤال الذي سيفرض نفسه على جونسون خلال الأسابيع المقبلة، هو هل سيظل متمسكا بموقفه من الاتحاد الأوروبي، حتى إذا ازداد تدهور الأمور. فمن المحتمل تزايد الضغط على سلاسل الإمداد مع العودة إلى المدارس ورفع قيود احتواء فيروس كورونا المستجد. ويقول بيل إن جونسون ربما يكون قد وصل إلى النقطة التي يصبح فيها تغيير المسار السياسي محتملا. "إذا وجدنا الحكومة تلغى العديد من فعاليات عيد الميلاد، فمن المحتمل أن تتراجع عن موقفها... وقد يؤدي ذلك إلى بعض الأخبار السيئة بالنسبة لها خلال أيام قليلة، لكن لا شيء سيكون في صعوبة ما ستواجهه الحكومة إذا استمر نقص المنتجات على أرفف المتاجر". ومع عدم وجود مؤشرات على تغيير رأي جونسون من الاتحاد الأوروبي، ستواصل الشركات تحمل العبء. ففي تقرير نشره مكتب الإحصاء الوطني البريطاني في 26 آب/أغسطس الماضي كانت 7% من الشركات عاجزة عن توفير المواد الخام أو السلع أو الخدمات التي تحتاج إليها في بريطانيا خلال الأسبوعين السابقين. ورغم الدعوات المتكررة من جانب قطاع النقل والخدمات اللوجيستية في بريطانيا لمنح سائقي دول الاتحاد الأوروبي تأشيرة مؤقتة لدخول بريطانيا بهدف تخفيف حدة أزمة نقص السائقين في بريطانيا والذي تقدره الشركات بنحو 100 ألف سائق، ترفض الحكومة البريطانيا الاستجابة لهذه الدعوات وتطالب الشركات بتوظيف وتدريب الشباب البريطاني على مهنة قيادة الشاحنات، وزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل لجذب المزيد من العمال. من ناحيتها تقول وزارة الأعمال واستراتيجية الطاقة والصناعة البريطانية في بيان "نريد أن نرى أصحاب الأعمال يستثمرون في قوة العمل المحلية البريطانية على المدى الطويل... نحن نعمل بشكل وثيق مع القطاع لعلاج التحديات التي يواجهها". ويمكن القول إن جذور مشكلة نقص السائقين في بريطانيا معقدة وتاريخية, فعدد سائقي الشاحنات لم يكن كافيا قبل الخروج من الاتحاد الأوروبي والأجور فيها منخفضة وعدد ساعات العمل كبير، إلى جانب غياب ساحات الانتظار الكافية وخدمات الحمامات والاستراحات للسائقين، مما جعل القطاع غير جاذب للعمالة. وبحسب بيانات اتحاد تجارة التجزئة البريطاني الصادرة في الشهر الماضي فإن المستهلكين بدأوا يشعرون بتأثيرات تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي. فنقص السائقين والقيود المرتبطة بالخروج من الاتحاد وارتفاع تكاليف الشحن وأسعار المواد الخام، كل هذا دفع الأسعار في المتاجر إلى الارتفاع. وقال الاتحاد الذي دعا الحكومة في الشهر الماضي إلى منح سائقي الاتحاد الأوروبي تأشيرة مؤقتة، إنه من المحتمل ارتفاع أسعار الغذاء خلال الشهور المقبلة. وتقول هيلين ديكنسون رئيسة الاتحاد "بدون تحرك حكومي، سيدفع المستهلكون البريطانيون الثمن... ومع اقتراب موسم عيد الميلاد يمكن أن يزداد الموقف سوءا".

مشاركة :