مركز التجارة الدولي: دول الخليج بحاجة إلى 1.6 مليون وظيفة بحلول 2020

  • 10/24/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكدت دراسة دولية متخصصة، أن النمو السريع للسكان والنسبي للشباب في دول الخليج الست، يفرض فرصاً وإمكانات كبيرة، وتحديات خطيرة في الوقت ذاته، مشيرة إلى احتياجها إلى 1.6 مليون وظيفة بحلول عام 2020، لاسيما في السعودية، للحفاظ على مستوى قريب من المستويات الحالية. وأكدت الدراسة الصادرة عن مركز التجارة الدولي، أن التحدي الرئيس الذي تواجهه دول مجلس التعاون يكمن في توليد فرص العمل، وفرص تكوين الثروات، بأعداد كافية وبسرعة، وأن تشجيع إنشاء المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم، هو أحد الحلول. وهنا قالت لـ"الاقتصادية" أرانشا جونزاليز، المديرة التنفيذية لمركز التجارة الدولي، إن الشركات الصغيرة والمتوسطة تشكل اليوم أكثر من 95 في المائة من جميع الشركات في جميع أنحاء العالم، وهي تستأثر بما يقرب من 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وهي المسؤولة عن 60 إلى 70 في المائة من الاستخدام عندما يتم أخذ القطاع غير الرسمي من الاقتصاد بنظر الحسبان، لكن عندما يتعلق الأمر بالإنتاجية والقدرة التنافسية، فإنها تصبح مجرد سَرية صغيرة أمام المؤسسات الكبيرة. وقالت، جونزاليز، إن اتساع الفجوة في الإنتاجية بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة يزيد من تناقص مستوى التنمية في البلاد، وعليه كلما وُجِد التوازن بين حجم الإنتاج في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من جهة، والمؤسسات الكبيرة من جهة أخرى، كلما كان الاقتصاد أكثر قوةً ورسوخاً. وأضافت، أنه في بعض الحالات تكون إنتاجية الشركات الكبيرة في البلدان النامية أكبر بـ 100 ضعف إنتاجية الشركات الصغيرة والمتوسطة. وأضافت، هذا مؤذ للاقتصاد، وله آثار مباشرة على الفقر والتنمية، إن انخفاض إنتاجية الشركات الصغيرة والمتوسطة يعني تدني الأجور، وسوء ظروف العمل، والفشل الاقتصادي في آخر الأمر، "إذا كنا نريد زيادة القوة الشرائية، وزيادة التوظيف، علينا أن نعمل على زيادة إنتاجية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة". وعلى هذا الأساس، أضافت جونزاليز: قدمنا في الدراسة عدداً من الأفكار الواقعة والعملية التي يمكن أن تخدم كأساس للسياسات الحكومية أو قرارات الاستثمار لمعالجة قضايا الإنتاجية التي تؤثر على الشركات الصغيرة والمتوسطة. وأشارت إلى أن "الجمال في هذه الدراسة هو تفكيكها وتصنيفها كثيرا من كتل البيانات المكدسة سابقا على مستوى الشركة، لتعطي بذلك نتائج وتجارب عملية بعيدة قليلاً عن النظرية". وبالعودة إلى الدراسة، حيث تلقي الدراسة (250 صفحة) رؤية واسعة النطاق على المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم في العالم في عام 2015، مع تحليل لتجارب هذا النوع من المشاريع في 25 دولة نامية من بينها مصر والمغرب وتونس وبعض الدول الأقل نمواً موزعة على قارات آسيا، وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وتشريح العوامل الرئيسة التي تحد من قدراتها على الاندماج والمنافسة في الاقتصاد الدولي، ومقارنة تجاربها مع تجارب الدول المتقدمة. وعموماً، فإن الدراسة يُمكن أن تكون الأولى من نوعها التخصصي في مضمار المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم، وكيفية دخولها عالم المنافسة العالمية. وقال مركز التجارة الدولي إنه في ضوء إدراك حكومات دول مجلس التعاون حقيقة وضع البطالة المرتفع لديها، وضعف النشاطات الفردية في إيجاد الثروات في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فإنها أخذت تسعى بصورة متزايدة لتعزيز ثقافة الأعمال الحرة، لاسيما في أوساط المواطنين، للإسراع في توفير فرص العمل ومعالجة البطالة بين الشباب. وأشارت إلى أن انطلاق المشاريع الحرة الصغيرة والكبيرة لا يُسهم في توظيف أصحابها فحسب، ولكن أيضا ستفيد الاقتصاد الأوسع – فحالما تنضج الانطلاقة الأولى للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، تصبح مساهِمة كبيرة في تشغيل العمالة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي. وقال مركز التجارة الدولي إن دول مجلس التعاون الخليجي شرعت في عدة برامج لتنمية مهارات تنظيم المشاريع، مثل برنامج "سند" في سلطنة عمان، وبرنامج "انطلاقة" الذي أعلنه معهد قطر للعلوم والتقنية، أو برامج "فئة ماجستير" (ماستر كلاس) لتنظيم المشاريع التجارية الذي أقامته قطر بالتعاون مع المعهد الفرنسي العالي للتجارة، ومشروع "إنجاز" في البحرين والكويت. وقال المركز من مقره في جنيف إنه بصفة عامة، فإن سياسات مجلس التعاون هذه وبرامج الدعم التي قدمتها قد تركزت في توفير مستويات صغيرة من القروض، والتدريب، وإمكانية الوصول إلى مزايا تسريع الأعمال وحضانتها، وفي أحسن الأحوال وعلى نطاق أوسع، الاستثمار في البنية التحتية لإنشاء مراكز الابتكار. لكن على الرغم من ذلك، فإن دول مجلس التعاون الخليجي لم تتمكن من وضع أو تطوير "نهج كلي" يسعى إلى بناء نظام اقتصادي حقيقي للمشاريع الحرة الصغيرة والكبيرة. وأضافت الدراسة: أنه في الوقت الذي يبرز تعليم تنظيم المشاريع الحرة كوسيلة مهمة لابد منها لتشجيع روح المبادرة في سن مبكرة، وتزويد أصحاب المشاريع من الشباب بالمهارات والمعارف اللازمة للبدء في الأعمال التجارية، "فإن دول مجلس التعاون الخليجي ما زالت تفتقر إلى عنصر حاسم ﻹرساء أسس ثقافة روح المبادرة الإيجابية والحيوية بين الشبان والشابات". وقالت إن احتواء القطاع العام لنمو فرص العمل هو أمر ضروري، لكن النجاح في هذا الصدد كان مختلطاً، إذ أن معظم الشباب لا يزال يفضل بقوة، إلى حد ما، الوظائف في القطاع العام، وهذا ما يفرض مشكلات على الاقتصاد العام. وأضافت: بالنسبة للمواطنين، فإن ديمومة توفر وظيفة آمنة وذات راتب عال في القطاع العام هي أفضل بكثير من السير في طريق الأعمال الحرة المحفوف بكثير من المخاطر أو حتى البحث عن عمل في القطاع الخاص. وقالت إنه علاوة على الأجور الأعلى في القطاع العام، هناك فوائد غير متعلقة بالأجور وساعات العمل، كـ "الأمن الوظيفي" الذي جعل من القطاع العام أكثر جاذبية. وعلى هذا الأساس، تقول الدراسة، إن اإقتصادات دول مجلس التعاون مدعوة لاتخاذ تدابير جذرية لتغيير الحوافز القوية للقطاع العام عن طريق تضييق الفوارق بين الأجور، وتقليص فجوة المزايا الأخرى بين القطاعين الخاص والعام، وهو أمر حاسم لحفز روح المبادرة في الولوج في الأعمال الحرة في دول المجلس. وقالت إن من الأهمية بمكان لدول مجلس التعاون الخليجي أن تقلل من العدد الوفير من الوظائف التي يطرحها القطاع العام، وتقليص جاذبيته للعمالة إذا ما أريد زيادة الحوافز لدى المواطنين للعمل في القطاع الخاص. وقالت إنه ينبغي أيضاً تحفيز الشركات للنظر إلى أبعد من الأسواق المحلية فيما يتعلق بتسويق منتجاتها، والبحث عن فرص جديدة للتصدير. وتقول الدراسة إن هذه الحلقة المفقودة ينبغي أن تمضي جنبا إلى جنب مع الجهود الحالية التي تبذلها دول المجلس لتعزيز نوعية المدارس والجامعات، وبرامج التدريب المهني، لتسليح المواطنين الشباب بالمهارات اللازمة لأخذ المبادرة في تأسيس الأعمال الحرة والمباشرة بها، والعمل في القطاع الخاص. ونبه المركز على أنه ينبغي على القطاعات كافة في دول مجلس التعاون (الحكومات، المستثمرون، أصحاب النشاطات الخاصة، التجار، الصناعة، التربية، التخطيط، العمل… وغيرها) "العمل معاً بشكل وثيق لتزويد جميع التلاميذ والطلاب بالمعارف والمهارات اللازمة لتنظيم المشاريع وتعزيز الثقة بالنفس، وتعليمهم الكفاءات في أعمال التوظيف الذاتي، وتعزيز قيم وثقافة العمل، وأن تكون إقامة المشاريع الخاصة من بين القيم الراقية في المجتمع. لكن المركز شدد على القول إن تعليم قيمة العمل وتنظيم المشاريع، ينبغي أن يبدأ في سن مبكرة جداً، وهنا فقط، ستصبح الأعمال الحرة وروح المبادرة مدفوعة بالفرصة وليس بالحاجة عند الضرورة. واعتبر المركز المؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم حاليا أنها "موضوع كبير جداً في التنمية"، ابتداءً من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، إلى اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، إلى استراتيجية الاتحاد الأوروبي الجديدة للتجارة والاستثمار التي أعلنت هذا الأسبوع، وصولاً إلى الاتفاقات السياسية الرئيسة التي تسعى لتعزيز استراتيجية لنمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة كوسيلة لتعزيز النمو الاقتصادي الشامل والواسع في البلدان النامية. ومن الأفكار التي جاءت في الدراسة، على سبيل المثال، أن الفجوة الكبيرة بين الشركات الصغيرة والكبيرة في الربط الإلكتروني، أو قدرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الوصول إلى المستهلكين والموردين، تصل إلى أدناها في المناطق الأربع -شرق آسيا، والمحيط الهادئ، وجنوب آسيا، وإفريقيا جنوب الصحراء– أما في البلدان النامية غير الساحلية، فالربط الإلكتروني ضئيل جداً. الأمر معكوس بنسبة 100 في المائة في البلدان المتقدمة. ويعتبر الحصول على التمويل العائق الأكبر لقدرة شركة صغيرة أو متوسطة الحجم على المنافسة على الصعيد العالمي. عدم قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الاستفادة من الائتمان التجاري هو أحد الأسباب، ولكن ببساطة أكثر مخاطر ديمومة الشركة. ووجدت الدراسة أن 25 في المائة فقط من الشركات الصغيرة و40 في المائة من الشركات متوسطة الحجم في أقل البلدان نمواً تملك حسابات مصرفية. وفي رؤية أوسع لعالم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (عنوان الدراسة: رؤية للقدرة التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لعام 2015: الاتصال، التنافس، والتغير نحو نمو شامل) تُظهر الدراسة تبايناً واسعاً في أعمار أصحاب المشاريع الحرة حسب البلدان. وكمعدل عام فإن أصحاب المشاريع الشباب بأعمار بين 18 و24 عاماً يمثلون 15 في المائة فقط من مجموع أصحاب المشاريع، وتذهب الحصة الأكبر من أصحاب المشاريع للشباب بين الأعمار 25 و34 (29 في المائة)، تعقبهم فئة الأعمار 35-44 (27 في المائة) ثم من 45 إلى 54 (19 في المائة). لكن الملفت في الأمر، أن فئة أصحاب المشاريع الحرة الذين تراوح أعمارهم بين 65 و120 سنة تختفي تماماً في البلدان النامية والأقل نمواً، وتظهر بوضوح في الدول المتقدمة فقط. ففي الإمارات، على سبيل المثال، الحصة الأكبر هي لأصحاب المشاريع من الفئة العمرية 25-34، ولا يظهر من بين أصحاب المشاريع مِمن هم في الفئة العمرية من 45-54 سنة، ولا من 54 -64، وكذلك بين 65-120 سنة. لكن عموماً لا يبرز نمط واضح للفئة العمرية من منظمي الأعمال في الفئة العمرية من 18 إلى 24. ففي بلجيكا، على سبيل المثال، هناك أكثر من ربع أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة هم تحت 25 عاماً، وفي دول متقدمة أخرى مثل السويد، النرويج، كوريا الجنوبية، أيرلندا، اليابان، فإن أقل من 9 في المائة من أصحاب المشاريع الحرة تراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً. ومن التجارب الناجحة التي قدمتها الدراسة، عن الابتكار والقدرة على المنافسة، قيام شركة مصرية (جرين لاند جروب) تعمل في صناعة الأغذية بالاتجاه منذ عام 2013 نحو إنتاج وتسويق الأغذية الحلال، ما جعلها تُضاعف صادراتها إلى ماليزيا بمقدار أربعة أضعاف، كما تمكنت من العثور على عدة أسواق جديدة، من ضمنها أذربيجان، إندونيسيا، وسنغافورة، في حين أصبحت الآن مبيعات الشركة من المنتجات الغذائية التي تحمل علامة "حلال" تمثل أكثر من ربع صادرات الشركة التي تُعد أكبر شركات منتجات الألبان المصرية. وقالت الدراسة إن الشركة تخطط الآن إلى التوسع في إنتاج المواد الغذائية "الحلال" التي يُقدر وجود بـ 1.7 مليار زبون لهذا النوع من المنتجات. وأظهرت الدراسة أن كل أشكال التجارة مرتبطة حتماً بزيادة الإنتاج. ففي تونس، على سبيل المثال، كانت الشركات المتخصصة في التجارة أكثر إنتاجية، وأكثر ربحية، وأكثر توفيرا لفرص العمل من الشركات غير المرتبطة بالتجارة والتصدير.

مشاركة :