تسيطر حالة من الخوف والقلق على عائلات ستة أسرى فلسطينيين فروا من سجن إسرائيلي خشية تعرض حياتهم للخطر في ظل مطاردة الأمن الإسرائيلي لهم. وأعلنت مصادر فلسطينية وإسرائيلية متطابقة صباح أمس (الاثنين) فرار ستة فلسطينيين من سجن "جلبوع" الإسرائيلي الذي يخضع لرقابة مشددة عبر نفق أرضي حفروه أسفل السجن في حادث نادر. وينتمي خمسة من الأسرى إلى حركة الجهاد الإسلامي بينما ينتمي السادس إلى كتائب الأقصى الذراع العسكرية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وجميعهم من مدينة "جنين" شمال الضفة الغربية ويقضون أحكاما بالسجن المؤبد (مدى الحياة). والأسرى هم محمود عارضة (46 عاما) ومحمد عارضة (39 عاما) ويعقوب قادري (49 عاما) وأيهم كمنجي (35 عاما) ومناضل انفيعات (26 عاما) وزكريا زبيدي (46 عاما). وعقب الحادثة استدعت أجهزة المخابرات الإسرائيلية والد الأسير الفار أيهم كمنجي من بلدة "كفردان" غرب جنين إلى معسكر "سالم" الإسرائيلي. واتهمت عائلات الأسرى الفلسطينيين الستة ضباط مخابرات إسرائيليين بتهديدها لفظيا إما بتسليم أبنائهم الفارين من السجن وعدم التغطية على أماكن وجودهم وإلا سيتم تصفيتهم جسديا. ويقول رداد عارضة شقيق الأسير الفار محمود عارضة من بلدة "عرابة" جنوب جنين لـ ((شينخوا)) إن العائلات تخشى فعليا على حياة أبنائها وأن يتم اغتيالهم أثناء المطاردة المستمرة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية. وأضاف عارضة الذي قال انه لم يستطع النوم طيلة الليلة الماضية أن عملية اغتيال الأسرى الستة ليست مستبعدة على إسرائيل التي استنفرت كافة قواتها البرية والجوية بهدف الوصول إلى معلومة عن الأسرى الفارين. وذكر عارضة الذي بدا وجهه ما بين السعادة لتمكن شقيقه من انتزاع حريته والخوف على حياته أن العائلة تتابع بشكل متواصل حيثيات الأمر، داعيا كافة الجهات إلى حماية الأسرى الستة والحفاظ عليهم. من جانبها حذرت حركة الجهاد الإسلامي على لسان عضو مكتبها السياسي خالد البطش خلال تظاهرة نظمت وسط غزة أمس من إقدام إسرائيل على اغتيال الأسرى الستة، مهددا إياها بدفع "ثمن غال" حال قامت بذلك. بموازاة ذلك تواصل قوات الأمن الإسرائيلية منذ ساعات صباح أمس حتى الآن عمليات البحث والتفتيش والتمشيط الدقيق في محيط قرى وبلدات فلسطينية في جنين أملا في الحصول على معلومة، بحسب ما أفادت مصادر أمنية ومحلية وكالة ((شينخوا)). وذكرت المصادر أن قوات الجيش الإسرائيلي معززة بآليات نقل جنود وكلاب بوليسية داهمت أماكن مهجورة وكرفانات شرق المدينة، كما أجرت عمليات واسعة في الأراضي الزراعية وسط انتشار واسع للحواجز العسكرية. وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة (كان) إن أعمال البحث عن السجناء مستمرة دون هوادة، مشيرة إلى أن كاميرات المراقبة التابعة للسجن وثقت عملية الفرارلأ غير أن السجانين لم يتابعوا الكاميرات في الوقت الفعلي. وأفادت الإذاعة أن مصلحة السجون تفحص شبهات حول احتمالية نوم الحارسة التي تواجدت في برج المراقبة قرب الفوهة التي خرج منها الستة. وحسب الإذاعة فإن التحقيق الأولي الذي أجرته مصلحة السجون كشف أنه في حوالي الساعة 1:30 بعد منتصف ليلة الأحد دخل السجناء الستة إلى حمام زنزانتهم وقاموا برفع إحدى الفتحات المعدنية الموجودة على أرضية الزنزانة ودخلوا الواحد تلو الآخر إلى الفتحة الضيقة للنفق. وتابعت أن السجناء زحفوا بطول بضع عشرات من الأمتار إلى فتحة النفق الخارجية على بعد أمتار قليلة عن جدار السجن تحت برج المراقبة، مشيرة إلى أنهم غيروا ملابسهم وواصلوا عملية الهروب باستخدام سيارة كانت بانتظارهم. من جهته أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الذي وصف الحادث بأنه "خطير" جلسة مشاورات أمنية أمس بمشاركة وزيري الدفاع بيني غانتس والأمن الداخلي عومير بارليف ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) نداف ارغامان ومفتش الشرطة العام الجنرال يعقوف شبتاي ومفوضة مصلحة السجون الجنرال كيتي بيري. ووفقا لإذاعة (كان)، فإن الشرطة تحقق في شبهات حول ضلوع سجانين في هروب السجناء الأمنيين الستة من السجن، مشيرة إلى أن وحدة التحقيق مع السجانين في الشرطة تشارك أيضا في التحقيقات الجارية. وقال رئيس قسم العمليات في الشرطة البريغادير شمعون نحماني إن قوات شرطية كبيرة تشمل عناصر بالزي المدني ستقوم بضمان أمن المتنزهين في شمال البلاد خلال عيد رأس السنة العبرية الجديدة اليوم وغدا. وأضاف نحماني أن نحو ألف رجل شرطة يعملون في عمليات التفتيش عن السجناء الهاربين بمساعدة قوات حرس الحدود والقوات الخاصة وقوات أخرى، بالإضافة إلى نشر أكثر من 250 حاجزا أمنيا في جميع أنحاء إسرائيل. من جهته نقل موقع (والا) الإسرائيلي عن مسؤول أمني كبير قوله إن الحديث يدور عن سلسلة من الإخفاقات الخطيرة جدا حيث لا يعقل حفر نفق في زنزانة يحظر بها الاحتفاظ بملعقة. وتساءل المسؤول كيف تمكن السجناء من حفر النفق بعيدا عن أعين الحراس في واحد من أكثر السجون حراسة في إسرائيل، وقال "هناك حظر لدخول المعادن إلى الزنزانة فأين اختفى تراب الحفريات؟ وكيف أجروا الاتصالات الهاتفية من داخل السجن؟". وجاء حادث الفرار قبل ساعات من الأعياد اليهودية التي بدأت مساء أمس تزامنا مع فرض السلطات الإسرائيلية إغلاقا شاملا لكافة معابرها مع الأراضي الفلسطينية بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة. وعقب الحادث فرضت إدارة السجون الإسرائيلية إجراءات عقابية جماعية بحق الأسرى الفلسطينيين في مختلف السجون، بحسب ما أفاد حقوقيون ومؤسسات تعنى بشؤون الأسرى. وقال المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية حسن عبد ربه لـ ((شينخوا)) إن السلطات الإسرائيلية بدأت منذ يوم أمس بعمليات "تنكيل" ونقل بحق الأسرى في سجن جلبوع وعددهم 400 أسير. وأوضح عبد ربه أن إدارة السجون الإسرائيلية قامت بتوزيع الأسرى على السجون الأخرى وزج بعضهم في العزل الانفرادي والبعض الآخر جرى تحويله إلى التحقيق لاسيما المنتمين لحركة الجهاد الإسلامي. وأشار إلى أن إدارة السجون منعت زيارات الأهالي والمحامين للأسرى، محذرا من أن إقدامها على فرض إجراءات وقيود على الأسرى داخل السجون قد يدفع إلى تصعيد كبير. وحذر عبد ربه من أن حالة توتر تسود السجون كافة، مطالبا الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بفرض رقابة وحماية دولية على الأسرى وتكثيف الجهود لمتابعة أوضاعهم.
مشاركة :