أجمع عدد من المختصين في الطب النفسي، والقانونيين، والتربويين، والمثقفين على أن العاطلين عن العمل، ومدمني المخدرات، والمتشددين في الدّين هم الفئات المستهدفة من قِبل الجماعات المتطرّفة، لافتين إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ثغرة خطيرة تستغلها التنظيمات الإرهابية لتجنيد الشباب وصغار السن والتغرير بهم. وقالوا في استطلاع لـ»المدينة»: إن الجماعات المتطرّفة تستهدف بشكل خاص الأطفال، والشباب المحطّمين نفسيًّا، وتعدهم بالشهرة والفردوس، كما تستهدف الفئة العمرية ما بين 15 و25 عامًا في ظل ضعف المراقبة من قبل أولياء الأمور، مطالبين بإنشاء مؤسسات ولجان خاصة برعاية المراهقين المـتأثرين بالأفكار المتطرفة شبيهة بلجنة المناصحة لإعادتهم إلى الطريق القويم. وفي هذا السياق أوضح الاختصاصي الاجتماعي النفسي الدكتور وليد الزهراني أن الفئة العمرية ما بين 15 و25 عامًا تتأثر بسرعة خاصة إذا كان الشاب عاطلًا عن العمل والدراسة، فمن المحتمل أن يشبع بأفكار معينة، مبينًا أن الشباب في هذه السن يتبعون رغباتهم وشهواتهم، في ظل التغذية السلبية التي تتم عن طريق أولياء الأمور. وأضاف: إن الفراغ الفكري لدى معظم الشباب يجعلهم فريسة سهلة لتلك الجماعات المتطرفة، مثل داعش وغيرها من الفئات الضالة، وكذلك مدمني المخدرات مقابل أن يوفر لهم المال من قبل تلك الجماعات الضالة، إضافة إلى المتشددين في الدّين وذلك للحصول على الحور العين، وقرب طريق الجنة.وحسب الزهراني فإن مدمني المخدرات هم الأكثر خطورة، ويليهم المتشددون في الدّين، وثالثهم أصحاب الفراغ الفكري. وسائط تغذية بالحقد وذكر الزهراني إن هناك مريضًا يراجع إحدى العيادات المتخصصة في الرياض برفقة والدته، في ظل غياب والده المسجون، موضحة أن ابنها لديه ميول للفكر الضال، وذلك بسبب استغلال الشباب له عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، والضغط عليه بأن والده مسجون ظلمًا، وتمّت تغذيته بالحقد، ولكن بفضل الله تمّت معالجته من خلال الجلسات، وتغيير أفكاره، مطالبًا الجهات المسؤولة بإنشاء مؤسسات ولجان خاصة برعاية الشباب المراهقين الذين تظهر لديهم هذه المشكلة، شبيهة بلجنة المناصحة تحمي جميع الأطراف، وتوفر أخصائيًّا اجتماعيًّا ونفسيًّا، وتتعامل مع المرضى بسرية تامة تحت إشراف من وزارة الداخلية، ووزارتي الصحة، والشؤون الاجتماعية. بيئة مضادة للتغرير ويشير مدير جمعية الثقافة والفنون بحائل خضير الشريهي إلى ضآلة موارد الجمعية، مؤكدًا أنهم يحاولون تقديم برامج تستهدف الشباب، وتحتويهم من خلال الفنون التي تختص فيها الجمعية. وأضاف: نحن على يقين بأن الشاب إذا توفرت له هواية يمارسها في بيئية محفزة سيتّجه إليها، وستحصنه من الأفكار الضالة والهادمة، ولن تسمح لأحد بأن يتجرأ على التغرير به، ولكننا عاجزون، داعيًا المؤسسات المعنية بالشباب لدعم الجمعية خاصة الرئاسة العامة لرعاية الشباب والمؤسسات التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية. وأردف: نتطلع أيضًا لتنقية البيئة التعليمية من الشوائب، وإفساح المجال للطلاب لإطلاق مواهبهم، لافتًا إلى أن رجال الأعمال في منطقة حائل يخافون الفن، ويحبونه في نفس الوقت. اختراق الأمة عبر شبابها ويؤكد المحامي والمستشار الشرعي والقانوني الدكتور سليمان العجلان، على أن استهداف الشباب لإخراجهم عن الفكر السليم والطريق القويم هو استهداف للأمة، مشددًا على أهمية بيئة التعلم والتلقي لدى الشباب، وأن ما نزرعه في عقولهم اليوم هو ما نحصده من أعمالهم غدًا، لافتًا إلى أن مرحلة الشباب تعتمد على التربية، ثم التعليم، ثم التاهيل الفكري والعملي. وأشار العجلان إلى أن الشباب يبحثون دائمًا عمّا يثبتون به شخصياتهم من أفعال وأفكار وانتماءات، وهي فترة نشاطهم العقلي والجسدي، فإن صادفها فراغ يتم ملؤه بالصالح والطالح حسب المصدر المتاح، إضافة إلى بُعد الشاب عن رقابة الأهل بحجة أنه مدرك وعاقل، وفي ذات الوقت البُعد عن بقية الفئات في المجتمع، حيث تكون لديهم أوقاتهم الخاصة مع انتشار وسائل التواصل مع الغير، ولو كان في غرفته، حيث يجد العالم مفتوحًا بين يديه على كل أنواع المعارف، ومنها ما لا يفيد. وخلص الدكتور العجلان إلى أن الجماعات المتطرّفة نجحت في الوصول إلى الشباب من خلال ذات العوامل باستغلال وسائل الاتصال والبُعد الرقابي عن الشباب، وكذلك الفراغ وقلة المناشط الهادفة في ظل استغلال حالة حماس الشباب، وعدم وجود فكرة لدى الشاب، أو هدف قريب أو بعيد، إضافة إلى استغلال نصرة الدّين في نفوس الشباب وغيرتهم عليه، وذلك من خلال بيئة الشباب وروابط الصداقة بينهم للتأثير عليهم، وكذلك استغلال حاجاتهم النفسية والاجتماعية والمادية. سلبية المؤسسات تدفع للتطرف أما رئيس لجنة إصلاح ذات البين بمدينة جبة الداعية عيد الرميح فقد تطرّق لسلبية بعض المؤسسات التربوية التي لم تحتوِ كل الشباب، وعلى رأسها جامعة حائل -على حد قوله- فقد شددت في قبول الطلاب والطالبات خلافًا للجامعات المجاورة وغالب جامعات المملكة، فقد وضعت السنة التحضيرية لكل الأقسام بما فيها الشرعية والأدبية وكثفت الانجليزية فصارت تعجيزية تنفيرية لا تحضيرية لغالب الشباب، ممّا جعل الكثير منهم، حسبما يقول إمّا أن يتغرب للجامعات المجاورة في المناطق الأخرى؛ ممّا يجعله بعيدًا عن نظر أهله، والبعض لا يستطيع أن يدرس خارج المنطقة فيتلقفه أصحاب الأفكار المنحرفة، وأهل المخدرات والجرائم الأخرى. وتابع القول: إن طموح الجامعة للتميّز على حساب أبنائنا وأمن مجتمعنا يُعد خللاً تربويًّا ينبغي تلافيه. مواطنون: مواقع التواصل تتربص بالفاقد التربوي مستغلة شح المتنفسات إلى ذلك أكد عدد من المواطنين على أن مواقع التواصل الإجتماعي أصبحت خطرًا يتربص بأبنائهم في ظل قلة الفعاليات الشبابية، وتزايد نسبة فاقد التعليم العام، وعدم وجود متنفسات لهذه الفئة بمنطقة حائل، وقال المواطن حمد الشبرمي إن نسبة فاقد التعليم العام في تزايد، حيث يتخرّج من التعليم العام بحائل عدد كبير، بينما تستوعب جامعة حائل عددًا محدودًا. ويضيف المواطن بشير الشمري إن ثلاثة من أبنائه لم يتم قبولهم بجامعة حائل، ولا بكلية التقنية؛ بسبب أن نسبهم في الثانوية العامة متدنية، مؤكدًا أنهم تفرّغوا تفرغًا تامًّا للإنترنت. ويرى المواطن فايد المخيدش استحالة متابعة الأبناء من خلال الأجهزة الذكية، مؤكدًا على أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت خطرًا يهدد أبناءنا في ظل الفراغ الذي يحيط بهم، وقلة الفعاليات الشبابية في المنطقة. وقال عادل الفرحان إن الوظائف في منطقة حائل قليلة جدًّا علمًا بأن خرجي التعليم العام في المنطقة يتجاوز 15 ألف طالب وطالبة سنويًّا، إضافة إلى أن نصف الخريجين يواصل تعليمه الجامعي، والنصف الآخر يصبح عاطلًا عن العمل؛ ممّا قد يؤثر على تصرفات الشباب وانجرافهم خلف مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا على أن جامعة حائل لم تقبل نصف خريجي الثانوية العامة للعام الماضي. من جهته أوضح مدير إدارة الإعلام التربوي بمنطقة حائل إبراهيم بن رجاء الجنيدي أن عدد الخريجين للعام المنصرم 16722 خريجًا مكوّنًا من بنين وبنات، مؤكّدًا على أن العدد الأكبر للبنين، حيث إن عدد الطلاب 9700، وعدد الطالبات 7022. ومن جهة أخرى أكد المتحدث الرسمي لجامعة حائل ياسر الكنعان أن عدد المتقدمين إلكترونيًّا لجامعة حائل 50000 طالب وطالبة، وتم قبول 7957 طالبًا وطالبة. استشارية نفسية: الإرهابيون يصطادون الطفل المحطم نفسيًّا ويعدونه بالشهرة والفردوس محمد بن عبيد - الجبيل كشفت استشارية الطب النفسي الدكتورة إيمان معلا الحربي، لـ»المدينة»، أن تنظيم داعش الإرهابي يستخدم أسلوبًا نفسيًّا بحتًا ليتمكن من التغرير بالأطفال والمراهقين. وأوضحت أن معظم الأطفال والمراهقين المتعاطفين مع هذا التنظيم يقومون بذلك من أجل «إثبات ذواتهم»، مشيرة إلى أن أبرز الأسباب التي تجعل الأطفال والمراهقين ينضمون لداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية هو شعورهم بالنقص. وحذرت الحربي من خطورة ما تقوم به هذه التنظيمات الإرهابية، عبر خطط منظمة تنفذها مؤسسات ومنظمات إرهابية وليست أفرادًا، مبينة أن الدواعش يتبعون مجموعة خطوات وإجراءات نفسيّة متدرجة تمكنهم من تحقيق أهدافهم المتمثلة في التغرير بالأطفال والمراهقين. الشعور بالذنب وقالت: إن الإرهابيين يبحثون أولًا عن الطفل أو الشاب المحطم نفسيًّا ومن لديه شعور بالذنب حيال نفسه ومجتمعه ودينه، ثم يبدأون في تشجيعه ومنحه هوية ويشعرونه بأهميته ويعرضون عليه أن يميّزوه وأن يجعلوه محط أنظار العالم أجمع، بعد ذلك يوجهونه بتنفيذ أهدافهم المتمثلة في القتل والتفجير بعد أن يقنعونه تمامًا بأنه عظيم، وأن صلاح الكون بيده، وأنه حتى وإن مات سيبقى عند الله حيًّا، وينعم بنعيم الفردوس الأعلى من الجنة. وأضافت الخبيرة النفسية: إن الطفل قد يضعف أمام هذا الأسلوب، وهذه الإغراءات النفسيّة، وأن ذلك يشعر المراهق بذاته وبهويته ووجوده، فيشعر بالحماس والاندفاع لكي ينفذ ما يؤمر به، مطالبة الآباء بأن يستشعروا أهمية احتواء أبنائهم. ونبهت الحربي إلى أن أكثر أبنائنا لا يشعرون بذواتهم ما عدا المتفوقين دراسيًّا، مرجعة ذلك لاقتصار تشجيع المجتمع لهذه الفئة من الأبناء (المتميزين في التحصيل الدراسي)، وإهمال بقيّة الجوانب الإيجابية الأخرى، محذرة من أن الطفل أو المراهق إذا لم يجد بيئة مشجعة محفزة، سيشعر بالنقص، وبالتالي سيبحث عن ذاته بأي طريقة أخرى، وقد يقع ضحية لهذه التنظيمات الإرهابية. الاستغلال النفسي ونفت الخبيرة النفسية أن يكون للالتزام الديني علاقة باقتناع المراهق أو الطفل بفكر هذه التنظيمات الإرهابية، مشيرة إلى أن نسبة كبيرة منهم لم يكونوا يحرصون على الصلاة، ولا تبدو عليهم ملامح الملتزمين دينيًّا، مؤكّدة أن ذلك يدل على استغلال هؤلاء الأطفال والمراهقين نفسيًّا، من قبل هذه المنظمات، من خلال توظيف شعورهم بالنقص والتقصير من الناحية الدينية، وإقناعهم أن الإسلام الحقيقي يتمثّل في الانضمام إليهم وتنفيذ أوامرهم، بعد أن يشعروهم بذواتهم بشكل تام. وكشفت الحربي أن هناك علامات وتصرفات نفسية يستطيع الأب أو الأم من خلالها، أن يعرف ما إذا كان ابنه يتبنى فكر هذه التنظيمات الإرهابية، منها رفع الصوت على الوالدين، وخشونة التعامل مع الأشقاء، والتلفظ ببعض الكلمات التي قد تكون غير طبيعية. وأشارت إلى أن أبرز العلامات تتمثل في الاختلاء بالنفس، والمكوث لفترات طويلة على الأجهزة الإلكترونية والإنترنت، إضافة إلى العزلة الاجتماعية، وتجنّب الاجتماعات العائلية، كما يكون ناقمًا على مجتمعه. وأوصت الخبيرة النفسية الآباء والأمهات، بضرورة احتواء الأبناء، والاستماع إليهم، وتشجيعهم، ومعرفة نشاطاتهم واهتماماتهم، وتنمية الجوانب الإيجابية منها، وتوفير ما يشغل وقتهم بما فيه منفعة مثل إشراكهم في الأندية الرياضية وغيرها من الأنشطة، التي تجعل الابن في معزل عن أرباب الأفكار الإرهابية. أبرز تصرفات الشباب ممّن يتبنون الفكر الإرهابي: رفع الصوت على الوالدين خشونة التعامل مع الأشقاء التلفظ بعبارات غير طبيعية الاختلاء بالنفس والمكوث طويلاً على الأجهزة الإلكترونية - النت العزلة الاجتماعية وتجنّب الاجتماعات العائلية والنقمة على المجتمع المزيد من الصور :
مشاركة :