الضغوط التشريعية تدفع القضاء لإصدار قرارات غير مواتية لعمالقة التكنولوجيا

  • 9/5/2021
  • 23:08
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تؤثر الضغوط التشريعية والتنظيمية المفروضة على عمالقة التكنولوجيا، "أبل" و"جوجل" و"أمازون" و"فيسبوك" بدورها على موقف القضاء في عديد من الدول بشأن القضايا التنافسية في الأسواق. ورغم الحرص على عدم زعزعة أسواق تعمل على نحو جيد، إلا أن تفاعل الحكومات أو البرلمانات أو هيئات المنافسة مع قضية ما، يدفع القضاء إلى أن يكون أكثر ميلا إلى إصدار قرارات غير مواتية لعمالقة التكنولوجيا. بضغط من الهيئات الناظمة والمحاكم في دول عدة، تقدم "أبل" تنازلات لمنتجي التطبيقات في خطوة غير معهودة لشركة لطالما تشبثت بمواقفها، لكن ذلك لا يؤثر بتاتا في هيمنتها على هذا القطاع. وكانت الشركة التي تتخذ من كوبرتينو (كاليفورنيا) مقرا لها قد أعلنت الأربعاء أنها ستسمح لبعض المطورين أن يضيفوا إلى تطبيقاتهم رابطا إلى موقعهم كي يتفادوا المرور بنظامها للدفع الذي يقتطع منهم عادة عمولة تراوح بين 15 و30 في المائة. ويلي هذا التغيير، وهو ثمرة اتفاق مع السلطات اليابانية للمنافسة من المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ في 2022، بادرة أولى صدرت عن "أبل" الأسبوع الماضي تخول مطوري التطبيقات إبلاغ المستخدمين عبر رسائل إلكترونية بأنه في وسعهم استخدام وسائل دفع أخرى مختلفة عن النظام المعتمد في متجر التطبيقات "آب ستور". وأكد جوشوا ديفيس، الأستاذ المحاضر في الحقوق في جامعة سان فرانسيسكو والمتخصص في شؤون المنافسة أن "هذه التنازلات مذهلة إلى حد كبير"، مشيرا إلى أنه "عندما تتهم شركة بالإخلال بمبادئ المنافسة، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بعنصر محوري في نموذجها الاقتصادي، من النادر جدا أن تغير ممارساتها"، قبل إلزامها بالقيام بذلك. ووفقا لـ"الفرنسية"، تواجه المجموعة بالفعل إجراءات شنها الاتحاد الأوروبي ضدها "لإخلالها بمبادئ المنافسة" عبر متجرها للتطبيقات. وهي أيضا تنتظر قرار قاضية فيدرالية في القضية التي تتواجه فيها مع شركة إنتاج ألعاب الفيديو "إبيك جيمز". وقد رفعت هذه الأخيرة دعوى أمام القضاء الأمريكي متهمة عملاق التكنولوجيا باستغلال هيمنته على القطاع. وعلى الصعيد التشريعي، قدم مشروع قانون من إعداد برلمانيين ديمقراطيين وجمهوريين إلى الكونجرس الأمريكي في مطلع آب (أغسطس) ينص على أن يكون استخدام متجري "آب ستور" أو "جوجل ستور" منفصلا عن نظام المدفوعات للعملاقين. وقد تنقلب هذه التنازلات ضدهم، على ما حذر جوشوا ديفيس، إذ إنها تظهر أنه من الممكن إجراء تعديلات، مضيفا: "كنتم قد قلتم لنا إنه ليس في وسعكم تغيير أي شيء، وإذا بكم تجرون تعديلات والأمور على خير ما يرام على ما يبدو". وصحيح أن "أبل" كانت قد أعلنت في تشرين الثاني (نوفمبر) عن نيتها خفض العمولات لصغار منتجي التطبيقات، غير أن المجموعة المقدرة قيمتها في البورصة بنحو 2500 مليار دولار معروفة بتمسكها بمبادئها. وغرد المحلل المالي لورنس ماكدونالد على "تويتر" أن "الأمر أشبه بإجراء استباقي اتخذ تحسبا لأي قرار قد يصدر عن وزارة العدل" الأمريكية. وأيا يكن، فإن التدابير التي أعلن عنها تبقى بسيطة على الصعيد الاقتصادي وهي لا تهدد بتاتا نظام "أبل" الاقتصادي التي جنت من متجر "آب ستور" عائدات بقيمة 72 مليار دولار في 2020، وفق مجموعة "سينسور تاوير". ويطال القرار الأخير للشركة بعض التطبيقات ذات المحتوى الثقافي، للكتب مثلا أو الصحف أو الموسيقى أو التسجيلات المصورة، لكنه لا يعني ألعاب الفيديو "التي تدر أكبر جزء من العائدات" على "أبل"، وفق ما أشار مارك ماكارثي الأستاذ المحاضر في التواصل والتكنولوجيا في جامعة جورجتاون. وقال دانيال إيك مؤسس "سبوتيفاي" ومديرها العام "هي خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تحل المشكلة". وسيتسنى لتطبيقه إضافة رابط إلى موقعه بموجب القرار المعلن الأربعاء. وأردف "هدفنا أن نعيد التوازن إلى المنافسة بصورة نهائية، وسنواصل نضالنا من أجل حل فعلي". وتتحجج "أبل" باستثمارات في مجال أمن المنصة وصيانتها لتبرير العمولات التي تقتطعها. وتسعى المجموعة إلى "الحفاظ على أغلبية ممارساتها والعائدات التي تجنيها منها، مع تقديم الحد الأدنى من التنازلات"، بحسب جوشوا ديفيس الذي اعتبر "أنه من الصعب معرفة إن كان الأمر سيجدي مفعولا". واعتمد البرلمان الكوري الجنوبي الثلاثاء قانونا يحظر على "أبل" و"جوجل" إلزام مطوري التطبيقات باستخدام نظاميهما للدفع، في خطوة هي الأولى من نوعها في العالم. وبغية الامتثال لهذا التشريع، "لا بد من تقديم المزيد"، على ما قال مارك ماكارثي مشيرا إلى أن "السماح للمطورين بتوجيه رسالة إلكترونية أو توفير رابط إلى موقعهم الخاص لن يكون كافيا". واعتبر جوشوا ديفيس بدوره أن الضغوط التشريعية والتنظيمية المفروضة على "أبل" وأيضا على "جوجل" و"أمازون" و"فيسبوك" قد تؤثر بدورها في موقف القضاء من هذه المسائل. وصرح أن "المحاكم حريصة على عدم زعزعة أسواق تعمل على نحو جيد، لكن، في حال تفاعلت الحكومات أو البرلمانات أو هيئات المنافسة مع قضية ما، فسيكون القضاء أكثر ميلا إلى إصدار قرارات غير مواتية لعملاق التكنولوجيا.

مشاركة :