نـقـد الأنـاجـيـل «ألـوهـيـة المسيـح وعقيـدة التثليـث»

  • 7/30/2021
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم‭: ‬د‭. ‬رائد‭ ‬أبورية المسيح‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بشر‭ ‬ورسول،‭ ‬أجرى‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬يديه‭ ‬الآيات،‭ ‬وأقدره‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بالغرائب‭ ‬والمعجزات،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬بمدد‭ ‬آتاه‭ ‬الله‭ ‬إياه‭.‬ ودائما‭ ‬كان‭ ‬ينسب‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬هذه‭ ‬الآيات‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬فنجده‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬القرآن‭:‬ ‭(‬وَرَسُولاً‭ ‬إلى‭ ‬بَنِي‭ ‬إسرائيل‭ ‬أَنِّي‭ ‬قَدْ‭ ‬جِئْتُكُم‭ ‬بِآيَةٍ‭ ‬مِّن‭ ‬رَّبِّكُمْ‭ ‬أَنِّي‭ ‬أَخْلُقُ‭ ‬لَكُم‭ ‬مِّنَ‭ ‬الطِّينِ‭ ‬كَهَيْئَةِ‭ ‬الطَّيْرِ‭ ‬فَأَنفُخُ‭ ‬فِيهِ‭ ‬فَيَكُونُ‭ ‬طَيْرًا‭ ‬بِإِذْنِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬وَأُبْرِئ‭ ‬الأكْمَهَ‭ ‬والأَبْرَصَ‭ ‬وَأُحْيِي‭ ‬الْمَوْتَى‭ ‬بِإِذْنِ‭ ‬اللَّه‭) ‬سورة‭ ‬آل‭ ‬عمران،‭ ‬آية‭ ‬49‭.‬ والمسيح‭ ‬مخلوق‭ ‬مثل‭ ‬سائر‭ ‬البشر‭ ‬بأمر‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وبإرادته‭ ‬لأنه‭ ‬تعالت‭ ‬حكمته‭ ‬إذا‭ ‬أراد‭ ‬شيئا‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬كن‭ ‬فيكون،‭ ‬خلق‭ ‬السماوات‭ ‬والأرض‭ ‬وسائر‭ ‬البشر‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬المسيح‭ ‬بالأمر‭ ‬الإلهي‭ ‬والإرادة‭ ‬الإلهية،‭ ‬فلماذا‭ ‬يحاول‭ ‬المسيحيون‭ ‬تبرير‭ ‬خلق‭ ‬عيسى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أبٍ‭ ‬واعتبارهم‭ ‬له‭ ‬أنه‭ ‬ابن‭ ‬الله،‭ ‬هل‭ ‬خلق‭ ‬عيسى‭ ‬بلا‭ ‬أب‭ ‬عجيب‭ ‬أم‭ ‬خلق‭ ‬آدم‭ ‬أبو‭ ‬البشر‭ ‬بلا‭ ‬أب‭ ‬ولا‭ ‬أم،‭ ‬وخلق‭ ‬حواء‭ ‬من‭ ‬آدم‭ ‬وبلا‭ ‬أم‭. ‬هذه‭ ‬قدرة‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬في‭ ‬خلقه،‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الفلسفات‭ ‬العقيمة،‭ ‬والتبريرات‭ ‬المزيفة‭ ‬لإثبات‭ ‬أن‭ ‬عيسى‭ ‬ابن‭ ‬الله،‭ ‬تعالى‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬ولد‭ ‬أو‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬شريك‭ ‬في‭ ‬الملك‭.‬ والسؤال‭ ‬هنا،‭ ‬كيف‭ ‬دخلت‭ ‬ألوهية‭ ‬المسيح‭ ‬والقول‭ ‬بالتثليث‭ ‬في‭ ‬عقيدة‭ ‬النصارى؟ الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الأول‭ ‬وحتى‭ ‬انعقاد‭ ‬مجمع‭ ‬نيقية‭ (‬325م‭) ‬كانوا‭ ‬يعتقدون‭ ‬بوحدانية‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬وعندما‭ ‬دخل‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المصريين‭ ‬والرومان‭ ‬في‭ ‬الديانة‭ ‬المسيحية‭ ‬ظلوا‭ ‬متعلقين‭ ‬ببعض‭ ‬معتقداتهم‭ ‬الوثنية،‭ ‬واستطاعوا‭ ‬إدخالها‭ ‬في‭ ‬دين‭ ‬المسيح‭. ‬والمسيحُ‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بريء‭ ‬منهم‭ ‬ومما‭ ‬يدعون،‭ ‬وسوف‭ ‬نبين‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬هذا‭ ‬المبحث‭ ‬ما‭ ‬نقلته‭ ‬الأناجيل‭ ‬من‭ ‬الديانات‭ ‬الوثنية،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬التثليث‭.‬ وقد‭ ‬اتخذ‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬المسيحي‭ ‬القرار‭ ‬بألوهية‭ ‬المسيح‭ ‬في‭ ‬مجمع‭ ‬نيقية‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬سنة‭ ‬325م‭ ‬ليضع‭ ‬حدا‭ ‬لهذه‭ ‬الاختلافات‭ ‬ويقرر‭ ‬حقيقة‭ ‬المسيح،‭ ‬وكان‭ ‬عدد‭ ‬المجتمعين‭ ‬2048،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬صاح‭ ‬عالم‭ ‬مصري‭ ‬اسمه‭ ‬أريوس‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬أًيّدوا‭ ‬رأيه،‭ ‬واجتمع‭ ‬الأعضاء‭ ‬القائلون‭ ‬بالتثليث‭ ‬وبألوهية‭ ‬المسيح‭ ‬وعددهم‭ ‬318،‭ ‬فاتخذوا‭ ‬قراراً‭ ‬بذلك‭ ‬انظر‭ ‬أحمد‭ ‬شلبي‭: ‬المسيحية‭. ‬ ومن‭ ‬هنا‭ ‬فُرض‭ ‬القول‭ ‬بألوهية‭ ‬المسيح‭ ‬بالحديد‭ ‬والنار،‭ ‬وحُمل‭ ‬النصارى‭ ‬عليه‭ ‬حملاً،‭ ‬بل‭ ‬فُرض‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬العلماء‭ ‬الموحدين،‭ ‬واتخذوا‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬بأقلية‭ ‬ملحوظة،‭ ‬ويتضح‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬أُخرجوا‭ ‬بالقوة‭ ‬من‭ ‬الاجتماع‭ ‬مقارنة‭ ‬بعدد‭ ‬المُقرِّين‭.‬ ويُعلق‭ ‬الشيخ‭ ‬أبو‭ ‬زهرة‭ ‬على‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬كلٍّ‭ ‬من‭ ‬المؤيدين‭ ‬والمعترضين؛‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬المعترضون‭ ‬1700،‭ ‬والمؤيدون‭ ‬318‭ ‬فيقول‭: ‬فهل‭ ‬ذلك‭ ‬المجمع‭ ‬لم‭ ‬يَخْلُ‭ ‬من‭ ‬نقد؟‭ ‬إن‭ ‬باب‭ ‬النقد‭ ‬فيه‭ ‬متسع‭.‬ إذن،‭ ‬فالقول‭ ‬بألوهية‭ ‬المسيح‭ ‬كان‭ ‬مفروضا‭ ‬برهبة‭ ‬السلطان‭ ‬وعصاه،‭ ‬فقد‭ ‬أمر‭ ‬بتحريق‭ ‬من‭ ‬يخالفه‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬أو‭ ‬أشخاص‭ ‬أو‭ ‬آراء‭ ‬في‭ ‬المجالس‭ ‬العامة‭.‬ حتى‭ ‬إن‭ ‬أولئك‭ ‬المؤيدين‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬مجمعين‭ ‬على‭ ‬القول‭ ‬بألوهية‭ ‬المسيح،‭ ‬ولكن‭ ‬تحت‭ ‬سلطان‭ ‬الإغراء‭ ‬بالسلطة‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬قسطنطين‭ ‬بدفعه‭ ‬إليهم‭ ‬أجمعوا،‭ ‬فقد‭ ‬دفعهم‭ ‬حب‭ ‬السلطان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يوافقوا‭ ‬هوى‭ ‬قسطنطين‭.‬ إذن،‭ ‬فالقول‭ ‬بألوهية‭ ‬المسيح‭ ‬دخيل‭ ‬على‭ ‬العقيدة‭ ‬النصرانية‭ ‬الصحيحة،‭ ‬أدخله‭ ‬بشر‭ ‬لهم‭ ‬مآرب‭ ‬وطموحات‭ ‬شخصية‭.‬ وبهذا‭ ‬أبعدوا‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬الفطرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬السليمة‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬بها‭ ‬الإسلام‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬أخذ‭ ‬الله‭ ‬العهد‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الذر،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬وَإِذْ‭ ‬أَخَذَ‭ ‬رَبُّكَ‭ ‬مِن‭ ‬بَنِي‭ ‬آدَمَ‭ ‬مِن‭ ‬ظُهُورِهِمْ‭ ‬ذُرِّيَّتَهُمْ‭ ‬وَأَشْهَدَهُمْ‭ ‬عَلَى‭ ‬أَنفُسِهِمْ‭ ‬أَلَسْتَ‭ ‬بِرَبِّكُمْ‭ ‬قَالُواْ‭ ‬بَلَى‭ ‬شَهِدْنَا‭ ‬أَن‭ ‬تَقُولُواْ‭ ‬يَوْمَ‭ ‬الْقِيَامَةِ‭ ‬إِنَّا‭ ‬كُنَّا‭ ‬عَنْ‭ ‬هَذَا‭ ‬غَافِلِينَ‭) ‬سورة‭ ‬الأعراف،‭ ‬آية‭ ‬172‭.‬ وإن‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بعقيدة‭ ‬التثليث‭ - ‬الأب‭ ‬والابن‭ ‬وروح‭ ‬القدس‭ ‬إله‭ ‬واحد‭- ‬قد‭ ‬ابتدعه‭ ‬محررو‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس،‭ ‬وذلك‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الديانة‭ ‬المسيحية‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬بها‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭. ‬وأن‭ ‬سيدنا‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬سيظهر‭ ‬براءته‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العقيدة‭ ‬كما‭ ‬حكى‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬وَإِذْ‭ ‬قَالَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬يَا‭ ‬عِيسَى‭ ‬ابْنَ‭ ‬مَرْيَمَ‭ ‬أَأَنتَ‭ ‬قُلتَ‭ ‬لِلنَّاسِ‭ ‬اتَّخِذُونِي‭ ‬وَأُمِّيَ‭ ‬إِلَهَيْنِ‭ ‬مِن‭ ‬دُونِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬قَالَ‭ ‬سُبْحَانَكَ‭ ‬مَا‭ ‬يَكُونُ‭ ‬لِي‭ ‬أَنْ‭ ‬أَقُولَ‭ ‬مَا‭ ‬لَيْسَ‭ ‬لِي‭ ‬بِحَقٍّ‭ ‬إِن‭ ‬كُنتُ‭ ‬قُلْتُهُ‭ ‬فَقَدْ‭ ‬عَلِمْتَهُ‭ ‬تَعْلَمُ‭ ‬مَا‭ ‬فِي‭ ‬نَفْسِي‭ ‬وَلاَ‭ ‬أَعْلَمُ‭ ‬مَا‭ ‬فِي‭ ‬نَفْسِكَ‭ ‬إِنَّكَ‭ ‬أَنتَ‭ ‬عَلاَّمُ‭ ‬الْغُيُوبِ‭) ‬سورة‭ ‬المائدة،‭ ‬آية‭ ‬116‭. ‬

مشاركة :