مرّ الفن التشكيلي في مملكتنا الغالية بعدة محطات ساهمت في دعمه وتشجيعه للوصول به الى العالمية، وكانت أولى تلك المحطات إدراج تدريسه بالمناهج المعتمدة للتربية الفنية في المراحل التعليمية المختلفة الابتدائية والمتوسطة والثانوية التي وضعت بين عامي 1377هـ و1378هـ وكانت قد أدمجت الأشغال الفنية مع الرسم وأطلق عليها في ذلك الحين مادة الرسم والأشغال، حيث كان الهدف هو تدريب الطلاب على المهارات اليدوية في استخدام الخامات وتشكيلها، وتعويدهم على الصبر والمثابرة والثقة بالنفس، وفي عام 1382هـ تم تعديل مسمى المادة إلى مادة التربية الفنية، أمّا ثاني هذه المحطات فهو إقامة المعارض للفنانين التشكيليين، حيث يعد معرض الفنان الراحل عبدالحليم رضوى عام 1384هـ أول معرض أقيم في الوطن، وقد كانت هذه المعارض التي تقيمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب -آنذاك- متنوعة، فمنها ما هو دوري ومنها ما هو مستحدث، ثم توالى الاهتمام والدعم اللامحدود في نماء هذا المجال الثقافي الإبداعي من قبل الدولة التي اهتمت بإقامة المسابقات التشكيلية محلياً ودولياً وأولت الرئاسة العامة لرعاية الشباب مسؤولية وضع خطط سنوية خمسية لتطوير الحركة التشكيلية قبل انتقال هذا الكيان لوزارة الثقافة والإعلام، فقامت الرئاسة -إدارة الفنون التشكيلية- بتنفيذ برنامج سنوي يتضمن أكثر من أربع مسابقات سنوية محلية ترصد لها جوائز مادية ومنها المعرض العام للمقتنيات ومعرض الفن السعودي المعاصر والمعرض العام لمناطق المملكة والمعرض العام للمراسم، كما تضمنت الخطة إقامة معرض ثقافي شامل في إحدى مناطق المملكة اشتمل على أجنحة للفنون التشكيلية ورسومات الأطفال والكاريكاتير والخط العربي والمبتكرات العلمية التي تخص المجال ومنها المؤلفات التشكيلية، كما تضمنت معارض تشكيلية لمناسبات خاصة، هذا بالإضافة إلى معرض نسائي سنوي -الفنانات التشكيليات- أقيم للمرة الأولى عام 2002م. معارض دولية وحرصت الدولة على إقامة معارض دولية سنوية بعضها تضمن أسابيع ثقافية للتعريف بفنون وثقافة المملكة، كما تم تأسيس الجمعية السعودية للفنون التشكيلية في عام 1428هـ، وتم انتخاب أول مجلس إدارة لها، ولا زال هذه الاهتمام والدعم للفنون التشكيلية متواصل إلى يومنا هذا، حيث يشهد الفن التشكيلي رعاية كبيرة ومتابعة دائمة من قبل المؤسسات الرسمية وعلى رأسها وزارة الثقافة التي تتواصل بشكل دائم مع المثقفين والفنانين والمبدعين السعوديين بمختلف قطاعات الفن والإبداع، وذلك في إطار حرصها على خلق حالة من الحراك الثقافي والفني الدائم والثري والمتجدد على أرض المملكة بفضل ما تضمنته رؤية 2030 الهادفة لتطوير المملكة، وما تضمنته من محاور تناولت شتى مناحي الحياة ومختلف القطاعات، وفي مقدمتها قطاعات الثقافة والفنون، ومنها الفنون التشكيلية. مادة الرسم وفي عام 1377هـ صدر أول قرار من وزارة المعارف باعتماد مادة الرسم في المرحلة الثانوية وبعض المعاهد فقط، أما العام التالي 1378هـ فصدر قرار آخر باعتماد تدريس مادة التربية الفنية في المراحل التعليمية كافة، وكانت تسمى في ذلك الوقت مادة الرسم، وبعد مضي ثلاث سنوات تقريباً أدخلت عليها مادة إضافية فسميت مادة التربية الفنية أو مادة الأشغال والرسم، ومنذ ذلك التاريخ بدأ النمو في الاهتمام بعطاء الطلاب منذ تلك الفترة والاهتمام بعرض أعمالهم وإقامة المناسبات الثقافية أو المعارض وإعطاء جوائز وتشجيع هذه العطاءات من الطلاب، وقد تم افتتاح أول معرض تشكيلي على مستوى المملكة في نهاية العام الدراسي 1378هـ، وافتتحه الملك سعود -رحمه الله– وذلك بمناسبة افتتاح مبنى وزارة المعارف وكان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وزيراً للمعارف وقتها، وبعدها استمرت المعارض، وفي عام 1381هـ بدأت وزارة المعارف في تنظيم دورات لمدرسي التربية الفنية ضمن الدورات الدراسية التي تقام في الصيف في مدينة الطائف، حيث كانت هناك دورات فنية ورياضية واجتماعية وغيرها، كما بدأ تدريس الرسم كموضوع في صلب منهج معاهد المعلمين الابتدائية ومناهج المرحلة الثانوية العامة بمسمى ممارسات فنية وباستخدام قلم الرصاص وألوان الباستيل والشمع والفحم، وكذلك اعتماد مادة الأشغال اليدوية في معاهد المعلمين الابتدائية، واعتمدت مادة الرسم كموضوع أساسي في مناهج المرحلة الابتدائية والمتوسطة بواقع ثلاث حصص للابتدائي وحصة للمتوسط، وفي عام 1380هـ تم تعيين مفتشين بأنحاء المملكة للتخطيط والتوجيه والإشراف على سير مادة الرسم والأشغال اليدوية في التعليم العام، وفي عام 1382هـ عممت مادة الأشغال على التعليم العام واستبدل مسمى الرسم والأشغال بالتربية الفنية، كما شهد العام نفسه عودة المبتعثين في تخصص التربية الفنية من مصر، وأجريت تعديلات على برامج وأنشطة التربية الفنية، وفي عام 1395هـ تم إنشاء معهد التربية الفنية في الرياض، فبدأت الأمور تأخذ الوجه الصحيح لمفهوم الفن التشكيلي وإعداد معلمين مؤهلين لتدريس هذه المادة لكي تأخذ الطريق الصحيح في هذا الجانب، وتطورت التربية الفنية إلى ما وصلت إليه الآن وأخذت الجامعات تهتم بالتربية الفنية وتدريسها ككليات المعلمين والجامعات الأخرى مثل جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك خالد. صالة مخصصة وشقّت الحركة التشكيلية السعودية طريقها قدماً في مختلف مدن المملكة، لكنّ مدينة الرياض ظلّت لفترة من الزمن تفتقر لوجود صالات مخصصة للفنون التشكيلية، حيث كانت الصالة العالمية آنذاك المكان الوحيد المخصص لعرض الأعمال الفنية في مدينة الرياض، ورغم أن الصالة العالمية لعبت دوراً كبيراً منذ افتتاحها على يد الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- في عام 1401هـ إلاّ أنها صالة خاصّة تعود ملكيتها للفنان الراحل محمد بن موسى السليم وتأسست بتمويل شخصي منه، لذا كثيراً ما وجد المنظمون أنفسهم مضطرين للبحث عن أماكن أخرى لتعويض النقص، فعرضوا في قاعات الأندية الرياضية والثقافية، والمدارس والجامعات والجمعيات الخيرية، بالإضافة إلى ردهات الفنادق وصالات المؤتمرات التي كان أشهرها آنذاك صالة الملك فيصل التابعة لفندق «الإنتركونتيننتال» بالرياض بالقرب من معهد العاصمة، وفي عام 1985م تم افتتاح صالة الفنون التشكيلية والتي تأسست بمكرمة ملكية من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- وأُعيد تسميتها باسم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- تقديراً لجهوده التي بذلها لدعم الفن والفنانين، حيث تعد أول صالة حكومية مخصصة للفنون التشكيلية في العاصمة الرياض، وشكل افتتاحها بداية عهد جديد في حركة الفنون التشكيلية، والتي كانت المحطة الرئيسية لأبرز المعارض الفنية المحلية والدولية، وهي أكبر صالة فنية في مدينة الرياض من ناحية المساحة، وتبلغ 5600 متر مربع، وقد أعاد معهد مسك للفنون التابع لمؤسسة الأمير محمد بن سلمان -مسك الخيرية- إحياءها بعد ضمها ضمن منصاته، لتستعيد دورها الرئيسي في تحفيز الساحة الفنية السعودية، ولتكون قاعة لعرض الأعمال الفنية، وتبادل الخبرات الإبداعية والمعرفية، وقد أعاد سمو الأمير نواف بن فيصل بن فهد وبدر العساكر افتتاح الصالة عام 1441هـ تحت رعاية صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة معهد مسك للفنون، وجرى خلال حفل الافتتاح إطلاق معرض «حكاية زمان» الذي يحتفل بمرور 35 عاماً على تأسيس الصالة، وتأتي هذه الخطوة لإعادة إحياء الدور المهم الذي لعبته الصالة في دعم الفنانين والفنانات السعوديات في بداياتهم، حيث احتضنت الكثير من المواهب الشابة، وعُرض فيها أعمال العديد من الفنانين من جيل الرواد والأوائل، وقد أسست لمرحلة مهمة من مراحل الفنون البصرية السعودية، كما كانت شاهدة على التطورات الكُبرى في حركة الفن التشكيلي في المملكة، وقد ضم المعرض أيضاً فيلمين وثائقيين يعرضان لأول مرة للجمهور، يظهر فيها تسجيلات قديمة تعود لعام 1980م -قبل أكثر من 40 عاماً- توثق معرض الفنان محمد السليم المقام في فلورنسا، ومعارض صفية بن زقر الثلاثة في جنيف وباريس ولندن، كما أنه يقدّم أعمال صفية بن زقر لجمهور الرياض بعد انقطاع طويل. رواد الفن وبرزت على الساحة الفنية المحلية والعربية مجموعة من الفنانين المميزين والرواد في الفنون التشكيلية، استطاعوا بفنهم الفريد من نوعه أن يتركوا بصمتهم على الساحة الفنية، وخلدت أسماؤهم بجانب أعمالهم ولوحاتهم، ومن أشهر رواد الفن التشكيلي في العصر الحديث الفنان عبدالحليم رضوى وهو أول من قام بإنشاء معرض خاص للفنون التشكيلية في المملكة، والذي افتتح في عام 1384هـ، تلاه في عام 1385هـ المعرض الشخصي الأول للفنان التشكيلي محمد السليم -رحمه الله- وبعد ذلك بسنتين تم افتتاح المعرض الشخصي الأول للفنان عبدالعزيز الحماد، وهكذا استمر افتتاح العديد من المعارض لعدد كبير من الفنانين التشكيليين في مختلف مناطق المملكة، ومن رواد الفن التشكيلي الفنان محمد بن موسى السليم المولود في مرات عام 1939م والمتوفى في إيطاليا عام 1997م، ومن الفنانين التشكيلين من جيل الرواد أحمد بن عبد الله المغلوث، أحمد فلمبان، أحمد ماطر، إبراهيم البواردي، بداح فهد، حيدر الشبعان، زمان جاسم، زهير طوله، سامي حازم، سعد العبيد، سمير الدهام، صالح النقيدان، ضياء عزيز، طه الصبان، عبد الجبار اليحيى، عبد الحميد البقشي، عبدالرحمن السليمان، عبدالله الشيخ، عبدالناصر غارم، عثمان الخزيم، علي الرزيزاء، فؤاد مغربل، فهد الحجيلان، فهد الربيق، محمد الرصيص، محمد الطويان، ميرزا حسين الصالح، هشام بنجابي، وعبدالله حماس، منيرة موصلي، صفية بن زقر، بدور عبدالله السديري. مسابقات تشكيلية وكان للدعم اللامحدود دوره في نماء المجال الثقافي الإبداعي من قبل الدولة التي اهتمت بإقامة المسابقات التشكيلية محلياً ودولياً وأولت الرئاسة العامة لرعاية الشباب مسؤولية وضع خطط سنوية خمسية لتطوير الحركة التشكيلية قبل انتقال هذا الكيان إلى وزارة الثقافة، فقامت الرئاسة -إدارة الفنون التشكيلية- بتنفيذ برنامج سنوي يتضمن أكثر من أربع مسابقات سنوية محلية ترصد لها جوائز مادية ومنها المعرض العام للمقتنيات ومعرض الفن السعودي المعاصر والمعرض العام لمناطق المملكة والمعرض العام للمراسم، كما تضمنت الخطة إقامة معرض ثقافي شامل في إحدى مناطق المملكة اشتمل على أجنحة للفنون التشكيلية ورسومات الأطفال والكاريكاتير والخط العربي والمبتكرات العلمية التي تخص المجال ومنها المؤلفات التشكيلية، كما تضمنت معارض تشكيلية لمناسبات خاصة، هذا بالإضافة إلى معرض نسائي سنوي -الفنانات التشكيليات- أقيم للمرة الأولى عام 2002، كما حرصت الدولة على إقامة معارض دولية سنوية بعضها تضمن أسابيع ثقافية للتعريف بفنون وثقافة المملكة، كما أن التواصل الدائم بين الجهات المعنية بالثقافة المحلية ومثيلاتها في شتى الدول الغربية كان له دور كبير لتنظيم المعارض الدولية السنوية ومنها على سبيل المثال: معارض ومهرجانات الشباب العربي، ومعارض 25 فبراير بدولة الكويت، ومسابقة ومعرض الجائزة الكبرى بمونت كارلو، وغيرها، وشاركت الفنون التشكيلية السعودية في العديد من الدول الغربية بالتعاون مع سفارات هذه الدول بالمملكة للاحتفال بمناسبات خاصة، هذا بالإضافة إلى استضافة معارض أقامتها المملكة للعديد من الدول الغربية بالتعاون مع الجهات الثقافية لهذه الدول. صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية بالرياض المعارض التشكيلية كشفت عن قدرات المبدعين والمبدعات اهتمام وتشجيع تعليم الفن التشكيلي محمد السليم من رواد الفن التشكيلي
مشاركة :