كُتاب: تواصل الأجيال الأدبية يثري المشهد الثقافي

  • 9/11/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يحدثنا التاريخ الأدبي أن الشاعر الكبير يكون له عادة رواة أدبيون وتلاميذ من الأدباء، يروون شعره ويقتدون بطريقته في الإبداع، وهذا أمر معروف خاصة في تراثنا الثقافي العربي، والسؤال: أين هذه العادة الثقافية الآن بين أجيال الأدباء في عصرنا؟ هل ثمة تواصل بين الأدباء وتراكم في العمل الإبداعي على هذا النحو؟ يقول الكاتب عبيد سالم بن ونيس الكعبي: نعم، يوجد تواصل ولكن هذا التواصل قد يشوبه ضعف ومحدودية، والأسباب من وجهة نظري هي أنه: لا تكاد توجد أماكن مخصصة لمثل هذه اللقاءات، وإن وجدت فقد لا تكون لديها الدراية الكافية بأهمية تنويع وتشجيع مختلف صور التواصل بين المبدعين من الأدباء والكتّاب، وقد لا تكون لديها عناوينهم، ولا تقدم لهم الدعوات الرسمية للحضور والمشاركة في فعالياتها، ولدينا مثل شعبي يقول «من جاء بلا دعوة جلس بلا فراش»! كما أن التواصل والمشاركات قد تعتمد، في بعض الأحيان، على العلاقات الشخصية. أما في مسألة التأسيس وبناء التجربة الإبداعية، فيرى بن ونيس أن معظم أبناء الجيل الجديد أسس نفسه بنفسه، ولكن يوجد بينهم أيضاً من استفاد ممن سبقوه في مجال إنضاج تجربته الشعرية، وخاصة في مجال الشعر الشعبي، حيث ساهمت مجالس الشعراء في القنوات التلفزيونية في إظهار وإبراز العديد من الشعراء وخاصة مجلس شعراء أبوظبي ومجلس شعراء دبي. أما في مجال القصة والرواية فالفائدة كانت محدودة. وحول الفعاليات الثقافية المحلية ومدى حضورها في الحياة الاجتماعية، يشير بن ونيس الكعبي إلى أن المشهد الثقافي قبل أجواء جائحة كورونا كان أفضل حالاً، حيث كان الأدباء يلتقون في معارض الكتاب السنوية، سواء في أبوظبي أو في الشارقة. أما اللقاءات الثقافية فربما كانت محدودة، وأما بعد كورونا فقد صارت تقتصر على اللقاءات عن بعد عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي. صناعة الكلمة وبدوره يقول الأديب والروائي علي أبوالريش: إذا وجد نقص في التواصل، فإن التواصل بالمشاعر يبقى حاضراً ولا يمكن أن نفصل أنفسنا عن شعورنا بالأجيال بعدنا. يمكن أن تحصل فترة انقطاع، ولكن لا نستطيع أن نعزل جيلاً عن جيل، فهذه طبيعة الثقافة والحياة. ولكن لما نقرأ نصوص أدباء كنجيب محفوظ أو نزار قباني نجد أنفاسهم في هذه الكتب، ولذا فإن هذا التواصل ليس خياراً أمام الإنسان، لأن التلقائية تأتي هكذا، كل جيل يتسلم الراية من سابقيه، لكن عندما يحصل بعض التراجع في هذه العادة، فهذا يكون غالباً نتيجة لأذواق معينة. وحول التواصل بين الأجيال، أكد أبو الريش أن ثقافة الإنسان لا يمكن أن تأتي من فراغ، وكما أنه ولد في واقع موضوعي فلابد أن يتفاعل معه.. فهذا هو الذي يصنع الكلمة لتنمو وتكبر وتتفرع وتنبت في نصوص أخرى. ويرى أبوالريش أن على المشهد الثقافي في الإمارات مواكبة المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، مؤكداً أن الإمارات قطعت مسافة طويلة جداً في مجالات كثيرة وهذا ما يتعين على الثقافة أن تكون مواكبة له أيضاً. وفي زمن كورونا لو قارنا الثقافة بالمجالات الأخرى نجد أنها بحاجة إلى مضاعفة الجهد لمسايرة سرعة الأداء الوطني المبهر، لأن مؤسسات كبيرة في الدولة تواكب هذا الحدث وتعمل على تقديم الصورة المشرفة للإنسان العربي، لافتاً إلى أن الأمل يبقى موجوداً لتحقيق منجز ثقافي مماثل، لأن الإمارات ساحة ولادة وساحة قادرة على الإبداع دائماً. الثقافة عالم ممتد ومن جيل الشباب يقول الكاتب عبدالله الكعبي: هناك تواصل يتم غالباً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن التواصل الفعلي المباشر غير موجود الآن بالطريقة التي كنا نتمناها وهي أن نتعلم أكثر من الأجيال الأكبر منّا سناً، وهناك جيل أصغر منا نحن أيضاً، وثمة فرق كبير في التجربة والمنجز الإبداعي بين الأجيال. ويرى عبدالله أن هذا التفاوت له وجه إيجابي لأن كل جيل يتكلم بلغة إبداعية معبرة عن تجربته، ولكننا نحتاج لتوجيه وتعريف الأجيال بعضها على بعض، لأن الثقافة عالم ممتد، وعلينا أن نبذل مجهوداً أكبر في التواصل لتعظيم التراكم الإبداعي. وفي الفترة السابقة على كورونا كان التواصل يتم مباشرة في المحافل الثقافية، وكنا نجد كبار الأدباء ونجلس معهم ونستفيد من خبراتهم وأفكارهم ونتعلم منهم، ولكن الجائحة ألغت أو قلصت الفعاليات الثقافية ومن ثم فقد بعدت المسافة بيننا. وهو يأمل في الفترة القادمة أن يعمل الأدباء على تقليص هذه المسافة، بحيث يتعلم كل جيل ويعرف أكثر من الجيل الأكبر منه ليستفيد من ثقافته وفكره، مبيناً أهمية معرفة الصورة التي عاشها الجيل السابق، لأن الثقافة لا تنجز إلا من خلال التواصل الإبداعي الخلاق بين الأجيال.. والجيل السابق يكتب بلغة جميلة، ونحن الشباب نستفيد من جمالية هذه اللغة.

مشاركة :