تشارليز ثيرون: ليس سهلاً أن تكون حقلاً للتجارب

  • 10/25/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أوشك شون بن انتهى على الانتهاء من إخراج فيلم تحت عنوان الوجه الأخير، كما أنه من المفترض أيضاً أن يكون فيلم مخ على نار دخل مرحلة ما بعد التصوير لإطلاق عروضه في ربيع السنة المقبلة، كما يدخل فيلم الصياد أسبوع تصويره الأخير مطلع الشهر المقبل. المشترك بين هذه الأفلام الثلاثة هو أنها من بطولة الفنانة الجميلة تشارليز ثيرون التي منحت الشاشة في الأعوام الأخيرة معنى جديداً لما يعرف بمرحلة الأدوار النسائية غير الجذابة بما في ذلك الأدوار الشريرة ذاتها. وهي مرحلة بدأتها تشارليز ثيرون بفيلم الوحش الذي نالت عنه أوسكار أفضل ممثلة عام 2003، وتمخضت في مطلع صيف هذا العام عن دورها في ماد ماكس: طريق الغضب، وبينهما بضعة أفلام لعبت فيها أدواراً، قد لا تكون شريرة، لكنها بالتأكيد غير جمالية. ولمعظم الفيلم فإنها امرأة غير أنثوية قوية ومسلّحة وعنيفة، والوسخ يغطي وجهها ويديها. كما برهنت سابقاً في الوحش وهانكوك وسنو وايت والصياد ثم في بروميثيوس، فضلت ثيرون أن تنسى أنها جميلة الملامح وجذّابة، لكي تؤدي هذه السلسلة التي لا تعكس أياً من ذلك، بل تومض في منوال من العنف والخبث والرغبة في الانتقام. تقول لي في حواري معها حين سألتها: تستطيع أن تقول إن هذه المرحلة انتهت، وتضيف: لا أحد يستطيع أن يبقى في إطار واحد من الأفلام من دون أن يسقط فيها إلى الأبد. إنها ابنة الأربعين التي ولدت في جنوب إفريقيا، وترعرعت في كنف عائلة لم يكن أحد من أفرادها يفكر كثيراً بدخول أي مجال فني. والدها كان صاحب مزرعة وأمها ذات الأصل الألماني، كانت ربة بيت. وكل شيء كان مهيأ لحياة رتيبة لولا أن تشارليز أرادت الابتعاد بنفسها عن هذه البيئة واختارت الفن لهذا الغرض. اليوم وبعد ما لا يقل عن 30 دوراً رئيسياً في الأفلام الأمريكية، يبدو الماضي بعيداً عنها بسنوات ضوئية عدّة. وهي لا تفكر بالعودة أو التوقف عن التمثيل... * ما دوافعك للقيام بسلسلة من الأفلام التي كشفت فيها عن وجه غير أنثوي، وضد ما اعتاده الجمهور منك سابقاً؟ - لا دوافع خاصّة. أعجبتني هذه الأدوار وللسبب الذي ذكرته أنت: لم تكن أنثوية وإيجابية أو بطولية. كانت مدعاة للتغيير. وشعرت بأني أريد أن أبقى ممثلة معروفة وناجحة لكن التحدي هو كيف أفعل ذلك، فلعبت أدواراً غير متوقعة مني. * كيف جاء قرارك بالتوجه نحو الفن؟ كم كان عمرك آنذاك؟ - كنت في السابعة من العمر، عندما أردت أن أصبح راقصة باليه. وتعلمت الرقص وتدربت عليه وظهرت في مسرحيات باليه. لكن جوهانسبيرغ ليست المدينة التي يقصدها الناس حباً بالفن. وأدركت أن طموحاتي أكبر من أن تحتويها المدينة، فأخذت أتطلع إلى السفر. وحين تحدّثت مع والدتي في الموضوع سألتني: هل أنت واثقة من أنك راقصة باليه جيدة، سألتها لماذا هذا السؤال فأجابت: لأنه إذا لم يكن رقصك جيّداً فإنك لن تحققي النجاح الذي في بالك حتى ولو سافرت إلى لندن. * هل كانت لندن هي غايتك آنذاك؟ - نعم، لكن كلام أمي جعلني أفكر واقعياً. كيف لي أن أنتقل إلى مسارح محترفة ومشهودة لمجرد أني قدّمت عملين أو 3 في مسارح محلية؟ هذا التفكير قادني لنبذ الفكرة لكن شيئاً آخر وُلد مكانها: قررت أن أصبح ممثلة. * هل مثلت في أفلام جنوب إفريقية؟ - ظهرت في حلقات تلفزيونية لكني قررت مجدداً أن أترك جنوب إفريقيا وأبحث عن مستقبلي في الخارج. واستعرت من والدتي ثمن التذكرة وسافرت إلى لندن ومن لندن إلى نيويورك. * اليوم أنت على قمة النجاح كممثلة بسبب ماد ماكس: طريق الغضب الذي تؤدين فيه دوراً تطلب جهداً بدنياً استثنائياً. كيف تسنى لك ذلك؟ - حالما قررت أن أقبل العرض التي تقدم به المخرج جورج ميلر، أدركت أن عليّ أن أشتغل على بناء قواي البدنية. وكانت الغاية أن أصبح قوية وليس أن أمثل أنني قوية. اتبعت الخطوات ذاتها التي يتبعها أي ممثل سيقدم على تصوير فيلم أكشن. رفعت أثقالاً وركضت وقمت بحركات رياضية أخرى حتى أصبحت جاهزة للدور. * تعلمين بالطبع أن هناك ممثلين يفعلون أي شيء لأجل الظهور في الأفلام على نحو مقنع. يزيدون أوزانهم أو يربّون عضلاتهم أو يشاركون رجال البوليس في مهامهم للتعرف عن كثب إلى أعمالهم. هل هذا ما جال في بالك عندما بدأت تمريناتك؟ - ما تقوله صحيح، لكني كنت مترددة بادئ الأمر، وشعرت بأنني لا أريد أن أغير من شكلي. لدي قوام رشيق وكنت في الوحش أضفت وزناً في منطقة الخصر وتركت وجهي يترهل ويكبر. لكني بعد ذلك قررت أن هذه التضحية لا يمكن اعتمادها على نحو دائم. * تم التصوير لأربعة أشهر متوالية، لا بد أن التجربة كانت قاسية. - كانت قاسية جداً، نوم قليل وتصوير وإعادة تصوير، وبيئة صحراوية، وجوع وعطش، كل ما تتخيله (تضحك). * هل تعرضت لحادث خطر؟ - لا، لا شيء يذكر. * كنت تعرضت لحادث خطر في فيلم آخر. لا أذكر الحادثة أو الفيلم الآن. - تقصد إيون فلوكس (2005). جرحت نفسي في ذلك الفيلم وكدت أكسر رقبتي، وبقيت في علاج طويل الأمد. أيضاً في برومثيوس كان عليّ أن أرتدي بذلة فضائية وخوذة أعتقد أن وزنهما كان نحو 20 كيلوغراماً، وكان من الصعب عليّ تصوير مشاهد الركض بهما. لم يكن ذلك مريحاً بل مرهقاً خصوصاً مع الإصابة التي تعرّضت لها في رقبتي. * في سنو وايت والصياد عدت إلى قوامك لكنك اعتمدت على التجميل المناسب. - صحيح. ليس سهلاً أن تجعل من جسدك محطة تجارب. لكن مع ماد ماكس لم يكن هناك خوف من بناء بعض العضلات، فالتصوير كان مضنياً ولو لم أفعل ذلك لكانت أكثر صعوبة. إذا شاهدت الفيلم، فهو كله معركة واحدة طويلة. * ذكرتِ سنو وايت والصياد الذي تبعتيه بدور مختلف تماماً. واحد فانتازي من حكاية قديمة للصغار أساساً، والآخر كان برومثيوس الذي كان من نوع الرعب الفضائي. هل لديك تفضيل ما؟ - كل منهما يختلف كثيراً عن الآخر. سنو وايت حكاية تعلمناها ونحن صغار. تعلمنا من خلالها أن الفتاة سنو وايت بالغة الجمال وبسبب جمالها تتعرّض لرغبة الأميرة في قتلها لأنها أجمل منها. لكن برومثيوس يختلف طبعاً على الأقل هو فيلم للكبار. لا أدري وجه العلاقة. * في كل فيلم دور لك يختلف عن المتوقع. إذا ما أردنا تصنيفاً سريعاً هما دوران شريران. وفي كل منهما لعبت شخصية المرأة التي تريد السيطرة على الآخرين. هل هذا من صفاتك الشخصية في الواقع أيضاً؟ - نعم. ربما كنت أحب السيطرة إلى حد معين، لكن هل هذا الحب هو خاص بي؟ ألا تحب أن تسيطر على كل ما يتعلّق بك؟ * أمر صعب لكني بالطبع أحب ذلك. - كلنا نحب ذلك. بالنسبة إلي، ربما يعود ذلك إلى أنني امرأة صغيرة الحجم ومحدودة القوّة وأحتاج أن أحمي نفسي بإظهار جانب حاد بعض الشيء، لكنني لا أنجح دوماً، فقلبي الطيب يفضحني دائماً. * الفيلم الذي انتهيتِ من تصويره من إخراج شون بن، وتدور أحداثه في جنوب إفريقيا. هل هو قصّة عاطفية؟ - هناك قصّة عاطفية فيه، لكنه ليس فيلماً رومانسياً. في الحقيقة هو فيلم عن جهود حملات الإغاثة الإنسانية لإفريقيا وألعب شخصية موظفة في واحدة من جمعيات الإغاثة التي تكتشف مع رجل تتعرف إليه هناك ما يدور وراء ستار عمليات الإغاثة وما تواجهه من مخاطر وعرقلة من قبل السياسيين الفاسدين. * يحب شون بن المواضيع السياسية. - نعم، وأنا متفقة معه في هذا الشأن. علينا أن نسلط الأضواء على مثل هذه المواضيع. كان يمكن لهذا الفيلم أن يكون مجرد فيلم تشويقي وعاطفي، لكن بن رفعه عدّة درجات إلى فوق. الآن هو تشويقي وعاطفي وذو هم له علاقة بعالمنا. * هل تعتقدين أنك ستنجحين لو أسند إليك دور امرأة في الحب، أم أن الجمهور تعوّد الآن على أدوار هي في شكل عام عنيفة؟ - طبعاً سأنجح. لست ممثلة أدوار عنف لكن ما أقوم به هو أكثر أهمية عندي من مجرد تأدية أدوار عاطفية أو عامّة، لكن حتى أقبل فيلماً عاطفياً يجب على الموضوع أن يقدّم لي وللمشاهدين موضوعاً جادّاً وليس مجرد قصة حب. ألا توافق؟ * أوافق تماماً. سؤالي الأخير، لاحظت من خلال النظر إلى قائمة أعمالك أنك بدأت التوجه إلى الإنتاج في الوقت الذي لا تتوقفي فيه عن التمثيل. هل لديك الوقت الكافي للعملين معاً؟ - أمر غريب، لكن حتى الآن لا مشاكل. ربما لأنني أمثل في الأفلام التي أنتجها لذلك أنا قريبة جداً من موقعي كمنتجة. ومن ناحية ثانية، قررت أن أنتج لأني نظرت إلى زملائي من الممثلين الذين تحوّلوا إلى الإنتاج وأدركت صحة قرارهم بالتحوّل إلى منتجين. إنها الطريقة الوحيدة لدفع مشاريع ربما لا تثير حماس التمويل إلا إذا وقف وراءها الممثل الرئيسي نفسه.

مشاركة :