الإمارات .. عبقرية التنــــــاغم مع الزمان والمكان

  • 10/25/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تحكي لنا مجالس الرواة وكبار السن كيف بدت ملامح التغير الاجتماعي في دولة الإمارات، وكيف تعايش الأجداد والآباء مع وسائل الاتصال والتكنواوجيا بل كيف تعاملوا مع المدينة الحديثة بقصورها وأبراجها ورغد عيشها الاقتصادي الذي واكب اكتشاف حقول البترول وطفرة النفط، التي جذبت أكبر شركات التنقيب عن النفط ونقلت لمجتمع الإمارات صورة من صور المدنية الحديثة التي تجاوزها المجتمع الآن بعد أربع عقود وأصبحت من حديث الماضي البعيد. كان أهالي الإمارات في الستينيات على بساطة عيشهم وضعف مواردهم وكثرة معاناتهم يستشرفون نهضة اقتصادية واجتماعية ولعلهم أدركوا جزءا منها في نهاية ذلك العقد عندما تولى مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي المؤسس الكبير الراحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث لاحت في الأفق بعض الطرق الترابية وبنيت بعض المقار الحكومية وظهرت بعض السيارات في الطرق. تغير اجتماعي في بداية السبعينات بدا التغير الاجتماعي على استحياء وفي الثاني من مارس عام 1973 أعلن المؤسس أرقام الميزانية الجديدة للدولة وخصص جزءاً كبير منها لتنفيذ مشاريع التنمية والخدمات الصحية والتعليمية وبناء المساكن الشعبية. شعر الناس بباكورة النهضة المدنية والاجتماعية وتابعوا عن كثب سلسلة التنظيمات الإدارية في القطاعين الحكومي والخاص بل إنهم تعايشوا مع نظم الاقتصاد الحديث وواكبوا التطور. في الثمانينات بدت - لا سيما في المدن الكبرى - بحبوحة العيش وظهرت معالم التمدن والتحضر جلية فبرزت المباني المسلحة - البنايات - آنذاك في كل من أبوظبي ودبي والشارقة وعرف الناس حينها أخبار العالم ومن حولهم من الدول العربية لا سيما بعد الانتشار الواسع لوسائل الإعلام وظهور جيل جديد من الدارسين والمتعلمين. وشهدت الثمانينات تبختر السيارات الفارهة في شوارع المدن الكبرى الواسعة بحدائقها وأسوارها الواسعة. وبدت الألفية الجديدة تمثل نقلة فارقة في ميادين التغير الاجتماعي، واستحدثت دبي مدينة الإنترنت التي تضم جميع الشركات العالمية المختصة بشؤون التقنية المعلوماتية وبدأت بإنشاء أول حكومة إلكترونية في العالم العربي وأول مدينة جامعية على الإنترنت والمدينة الإعلامية التي غدت قطباً رئيسياً للوسائل الإعلامية كافة وإنشاء مناطق حديثة على امتداد شارع الشيخ زايد بن سلطان وبرج العرب إضافة لإنشاء برج خليفة الذي يعد مفخرة لجميع العرب ومزاراً سياحياً لكل العالم. وتشير دلائل كثيرة إلى أن الإمارات كسبت الرهان وحققت في مدة وجيزة نقلة نوعية بوأتها مكانة هامة عالميا وجعلتها من أهم بلدان العالم لا من حيث كونها إحدى أهم الدول النفطية بل من حيث المشاريع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تتبناها وتسعى إلى تحقيقها وهي مشاريع تؤكد النهضة التي تعيشها الإمارات بعد 43 عاماً من انطلاق مسيرتها وتعكس رؤية مستقبلية وقيادة حكيمة. مسيرة ورغم وفاة الشيخ زايد عام 2004 بعد أكثر من 30 عاماً رئيساً للدولة، إلا أن عملية النمو استمرت تحت قيادة ابنه وخليفته صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وكذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وكل أصحاب السمو حكام الإمارات السبع. وتصنف الإمارات في مراتب متقدمة في مؤشرات التنمية البشرية والمرتبة الأولى عربيا في مؤشرات الابتكار والسعادة وجودة الحياة وممارسة الأعمال وكذلك الأولى عالميا في التماسك الاجتماعي والكفاءة الحكومية وحسن إدارة الأموال العامة والثقة في الحكومة وفي متانة الاقتصاد، وأكد تقرير التنافسية العالمي على الدور الريادي في المنطقة وعزا الفضل في تحسن التقييم الممنوح لها إلى عدة عوامل من بينها الفوز باستضافة معرض إكسبو- 2020. كما كان مشروع إطلاق أول مسبار عربي إسلامي إلى كوكب المريخ تحت إشراف فريق عمل وطني، مرحلة جديدة لدخول تكنولوجيا ارتياد الفضاء. درب الريادة الإمارات أدهشت العالم بنموها وتطورها وأكدت أنها تسلك الدرب الصحيح وتتبع الرأي الصائب نحو بناء ثقافة جديدة وتخطو خطوات حكيمة نحو مستقبل يعتمد بشكل كبير على الاستثمار في مختلف المجالات استعدادا لمرحلة ما بعد النفط وفي هذا الإطار كانت الإمارات تتعامل مع هذه التغيرات برؤى هادئة أفضت أخيرا إلى مشهد إماراتي له صيت عالمي. لقد واجه الجيل الأول من حكام الإمارات تحديات كبيرة في التأسيس والإنشاء للدولة وغرس القيم مما جعلهم يبذلون جهودا مضاعفة في تلك الفترة فأتى جيل جديد من الحكام، الذين احترموا ما أنجزه آباؤهم وعززوه وواكبوا نبض عصر القرن الحادي والعشرين وما تلاه من الألفية الثالثة فقد أدخلوا مفهوم التقنية في الحكم والإدارة وأنشأوا الحكومات الإلكترونية وارتادوا آفاقاً مليئة بالتحدي والتميز. عناصر نجاح ما كان التغيير ليتحقق في الإمارات لولا نجاح الحكومة الإماراتية في الإمساك بالشروط الثلاثة الأساسية لبناء مجتمع متماسك ومتقدم حضارياً وفكرياً، وهذه الشروط هي؛ النظام القيمي والنظام الاجتماعي والإنسان باعتباره عصب عملية التغيير وعصب التوازن بين النظامين السابقين، وهو في نفس الوقت المستثمر ومجال الاستثمار الأهم.

مشاركة :