بعيدا عن جدلية هل مرت السعودية بطفرة اقتصادية واحدة أو بعدة طفرات, الأمر الذي كثر الجدال حوله ووقع الاختلاف فيه كثيرا ومرارا بين الاقتصاديين خاصة حول مفهوم الطفرة ومدى حقيقة وجود طفرة ثانية فعليا, لكن وقبل كل ذلك أود بكل فخر واعتزاز الإشارة بأن الطفرة الحقيقه والذهبية التي تعد الركيزة الأساسية لإنطلاقة كل ما بعدها والتي شهدها الوطن بل شهدها كل من على الوطن من بشر وشجر وحتى الحجر كانت عندما قام المغفور له الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - بتوحيد أرجاء المملكة وتأسيس الدولة السعودية الثالثة وأرسي دعائم الأمن والعدل فيها وعندها بدأت باكورة وعجله التنمية الشاملة بالدوران ومازلت بإذن الله تعالي قائمة ومستمرة إلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليه. وبالرجوع إلى تاريخ الطفرات التي شهدها الاقتصاد السعودي يمكن تلخيصها بالتالي : - الطفرة الاقتصادية الأولى 1975م - 1985م دامت لمدة ( 10 ) سنوات حيث عرفت بل اشتهرت باسم طفرة السبعينيات وظهرت بعدما كان, برميل البترول يباع بقيمة لا تتعدى في أحسن الأحوال ( الدولارين ) وذلك طيلة حقبة الستينيات الميلادية وحتى بداية السبعينيات إلى أن حدث ارتفاع مفاجئ في أسعار النفط وسجل سعر بنحو ( 35 ) دولار للبرميل, ومن عندها بداء عصر الطفرة والإنفاق العام على إنشاء البنية التحتية ومشاريع التنمية بالدولة وإمتد أثره لكافة المدن الرئيسية وكذلك أغلب المدن الطرفية وحتى القرى والهجر كان لها نصيب من ذلك وتم إتاحة فرص التعليم والتدريب والتوظيف والعمل والتجارة والتصنيع بصور عادلة للراغبين إن لم يكن لكافة الراغبين بذلك, كما تم تحفيز وتشجيع حتى عدم الراغبين عبر وضع خطط تنموية جبارة للغاية مازلت آثارها الإيجابية مستمرة حتى الآن وملموسة. هذه وكان يتردد على لسان حال كل من عاصر تلك الفترة ما كان يقال من قبل رجل الشارع العادي بان " حتى النعجة لها معاش والنخلة لها راتب " وبالفعل المقولة ليست من ضروب الخيال بتلك الفترة فقد تم بالفعل صرف معونات ودعم حتى ل مربي المواشي وكذلك تم دعم المزارعين بالأسمدة والمبيدات وموليدات الكهربائية مجانا, بل وكان يتم شراء محاصيل المزارعين بأعلى سعر, مع التنويه بأن بذات العصر تم إنشاء مؤسسة صوامع الغلال وطواحن الدقيق وكذلك تأسيس وزارة الصناعة ووزارة الكهرباء وإنشاء الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك), وإنشاء الهيئة الملكية للجبيل وينبع الصناعية وكذلك تأسيس العديد بل أغلب الشركات المساهمة بسوق الأسهم. - أما الطفرة الاقتصادية الثانية فقد بدأت عام 2004 م - 2014 م ويعتقد البعض أنها دامت حوالي (10) سنوات وصل قيمة برميل النفط إلى أعلى مستوياته (100) دولار, حين بداء النفط في عام 2005م بالارتفاع من سعر من 39 دولارا للبرميل في نهاية عام 2004م إلى حوالي 56 دولارا للبرميل في نهاية 2005م ثم صعد إلى 61 دولارا في نهاية 2006م حتى وصل في عام 2007م إلى 89 دولارا للبرميل ومن ثم حقق أعلى مستوى تاريخي عندما سجل 100 دولارا للبرميل الواحد. ولأمانه الطرح يري العديد من المراقبين أنها لم تكن طفرة حقيقيّة, وإن كانت كذلك فقد جاءت وذهبت دون الاستفادة منها! ! بل وحتى المشاريع التنموية التي رصدت خلال تلك الفترة قد تعثر تنفيذ العديد منها والمنفذ منها كان بتكلفه خيالية وليس على مستوى المواصفات المنشودة . هذه وأميل مع القول السائد بأنها كانت مجرد فقاعة سرعان ما تلاشت وتبخرت معها آمال المعاصرين لها خاصة بعد إنهيار سوق الأسهم عندما إنطلق من قاع مؤشر الأسهم من عند النقطة ( 2354 ) وانتهى عند النقطة ( 20966 ) بتاريخ 25 فبراير 2006 واستمرت لمدة 3 سنوات و 3 أشهر تقريبا حيث حقق المؤشر خلالها تقريبا زيادة 18612 نقطة ومن ثم حدث الانهيار الكبير حتى وصل إلى أدنى مستوى له في مارس 2009 حيث سجل (4068) نقطة, هذه ويعد انهيار سوق الأسهم من جهة وتعثر تنفيذ المشاريع والمدن الصناعية في تلك الفترة وغيرها من المؤشرات والأحداث التي تصب جميعها في مجرى الاعتقاد بعدم صحة إعتبار تلك الحقبة بمثابته طفرة, خاصة وأن كل ما جرى فيها لا يشير إلى ذلك بل إلى العكس, مع الأخذ بعين الاعتبار أن خلال الفترة الواقعة ما بين 2007-2014 كان الاقتصاد العالمي بأكملة والذي نحن جزء أصيل منه يعاني رسميا من حالة ركود اقتصادي الأمر الذي سوف يتناقض مع فكرة وجود طفرة بتلك الفترة. - أما الطفرة الاقتصادية الثالثة والمقبلة -بإذن الله- تعالى من المأمول أن تبدأ قبل عام 2025 م حيث جرت العادة بأن يربط الاقتصاديون بينها وبين الارتفاع الكبير المتوقع بالإيرادات العامة والمتنوعة للدولة ومعدلات النمو الاقتصادي, حيث يحق وبكل جداره لاقتصاد الدول الذي من المتوقع أن ينمو بمعدل %30-40 وما فوق بأن يفخر ويرتقب طفرة قادمة خاصة إذا تعلق الأمر بالاقتصاد السعودي الذي تدل المؤشرات على وجود طفرة إقتصادية مقبلة إذا لم ينتهي بعد عصر الطفرات بالسعودية وبإذن الله تعالى سوف يحلق الاقتصاد السعودي بالأعالي سريعا مثل طائرة الكونكورد التي تعد أسرع حتى من الصوت. حيث من المرتقب أن يحقيق معدلات نمو وتنميه شاملة ومستدامة تكون الأضخم علي الإطلاق خاصة مع خطة تحويل الاقتصاد من الاعتماد على النفط إلى الاعتماد على مصادر دخل متنوعة وغير نفطية قادرة على تحقيق الحلم السعودي من خلال رؤية 2030 بتحقيق ( اقتصاد مزدهر, مجتمع حيوي, ووطن طموح ) والمقرر تنفيذه عبر برامج طموحه تتلخص في ( برنامج التحول الوطني, وبرنامج جودة الحياة, وبرنامج التوازن المالي, وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة, وبرنامج التخصيص وبرنامج تطوير القطاع المالي ) مع التأكيد على المحافظة علي منجزات ومكتسبات ذلك وعليه تم وضع استراتيجيات جبارة تهدف بصورة رسمية إلى محاربة الفساد حتى لا تتعطل برامج التنمية وتتحقق مستهدفات الرؤية بإذن الله تعالى. ختاما .. يبقي للتذكير بأن تاريخ ومستقبل النفط يفيض بالأحداث السياسية والاقتصادية ويرتبط إرتباطا وثيقا بالصراعات والحروب ويعد صاحب الكلمة العليا في عجلة التنمية الاقتصادية والقادر بعد توفيق الله عز وجل أن يوقفها أو يحركها بل ويتحكم بمصير الشعوب وتصنيفات الدول بين غنية وفقيرة وعلية حرصت المملكة على تنوع مصادر الدخل الغير نفطي والتحوط لذلك عبر إستراتجيات إستباقية ناجحة.
مشاركة :