اقترحت مؤخرا إدارة البورصة المصرية برئاسة محمد فريد ضمن محاولاتها لإنعاش التداولات والتي تضررت من انخفاض أعداد الشركات و المستثمرين الناشطين خاصة بعد أزمة كورونا،بإدخال تعديلات على قواعد قيد وشطب الاوراق المالية تسمح باستحداث شركات الاستحواذ ذات غرض خاص فيما يعرف عالميا بشركات الشيك على بياض، وهي خطوة أثارت مخاوف العديد من الخبراء نظرا لخطورتها الاقتصادية التي تفوق إيجابياتها. وشركات الاستحواذ ذات غرض خاص، هي شركات يتم إنشاؤها من قبل مجموعة من المساهمين ولا يكون لها أي نشاط اقتصادي، وتطرح أسهمها للاكتتاب العامة في البورصة أمام المستثمرين، لتستفيد من الأموال التى جمعتها فى اقتناص فرص استثمارية بالاستحواذ على شركات قائمة في أي من القطاعات الاقتصادية ، و يندمجان معا فى شركة واحدة؛ يتم بعدها بدء التداول الفعلي على أسهمها بالبورصة تحت مسمي الشركة التي اندمجت معها، وفي حالة لم تجد الشركة فرصة استثمارية خلال فترة محددة تعيد الأموال للمكتتبين بنفس قيمتها. وازداد نشاط شركات الشيك على بياض عالميا خلال عام كورونا تحديدًا في البورصة الأمريكية، مع ارتفاع حجم السيولة، و إقبال المستثمرين على آليات استثمارية جديدة على أمل الحفاظ على قيمة أموالهم في ظل الأزمة وتحقيق مكاسب فيما بعد، ثم انتقل نشاط تلك الشركات إلى الأسواق الآسيوية. لا تتناسب مع المستثمر المصري : وقالت حنان رمسيس خبرية أسواق المال، إنها تجربة استثمارية جديدة على السوق المصري، ولكن ستشكل مخاوف كبيرة لدى المستثمرين المحليين الذين لا يمتلكون حس المخاطرة عالي، مقارنة بالجنسيات الأخرى. وتابعت "رمسيس"، إدارة البورصة في عهد الرئيس الحالي محمد فريد، تريد أن تطبق ما يحدث في الأسواق العالمية الأخرى على السوق المصري دون النظر إلى طبيعة المستثمر الذي يستثمر به وكيف ستؤثر عليه تلك الآليات. وسبق وأن استحدث محمد فريد من الاسواق العالمية الية البيع على المكشوف فيما عرفت محليا باسم اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع، ولكن لم تلقى رواجا كبيرا ولم يقبل المستثمرون على الاستفادة منها، وعزف عدد كبير من شركات السمسرة عن الحصول على رخصة لممارسة تلك العمليات، وأعلن مؤخرا إدخال تعديلات مفاجئة على قواعد التداول شملت تطبيق جلسة المزايدة في نهاية كل جلسة كما يحدث في السوق الأمريكي، أثرت سلبا على السوق واربكت المتعاملين. وتزيد استحداث أدوات جديدة للتداول بالبورصة تعقيدات على المستثمرين لدخول هذا السوق، وسط عدم امتلاك معرفة كبيرة لدى عدد كبير من المصريين عن ثقافة الاستثمار بالبورصة وهي ما حاولت الإدارة الحالية نشرها بين المواطنين من خلال حملات اعلانية لقت تفاعل فاتر معها. البورصة لا تتحمل تجارب : وقالت رمسيس، البورصة المصرية لا تتحمل تجارب آليات جديدة على المستثمرين لأنهم يعانون من تجارب مريرة، وإذا خرج أي مستثمر من السوق حاليا لن يعود في المستقبل. وتابعت، " طبيعة المستثمر المصري أو العربي يتساءل قبل الاستثمار عن الشركة التى سوف يستثمر بها أمواله، وما طبيعة نشاطها، كيف اقنعة بدفع أموال الشركة غير معروفة نشاطها، بالإضاف أن من الممكن أن تحصل شركة الشيك على بياض على أمواله وتستثمرها في شركات لا يرغب الاستثمار بها أو يرى أن الاستثمار بها محرم." واضافت" رمسيس"، " ووضع السوق حاليا غير جاهز لاستقبال مثل تلك المقترحات هناك عزوف عدد كبير من المستثمرين عن المخاطرة بأموالهم، كما أن الاكتتاب فى تلك الشركات تحتاج إلى سيولة ضخمة لإتمامه والسيولة الحالية في السوق هي سيولة ممارجن وليست سيولة حقيقية." جذب الشركات الناشئة : ويأتى فكرة استحداث شركات الاستحواذ ذات أغراض خاصة؛ لقيد شركات الناشئة أو المبتكرة بالبورصة التى لا تستطيع الإدراج بها لعدم التوافق مع شروط الطرح، خاصة بعدما قامت احد الشركات الشيك على بياض كوينز جامبيت بالاندماج مع شركة سويفل بالبورصة الأمريكية و طرحها بالبورصة الأمريكية. وتثير التخوفات العالمية من انتشار شركات الشيك على بياض من ارتفاع عمليات غسيل الأموال، أو استغلال أموال المكتتبين في تربح المؤسسين للشركة من خلال وضع الأموال في البنوك والحصول على فائدة منها، وإعادتها للمستثمرين بعد انتهاء الفترة المقررة دون تنفيذ عمليات استحواذ. وسبق وأن حذر المدير التنفيذي للمجموعة المصرفية الرائدة في شمال أوروبا "سيب" من عمليات الشيك على بياض، وأكد أن المستثمرين الذين يدخلون هذا الاستثمار يتعرضون لمخاطر كامنة. وتتمثل مخاطر شركات الشيك على بياض في عدم ايجاد الشركة فرص استحواذية، أو انخفاض قيمة أسهمها بعد استحواذ على الشركة الجديدة، حيث أثبتت دراسات نشرتها وكالة بلومبرغ حديثا أن تلك الشركات تفقد ثلث قيمتها أو أكثر فى العام التالي من الأندماج، بجانب تراجع عدد الطروحات الأولية بالبورصة مع تفضيل الشركات طرح اسهمها بواسطة شركات الشيك على بياض. وقال محمد ابو باشا، من المجموعة المالية هيرميس، إن استحداث شركات الاستحواذ ذات غرض خاص. وأضاف، تلك الشركات لا تركز على المستثمرون الأفراد بالشكل الكبير ولكن تعتمد في تأسيسها على الشركات وصناديق الاستثمار التي تمتلك سيولة ضخمة تحمل مخاطر الاستثمار بها. وتابع ، رغم مخاطرها إلا أنها تعطي حرية للمساهمين بها الحرية الكاملة لاختيار الشركات التي يستحوذ عليها، وفي حالة عدم وجود فرص استثمارية واعدة تعود الأموال لهم، مشيرا إلى أن اموال المستثمرين بتلك الشركات يتم استثمارها في أدوات دين خلال فترة البحث عن الفرصة الاستثمارية لتحقيق لاصحابها عائد حتى لو لم يتم إيجاد تلك الفرص. وأكد أن تلك الشركات تعمل البورصة المصرية على استحدثها؛ لدعم الشركات الناشئة بما تمتلكه من مرونة تسهل لها عمليا للاستحواذ على مثل تلك الشركات. وشهد عام 2021 بحسب بيانات بلومبرغ تأسيس نحو 67 شركة استحواذ ذات أغراض خاصة. ومن المقرر خلال الأيام المقبلة أن تعرض البورصة مقترحها على هيئة الرقابة المالية للموافقة عليه أو رفضه، وينص على استحدث التعديلات المقترحة استحداث مادة جديدة 8 مكرر والتي تنظم عملية قيد أسهم الشركات المصرية ذات غرض الاستحواذ، حيث ستعمل تلك المادة على قيد أسهم الشركات المصرية التي يكون غرضها الوحيد هو الاستحواذ، على أن ينص نظامها الأساسي على أن حصيلة زيادات رؤوس أموال تستثمر في أوعية ادخارية ذات عائد ثابت لدى متلقي الاكتتابات لحين الاستحواذ، في حال عدم القيام بعمليات استحواذ خلال سنتين من تاريخ القيد سوف ترد الأموال للمستثمرين بالعائد المحقق لها وتشطب وفقاً للبند (9) من هذه المادة، على أن تكون الشركة متعاقدة مع أحد مديري الاستثمار المرخص لها من الهيئة العامة للرقابة المالية العاملين بمجال الاستثمار المباشر أو رأس مال المخاطر. وتعرض الولايات المتحدة في الثمانينات بسبب شركات الشيك على بياض للعديد من عمليات الاحتيال على المساهمين، ما دفعها لتشديد الرقابة عليها من قبل هيئة الرقابة المالية الأمريكية وإصدار قواعد جديدة تنظمها ومنع الاحتيال
مشاركة :