ارتبط في أذهان البعض أن اليوم الوطني عبارة عن فعاليات وشعارات وأزياء وشيلات حماسية ترتفع وتيرتها في بضعة أيام وليال، وهي مخالفة لماهية هذا اليوم الوطني الكبير، وقد تتحول بعض الاحتفالات الفردية أو الجماعية إلى أخطأ بحق الوطن والمواطنين حين تخرج عن نطاق الأنظمة والأعراف. أتمنى أن نرتقي بمفهوم هذا اليوم العزيز على قلوبنا الذي وحَّد فيه الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- الوطن وجمع أشتاته وأحاله -بعد توفيق الله- إلى بلد آمن مطمئن بعد أن كان الإنسان لا يأمن على نفسه وماله، وكان الحاج يودع أهله فيما يظن أن رحلته للحج مظانها الهلكة والموت لما يجده من قطاع الطريق قبل بعد المسافة. هذا اليوم الوطني يجب أن نؤدي فيه حق الوطن وبما يتناسب ومكانته العالية ليس في قلوبنا فحسب بل في قلوب العرب والمسلمين وقلوب العالم أجمع، وأن نستفيد من معطيات العصر وطبيعته ومستجداته، ومن ذلك التقنية الحديثة وما تتميز به وسائط التواصل الاجتماعي من تفاعل مباشر وعمق النفاذ وسرعة التغيير وسهولة الوصول إلى المتلقين في كافة أنحاء العالم مع قلة التكاليف وارتفاع الفائدة والجدوى. إن اليوم الوطني وكل أيام العام بحق وطننا الغالي أيام وطنية سعيدة تستوجب أن نستثمر هذه التقنية الحديثة في تبني محتويات إيجابية تتحدث عن وطننا ومنجزاته ومقدراته وتاريخه العظيم وسير رجاله الأفذاذ، وتقدم بأسلوب سلس وبسيط وبدقة وبلا مبالغة ولا تهوين ليعرف العالم من هي المملكة العربية السعودية، وما تقوم به وما قامت من خدمات جليلة للعالم، ورسالتها الإنسانية ومكانتها الدينية والاقتصادية وتأثيرها الإيجابي على العالم، وللأسف أنه بالرغم مما لدينا من إمكانات وقدرات مؤسسية وفردية لم نستطع إبراز الوجه الحضاري والإنساني للمملكة أمام العالم، وهناك من لا يقدمون واحدًا بالمئة مما تقدمه المملكة تجد صيتها يدوي إعلامياً في كافة وسائل الإعلام ووسائط التواصل وبمختلف اللغات. لقد كانت المدارس والجامعات وبعض المؤسسات تقوم بتنظيم بعض المهرجانات والمسابقات الثقافية ومنها الشعر والرسم في تخليد اليوم الوطني، ولكن ما الذي يمنع أن نطور من مفاهيمنا وأعمالنا في عصر التقنية وتطوير مثل هذه الفعاليات لتكون أعمالاً تقنية يهدف منها إلى تشجيع الشباب والشابات على تبني أعمال تسهم بالتعريف بوطننا الغالي بمختلف الوسائل، وبمختلف اللغات بل وحتى المقيمين ليشاركوا في هذه الفعاليات وتقديم محتوى يعبر عن مشاعرهم وانطباعاتهم بعد أن عاشوا فترة طويلة في بلادنا، ويظهروا ما عايشوه من أمن وأمان، وحب وإخاء في المجتمع السعودي، وأن تتبنى مثل هذه الأعمال والمبادرات مؤسسات ثقافية متخصصة مع استحداث آلية لتنظيم هذه الأعمال لضمان تجدد هذه المبادرات في المستقبل لمواكبة المستجدات في التقنيات، ولتحقيق الموازنة بين جودة وشمولية التقنية وتلافي سلبياتها ومخاطرها. إن المملكة العربية السعودية كانت ولا زالت نبراساً ومثالاً في النهضة والبناء والأمن والرخاء وشمولية البذل والعطاء ومرونة الأنظمة، يلمس ذلك القاصي والداني، والقريب والبعيد، ويشهد به عن كثب المقيم فيها والزائر لها من الحجاج والمعتمرين، ولا ننسى مكانتها وما ينظر لها ويتطلع إليها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم، وينظرون لها بأنها القائدة القدوة في الفضائل والمكارم. نحن بحاجة إلى استثمار عقول شبابنا وإبداعاتهم ومهاراتهم، وما تلقوه من تعليم في أرقى الجامعات في داخل المملكة وخارجها ليسهموا في التعريف ببلادهم الغالية وبوطنهم ومجتمعهم المؤمن والمتماسك الآمن بفضل الله عز وجل ثم بما تقوم به حكومتنا الرشيدة من خدمات جليلة وأعمال في سبيل ارتقاء البلاد ورفاهية العباد، وسعادة الناس وحفظ حقوقهم العامة والخاصة. أدام الله على بلادنا أمنها وأمانها وعزها واستقرارها، وحفظ لها ولاة أمرها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ودام عزك يا وطن.
مشاركة :