تونس - أمر قاض بالمحكمة العسكرية في تونس بالافراج عن النائب المجمدة عضويته سيف الدين مخلوف وهو رئيس حزب ائتلاف الكرامة حليف حركة النهضة الإسلامية وذلك بعد ساعات من اعتقاله من قبل قوة أمنية بالزي المدني. واعتقل الأمن التونسي اليوم الجمعة مخلوف المطلوب للقضاء العسكري في قضية تتعلق بالاعتداء على عناصر أمنية في مطار قرطاج الدولي، وفق ما أعلن المحامي أنور أولاد علي. وكانت حادثة المطار قد أثارت حينها جدلا واسعا وطرحت علامات استفهام حول حالة الانفلات السياسي واستغلال الصفة (نائب) للتدخل في عمل أمني. ومخلوف رئيس حزب "ائتلاف الكرامة" الإسلامي والمحافظ والحليف لحركة النهضة ملاحق من قبل القضاء العسكري وفقد الحصانة البرلمانية اثر قرار الرئيس قيس سعيّد تجميد أعمال البرلمان في 25 يوليو/تموز الماضي وتولى السلطات في البلاد. وأصدر القضاء العسكري في 2 سبتمبر/أيلول بطاقة جلب في حقه في ما عرف "بحادثة المطار" في مارس/اذار الماضي ويتهم مع نائبين آخرين من كتلته البرلمانية بشتم أمنيين بسبب رفضهم السماح لامرأة تونسية بالسفر استنادا للإجراء الحدودي "إس 17" الذي صنفته وزارة الداخلية ضمن إستراتيجيتها لمكافحة الإرهاب والحدّ من سفر الشباب إلى ما "بؤر التوتر" منذ العام 2013. وأعلن أولاد علي أن مخلوف اعتقل واقتيد إلى مكان مجهول وهي العبارة التي يستخدمها أعضاء ائتلاف الكرامة وحلفاؤهم من حركة النهضة وأنصارها في توصيف عمليات الايقافات التي طالت نوابا أو مسؤولين تتعلق بهم شبهات فساد أو مخالفات قانونية. وحسب المصدر ذاته فإن من اعتقلوا مخلوف أعوان شرطة بزي مدني وأنه كان يستعد للمثول أمام قاض بالمحكمة العسكرية في العاصمة تونس. ومخلوف معارض بارز للرئيس التونسي قيس سعيد وهو مطلوب للقضاء العسكري بعد أن رفعت نقابات أمنية دعوى ضده واتهمته بالاعتداء على أمنيين في المطار قبل أشهر فيما يعرف "بقضية المطار". وقال أنور أولاد علي إن قاضي المحكمة العسكرية أخبرهم بأنه طلب من الجهات الأمنية إحضار مخلوف للمحكمة. ونشر المحامي على صفحته على فيسبوك فيديو يظهر سيطرة رجال بالزي المدني على شخص وطرحه أرضا قبل وضعه في سيارة. ونشر النائب عن ائتلاف الكرامة المجمدة عضويته ماهر زيد تدوينة على صفحته بفيسبوك قال فيها "سلطة الانقلاب تختطف نائب الشعب الأستاذ سيف الدين مخلوف لدى وصوله إلى المحكمة العسكرية بتونس للتحقيق في حادثة المطار و تقتاده إلى جهة غير معلومة". وأرفق التدوينة بفيديو يظهر فيه مخلوف وهو في طريقه للمحكمة العسكرية قال فيه "نحن الآن في اتجاه المحكمة العسكرية. نريد أن نعلم الشعب التونسي أننا لسنا خائفين من المحكمة العسكرية فقط نحن نرفض أن يستعمل الانقلاب القضاء العسكري في تصفية خصوماته.. في النهاية لن يصح إلا الصحيح واعتقلت الشرطة حتى الآن ثلاثة نواب على الأقل بعد قرار سعيد تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن جميع نوابه وهم ياسين العياري وفيصل التبيني ولطفي علي وتتعلق بالأخير قضايا فساد وقد أمرت محكمة مؤخرا بإيداعه السجن على ذمة التحقيقات في عمليات شحن الفوسفات من خلال شركة شاحنات يملكها بينما جرى تعطيل شحن الفوسفات لسنوات عبر قطارات شركة السكك الحديدية التابعة للدولة. ومخلوف محام ينتقد خيارات الرئيس قيس سعيد ووصف خطوته في 25 يوليو/تموز بأنها انقلاب وطالما وجه نقدا لاذعا له في البرلمان، إلا أنه تجاوز النقد إلى ما وصفه رجال قانون بـ"التطاول والثلب" وهو أمر أساء لهيبة الدولة. وكان سعيد قد عزل رئيس الحكومة هشام المشيشي المدعوم من حركة النهضة من منصبه وجمد أعمال البرلمان في 25 يوليو/تموز ضمن إجراءات استثنائية وصفها معارضوه الإسلاميون بأنها انقلاب، بينما أكد أن التدابير الاستثنائية اتخذت استنادا للفصل 80 من دستور 2014 وتحديدا ما يتعلق بإجراءات الحالات الطارئة وخطرا يتهدد كيان الدولة، موضحا أن الإجراءات دستورية وتهدف لإنقاذ البلاد من الانهيار. وقبل القرارات الاستثنائية شهدت تونس قفزة قياسية في عدد الوفيات (أكثر من 20 ألف وفاة) والإصابات بفيروس كورونا، بينما تأخرت حملة التطعيم وسط سجالات سياسية وصفت بالعبثية. وبينما عبر خصوم الرئيس التونسي ومنظمات حقوقية محلية ودولية عن مخاوفهم من انسياق الرئيس التونسي نحو الاستبداد والتفرد بالقرار بعد أن جمع كل السلطات بين يديه، يرى شق كبير من التونسيين أن الإجراءات ضرورية لكبح الفساد ومحاسبة الفاسدين ووقف هدر المال العام وأيضا العبث السياسي الذي دفع البلاد إلى حالة من الجمود وفاقم الأزمة الاقتصادية.
مشاركة :