علي يوسف السعد يكتب: رحلة آخر الأحزان

  • 9/21/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تمر على المرء في السفر مواقف ومطبات تعلق في ذاكرتنا بطرق مختلفة، فليس السفر ذكريات سعيدة فقط، فهناك لحظات لا تنسى، وهذا هو موضوع مقال اليوم، وهي رحلة نتندر فيما بيننا في العائلة بأن نسميها «رحلة آخر الأحزان»، رحلة عائلية بامتياز مررنا خلالها بمواقف علمتنا الكثير، تعالوا وسافروا معي في رحلة الأحزان. تم التخطيط لها جيداً من قبل محدثكم، عدد أعضائها ناهز الـ 32 مسافراً من إخوتي وعائلاتهم، بأبنائهم وزوجاتهم، ويقود الرحلة عميدة العائلة - الوالدة حفظها الله ورعاها - وكانت إلى ماليزيا، الدولة التي كانت مقصداً للسياح العرب في فترة من الفترات. لم يكن التحدي في العدد، فكما أسلفت كان كل شيء مجهزاً، وبدأت الرحلة والوجهة الأولى كانت جزيرة «لانكاوي»، ولمن لا يعرف لانكاوي فهي جزيرة ساحرة ذات فعاليات عديدة قد أتحدث عنها مستقبلاً. بدأت القلاقل بتأخر الرحلة، وبدأ الخوف من تفويت الرحلة التي ستأخذنا لاحقاً من العاصمة إلى لانكاوي وحصل ما كنا نتوقعه، وصلنا متأخرين وكانت بداية «الأحزان» فاتتنا الطائرة الثانية، وتوجب علينا أن نحجز تذاكر جديدة لجميع أعضاء الرحلة إلى لانكاوي - قلنا لعلها «آخر الأحزان» وذهبنا لاستلام حقائبنا لتحويلها للرحلة الجديدة وجاءت الصاعقة الثانية - حقيبة والدتي لم تصل، وبعد بحث طويل أبلغونا بأنها مفقودة وسنتواصل معكم عندما نجدها - رددنا في أنفسنا - أكيد هي «آخر الأحزان» فنحن لم نبدأ الرحلة والمصائب تتوالى علينا بلا رحمة كالطلقات. توجهنا إلى البوابة رقم 4 بانتظار طائرة لانكاوي ونحن نواسي الوالدة بأن حقيبتها ستصل بلا شك، فليس عليها أن تقلق، انتظرنا عند البوابة المسجلة في بطاقات الصعود، لم يتم النداء على الطائرة، توجسنا خيفة، وفجأة اكتشف أحد أعضاء الرحلة بأن البوابة تغيرت - دون إعلان - ولك أنت أن تتخيلنا ونحن نجري للبوابة الجديدة بحقائبنا وأطفالنا وحاجاتنا، وكل من في المطار يشاهدنا بدهشة، ويردد في نفسه: ما هذا الفوج المجنون؟ لماذا لا يقفون عند بوابتهم؟ وصلنا للبوابة الجديدة قبل الإقلاع، وكلنا يردد مطمئنا الآخر: هي آخر الأحزان. وصلنا إلى لانكاوي، أخذنا الحقائب ووصلنا الفندق - في الطريق فقد أحد الأبناء جهاز الآيبود الخاص به وقلنا له: «لا تحزن» هي حتماً وبإذن الله آخر الأحزان. توزعت الأكواخ في منتجعنا الراقي، وبدأنا نحس بالأمان فكل شيء مرتب، وستبدأ الرحلات غداً، وستكون رحلة سعيدة بلا شك، فما الذي سيحدث أكثر من أن تتأخر الطائرة، وتفوتنا رحلة لانكاوي، ونفقد حقيبة الوالدة، وتتغير البوابة بدون سابق إنذار، ويضيع الآيبود؟ لن يحصل شيء. ولكن للحديث بقية في رحلة آخر الأحزان، في الأسبوع القادم بإذن الله......

مشاركة :