تكاد الصورة الذهنية عن السوق السعودي أن ترسخ في كونه مكباً كبيراً لغثاء مصانع العالم المنتجة للسلع الرديئة، إلا أن حراكاً رسمياً تقوده وزارة التجارة في السنوات الأخيرة، ووعياً اجتماعياً متنامياً مفترضاً كان يجب أن يغير من مزاج السوق السعودي البسيط الذي يرضى بكل بضاعة تلمع على رفوف محلات السلع الاستهلاكية، لكن الأمر يبدو مخيباً للآمال حسب تجار سعوديين، فلا زال السوق المحلي وجهة لكل سلعة رديئة، ولا زال التستر التجاري يضرب أطنابه على السوق الكبير، مما يجعل السيطرة على هذا السوق مهمة ليست بالسهلة. وفي الوقت الذي يُحمل تجار سعوديون التستر وزر هذه الظاهرة، إلا أن لا أحد يبدو أنه سينفذ بجلده من المسوؤلية الكبيرة، فلا الجهات الحكومية بقادرة على السيطرة، ولا ضمير التجار بمستيقظ، ولا وعي المستهلك بقادر على مقاومة الأسعار الرخيصة، الأمر الذي جعل محلات المواد الاستهلاكية تغزو الشوارع، مدفوعة بتحقيق أرباح خيالية، فقطعة صنعت في شرق آسيا بسنتات قليلة، تباع اليوم في السوق المحلي بدولارات كثيرة. وعلى الرغم من توفر نافذة الإنترنت أمام المستهلك، وإمكانية الاطلاع على أسعار السلع عالمياً ومعرفة مصادر أغلبها، إلا أن محدودي الدخل يهرعون إلى ما قل سعره بغض النظر عن مصدره ومستوى جودته. وحسب محمد الجبالي – تاجر سعودي – فإن السوق لا زال مذعناً للسعر الأقل، راضياً بالجودة الأقل في أغلب السلع الاستهلاكية المستوردة، وحمل الجبالي ظاهرة التستر، وغياب الضمير لدى بعض التجار والمستوردين المتستر عليهم مسؤولية الدفع بالسوق نحو الإغراق بالبضائع الرديئة، وقال إن الغالبية الساحقة من التجار المستوردين والعاملين بالسوق هم من الأجانب، يعملون تحت التستر التجاري، وهؤلاء هم مسؤولون بشكل مباشر عن إغراق السوق بكافة أنواع البضائع الرديئة، وبين الجبالي أن مزاج السوق لا زال مستسلماً للبضائع الرديئة، وأن مستوى الوعي بأهمية الحصول على سلعة جيدة حتى وإن فرق سعرها عن الرديئة قليلاً لا زال غائباً، مشدداً على أهمية تدخل الجهات الحكومية لمنع السلع الرديئة والمغشوشة من دخول السوق المحلي، وقال: يجب أن يكون لدينا في المملكة تطبيق لمعايير ومواصفات لكافة السلع تتخذ من الجودة منطلقاً، ولا يسمح بدخول أي بضاعة لا ترقى إلى تلك المواصفات. واستبعد أن يؤثر مثل هذا الإجراء في ارتفاع الأسعار، مؤكداً على أن المنافسة الكبيرة في السوق المحلي هي من يتحكم بالأسعار بشكل كبير، وطالب الجبالي بمعالجة ظاهرة التستر كونها كما يرى السبب الرئيسي وراء مشكلات كثيرة يعاني منها السوق المحلي.
مشاركة :