بغداد - أكد التباين في تصريحات المسؤولين العراقيين حول حاجة الدولة إلى الاقتراض لسدّ العجز الكبير في الموازنة الحالية من عدمه، مدى الارتباك الذي تعيشه الدولة العضو في منظمة أوبك بسبب حجم الأزمات الملقاة على عاتق الحكومة. وفي الوقت الذي أكدت فيه اللجنة المالية في البرلمان قبل أسابيع أن الموازنة قد تحتاج إلى جمع ديون من الأسواق الدولية لردم الفجوة المالية، بالتزامن مع احتدام المناقشات حول مسودة مشروع موازنة 2022، أشار مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح إلى أن تحسن الإيرادات النفطية سمح بتمويل العجز بعيدا عن الاقتراض. ويتوقع مشروع الموازنة الحالية أن تبلغ النفقات الكلية للدولة العراقية في 2021 ما قيمته نحو 113 مليار دولار، بعد أن توقع وصول الإيرادات إلى أكثر من 63 مليار دولار. وتعني هذه المعادلة أن قيمة العجز المتوقعة هي نحو 50 مليار دولار. ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى صالح قوله إن “تحسن الإيرادات النفطية سمح بتمويل عجز موازنة العام الجاري بعيدا عن الاقتراض”، بينما تكافح الحكومة من أجل إنجاز المئات من المشاريع. وأضاف أن “سقوف الإنفاق في الموازنة التشغيلية على وجه الخصوص، لا تزال عالية ومستنفدة للإيرادات بما فيها عوائد النفط التي تحسنت لتعوض العجز المخطط في الموازنة، وتمويله بالزيادات في إيرادات النفط بدلا من التوسع بالاقتراض”. ويعتبر البلد النفطي نموذجا للاقتصاد الهش في المنطقة العربية باعتباره يعتمد على ريع النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، ولذلك تأثر بالأزمة ومن الطبيعي أن تبعث المؤسسات المالية الدولية برسائل تحذر من انعدام الأمن المالي للسكان. مظهر محمد صالح: إيرادات النفط لم تسعفنا لإنجاز 6 آلاف مشروع بمئة مليار دولار وتتزايد ضبابية الخروج من المشكلة في ظل استمرار تعثر جهود السلطات للبحث عن بدائل عن إيرادات النفط، بعد أن فقد المواطن العراقي جزءا من الدخل السنوي، في ظل تسارع تبخر مدخرات النقد الأجنبي وجبل الديون. وأوضح صالح أن الإيرادات غير النفطية ما زالت هي الأخرى دون المستوى المخطط لها في دعم إيرادات الموازنة وتنويع الإيرادات من خارج مورد النفط. وأشار إلى أنه مع تزايد سقوف الإنفاق لمصلحة الموازنة التشغيلية، وهي ذات طبيعة استهلاكية غالبا، فإن الفرص المتاحة من تحسن إيرادات النفط لم تزد الفسحة الكافية لتشغيل قرابة 6 آلاف مشروع تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار. وقال صالح إن “تلك المشروعات ستأخذ طريقها الطبيعي إلى التنفيذ بغية تعظيم معدلات النمو الاقتصادي في البلاد ورفع مستويات توظيف العاطلين”. ويؤكد المطلعون على الشأن الاقتصادي العراقي أن ما يتم تخصيصه سنويا لأغراض المشاريع الاستثمارية الحكومية يذهب أكثر من نصفه لاستدامة قطاع الطاقة، والجزء المتبقي تمتصه ضرورات الحفاظ على مشاريع الخدمات البلدية بالحدّ الأدنى. وتتولى الهيئة الوطنية للاستثمار اليوم ودوائر الاستثمار في المحافظات دعم القطاع الخاصة لما له من دور استراتيجي في تنمية البلد، الذي يرزح تحت وطأة مفارقة تتمثل في كونه بلدا نفطيا يمر سكانه بمشكلات معيشية صعبة لم تقدر أي حكومة منذ 2003 على حلّها.
مشاركة :