أثارت التدابير الاستثنائية الجديدة التي أقرها الرئيس التونسي قيس سعيد، في الأمر الرئاسي، الذي نشره مساء أمس الأربعاء في الجريدة الرسمية، ردود فعل تباينت بين التأييد والرفض. واعتبرت حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي، الذي يرأس أيضا البرلمان التونسي المُجمدة أعماله في بيان وزعته مساء اليوم (الخميس) أن الأمر الرئاسي المذكور يُعد "تعليقا فعليا لدستور الجمهورية، وتعويضا له بتنظيم مؤقت للسلطات، ونزوعا واضحا نحو حكم استبدادي مطلق". ووصفت الحركة في بيانها الذي جاء في أعقاب اجتماع طارئ لمكتبها التنفيذي، ما أقدم عليه الرئيس قيس سعيد، بـ "الإنقلاب السافر على الشرعية الديمقراطية وعلى مبادئ الثورة التونسية وقيمها". وكانت الرئاسة التونسية قد نشرت في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء بالجريدة الرسمية (الرائد الرسمي) أمرا رئاسيا حمل الرقم 117 لسنة 2021 يتعلق بالتدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، وتضمن 23 فصلا أدرجت ضمن أربعة أبواب. ونصت تلك الفصول على "مواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب(البرلمان)، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المُسندة لرئيس البرلمان وأعضائه"، إلى جانب تدابير أخرى خاصة بممارسة السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، و"مواصلة العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع هذه التدابير الاستثنائية". كما نص الأمر الرئاسي كذلك على "إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين"، وعلى أن "رئيس الجمهورية سيتولى إعداد مشاريع التعديلات المُتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي". وأكدت حركة النهضة الإسلامية أن "هذا التمشي غير الدستوري يضيف إلى أزمات البلاد المُعقدة أزمة شرعية الحكم، بما يُهدد كيان الدولة التونسية ووحدتها ويدفع بالبلاد إلى منطقة مخاطر عالية غير مسبوقة في تاريخ تونس". وأعربت في هذا الصدد عن رفضها "تأبيد الوضع الاستثنائي، وتجميع الرئيس قيس سعيد لكل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية". وقبل ذلك، اعتبرت أربعة أحزاب تونسية، هي التيار الديمقراطي، وآفاق تونس، والتكتل الديمقراطي، والحزب الجمهوري، أن الأمر الرئاسي المذكور ""يعلق فعليا الدستور، ويلغي كل المؤسسات التعديلية بما في ذلك الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ويمنع الطعن في المراسيم ويكرس الانفراد المطلق بالسلطة". وشددت الأحزاب الأربعة في بيان مُشترك وزعته اليوم على أن ذلك يُعد""خروجا على الشرعية، وانقلابا على الدستور الذي أقسم رئيس الجمهورية على حمايته ودفعا بالبلاد نحو المجهول"". ولم تتردد في المقابل في التأكيد على أن الرئيس قيس سعيد أصبح بذلك ""فاقدا لشرعيته بخروجه عن الدستور""، وحملته ""مسؤولية كل التداعيات الممكنة لهذه الخطوة الخطيرة"". غير أن ذلك لم يمنع الأمين العام لحركة الشعب (16 مقعدا برلمانيا في البرلمان المُجمدة أعماله) زهير المغزاوي، من القول إن التدابير الاستثنائية هي "إصلاحات سياسية مهمة كانت قد طالبت بها مختلف النخب السياسية وحتى البعض من معارضي الرئيس". وأضاف المغزاوي في تصريح نقلته وكالة الأنباء التونسية الرسمية اليوم، أن تلك التدابير الاستثنائية "هي تجسيد لخطاب الرئيس قيس سعيد الذي ألقاه يوم الاثنين الماضي في مدينة سيدي بوزيد، وتفعيل لمطالب حل البرلمان وتعديل الدستور".
مشاركة :